قالت نشرة "نيكاي آسيا" اليابانية، اليوم الأربعاء، إن الصين أصبحت بسرعة السوق الأكبر لاستيراد الغاز الطبيعي المسال في العالم، حيث بات المشترون الصينيون يمثلون 40% من إجمالي عقود الغاز الطبيعي المسال طويلة الأجل من كبار المستوردين. ويرى خبراء أن سوق الغاز الطبيعي ستواصل التوسع خلال العقد الحالي وحتى منتصف العقد الرابع من القرن الحالي.
في هذا الشأن يتوقع معهد اقتصاديات الطاقة الياباني أن يصل الطلب العالمي السنوي على الغاز الطبيعي المسال في جميع أنحاء العالم إلى 488 مليون طن في عام 2030، بزيادة حوالي 40% عن مستوياتها في العام 2020، لكنه يقول إن الإمدادات العالمية في طريقها لتقليص الطلب بمقدار 7.6 ملايين طن شهرياً في عام 2025. وتتحوط شركات الطاقة الصينية لإمدادات الغاز المسال عبر توقيع صفقات طويلة الأجل مع كبار المصدرين للغاز المسال في أميركا وقطر.
في هذا الشأن، ذكرت شركة الأبحاث النرويجية "رايستاد إنيرجي"، أن الشركات الصينية نفذت خلال عامي 2021 و2022 عقود شراء طويلة الأجل للغاز الطبيعي المسال بقيمة تقارب 50 مليون طن سنوياً. وبهذه الكمية تكون الصين قد ضاعفت حجم مشترياتها من الغاز المسال ثلاث مرات في عامين فقط، حيث ارتفع حجم مشترياتها من حوالي 16 مليون طن سنوياً في المتوسط بين أعوام 2015 و2020 إلى 50 مليون طن سنوياً في العام الماضي.
وكانت مجموعة سينوبك الصينية العملاقة للطاقة قد وقعت في العام الماضي اتفاقية مدتها 27 عاماً مع شركة "قطر للطاقة" لشراء 4 ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً. ومن المقرر أن تبدأ قطر للطاقة توريد الغاز المسال للشركة في العام 2026. كما تتفاوض الصين أيضاً للاستثمار في مشروع قطري ضخم لتوسيع إنتاج الغاز الطبيعي المسال.
وعلى الصعيد نفسه، وحسب نشرة "نيكاي" اليابانية، وقعت شركة الطاقة الصينية، مجموعة "إي أن أن"، التابعة للقطاع الخاص، عقداً في العام الماضي مع شركة "إنيرجي ترانسفر ــ Energy Transfer" الأميركية في تكساس لشراء 2.7 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً ولمدة 20 عاماً، كما رفعت حجم مشترياتها من شركة "نيكست ديكيد"، التي يوجد مقرها الرئيسي أيضاً في تكساس إلى مليوني طن سنوياً لمدة 20 عاماً. بالإضافة إلى ذلك، وافقت "نيكست ديكيد" على توريد مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً إلى شركة "تشانيا غاز هولدينغ ــ China Gas Holdings"، التي تعد بلدية مدينة بكين المساهم الرئيسي فيها. ومن المقرر أن تبدأ واردات غاز هذه الصفقة في أواخر العقد الثالث من القرن الحالي.
وفي عامي 2020 و2021، شكلت المعاملات الفورية في تجارة الغاز بالصين نسبة راوحت بين 40% و50% من إجمالي حجم التجارة الفورية العالمية في الغاز الطبيعي، وهي نسبة أعلى بكثير من نسبة 30% لليابان. وعدلت الصين استراتيجيتها في عقود الغاز لتلائم الطلب طويل الأجل المتوقع للغاز الطبيعي، إذ توفر العقود طويلة الأجل مزيدًا من الاستقرار في الإمدادات مقارنة بالعقود الفورية.
وفي عام 2021، تجاوزت الصين اليابان كأكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم. لكن في العام الماضي تراجعت الواردات على ما يبدو بنسبة 18% إلى حوالي 65 مليون طن بسبب التداعيات الاقتصادية لتفشي جائحة كورونا. ولكن من المتوقع أن يكون طلب الصين على الغاز الطبيعي في عام 2030 أعلى بنسبة تزيد عن 50% عما كان عليه طلب الغاز في عام 2021.
ورغم التوتر الشديد بين بكين وواشنطن بشأن تايوان وحرب أوكرانيا وسلاسل التوريد، يبدو أن الغاز المسال يقرب بين الصين والولايات المتحدة التي أصبحت مصدرا رئيسيا للغاز الطبيعي إلى بلاد التنين.
وسط الجهود العالمية للحد من انبعاثات الكربون، تقاربت العديد من البلدان على الغاز الطبيعي كوقود نظيف نسبياً.
وتعالج الوحدة الصينية خطر الانقطاع عن سلسلة توريد الغاز الطبيعي المسال في وقت تعمل فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها على إنشاء سلاسل توريد خالية من الصين لأشباه الموصلات. يُنظر إلى العقود طويلة الأجل على أنها تحوط ضد مثل هذه الاضطرابات. ومن المفارقات أن الولايات المتحدة هي بالفعل أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال للصين بناءً على عقود طويلة الأجل. الولايات المتحدة هي نفسها التي عززت بقوة سلاسل التوريد البديلة لأشباه الموصلات التي تتجاوز بكين والتي شنت حملة على الهندسة العكسية الصينية للتكنولوجيا الأميركية.
وكانت بكين قد فرضت تعرفة جمركية بنسبة 25% على الغاز الطبيعي المسال الأميركي في عام 2019 أثناء الحرب التجارية بينهما ولكنها تراجعت عن ذلك في العام 2020.