عام من حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة: 42 مليون طن من الركام بعد تدمير 75% من المباني
استمع إلى الملخص
- الأزمة الاقتصادية والبيئية: تسببت الحرب في تراكم 42 مليون طن من الركام، وارتفاع البطالة إلى 80%، مما أدى إلى ارتفاع نسبة الفقر إلى 100% وتدمير القطاع الاقتصادي.
- الأزمة الصحية والإنسانية: دمرت الهجمات 34 مستشفى و80 مركزاً صحياً، مما أدى إلى تدهور الخدمات الصحية وانتشار الأمراض، مع نقص حاد في الغذاء ووفاة عشرات الأطفال بسبب سوء التغذية.
مع دخول حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة عامها الأول، حولت آلة الحرب الإسرائيلية مناطق وأحياء سكنية كاملة إلى كومة من الركام مستهدفة بذلك المباني والأبراج السكنية والمؤسسات الحكومية والخاصة والقطاع الاقتصادي.
ويمعن الجيش الإسرائيلي بهجماته الجوية والبرية العنيفة التي تستهدف منازل مأهولة وتجمعات للفلسطينيين من دون سابق إنذار في مناطق مختلفة من قطاع غزة، ما يوقع خسائر بشرية ومادية كبيرة، أسفرت عن أكثر من 138 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال. كما أن هذه الهجمات تستهدف في غالبية الأحيان مناطق زعمت إسرائيل أنها "مناطق إنسانية آمنة"، وأجبرت الفلسطينيين على النزوح إليها في ظل ظروف صحية ومعيشية غير إنسانية.
وفيما يلي رصد للخسائر المادية والاقتصادية في قطاع غزة بعد عام من حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع.
42 مليون طن من ركام المباني المدمرة في غزة
فوق أنقاض منزله الذي كان يوماً مكوناً من طابقين، يجمع محمد البالغ من العمر 11 عاماً قطعاً من السقف المتساقط في دلو مكسورة ويسحقها لتتحول إلى حصى سيستخدمه والده في صنع شواهد قبور لضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. ويقول والده جهاد شمالي، عامل البناء السابق البالغ من العمر 42 عاماً، لوكالة رويترز/ بينما كان يقطع معادن انتشلها من منزلهم في مدينة خان يونس بجنوب قطاع غزة، والذي تضرر خلال غارة إسرائيلية في إبريل/ نيسان: "بنجيب الدبش مش كرمال نبني فيه دور، لا، لبلاط الشهداء (شواهد القبور) وللمقابر، يعني من مأساة لمأساة".
العمل شاق، وفي بعض الأحيان كئيب. وفي شهر مارس/ آذار، قامت أسرة شمالي ببناء قبر لأحد أبنائها وهو إسماعيل الذي قُتل أثناء أداء بعض المهام المنزلية. لكن هذا يشكل أيضاً جزءاً صغيراً من جهود بدأت تتبلور للتعامل مع الأنقاض التي تخلفها الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الاول الماضي.
وتقدر الأمم المتحدة أن هناك أكثر من 42 مليون طن من الركام، بما في ذلك مبانٍ مدمرة لا تزال قائمة وبنايات منهارة. وقالت الأمم المتحدة إن هذا يعادل 14 مثل كمية الأنقاض المتراكمة في غزة بين 2008 وبداية الحرب قبل عام، وأكثر من خمسة أمثال الكمية التي خلفتها معركة الموصل في العراق بين عامي 2016 و2017.
وإذا تراكمت هذه الكمية فإنها قد تملأ الهرم الأكبر في الجيزة، أكبر أهرام مصر، 11 مرة. وهي تتزايد يومياً. وقال ثلاثة مسؤولين في الأمم المتحدة إن المنظمة الدولية تحاول تقديم المساعدة في الوقت الذي تدرس فيه السلطات في قطاع غزة كيفية التعامل مع الأنقاض. وتخطط مجموعة عمل لإدارة التعامل مع الحطام تقودها الأمم المتحدة لبدء مشروع تجريبي مع السلطات الفلسطينية في خانيونس ومدينة دير البلح بوسط قطاع غزة لبدء إزالة الحطام من جوانب الطرق هذا الشهر.
وقال أليساندرو مراكيتش، رئيس مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في غزة والمشارك في رئاسة مجموعة العمل "التحديات جسيمة... ستكون عملية ضخمة، ولكن في الوقت نفسه، من المهم أن نبدأ الآن".
خيام وسط الأنقاض
على الأرض، تتراكم الأنقاض عالياً فوق مستوى المشاة والعربات التي تجرها الحمير على المسارات الضيقة المليئة بالأتربة والتي كانت في السابق طرقاً مزدحمة. وقال يسري أبو شباب وهو سائق سيارة أجرة بعد أن أزال ما يكفي من الحطام من منزله في خانيونس لإقامة خيمة "مين راح ييجي هنا مشان يزيل الأنقاض لنا؟ ولا حدا، مشان هيك إحنا بنقوم بها الشي بأنفسنا".
تقدر الأمم المتحدة أن هناك أكثر من 42 مليون طن من الركام، بما في ذلك مبانٍ مدمرة لا تزال قائمة وبنايات منهارة
وبحسب بيانات الأقمار الصناعية للأمم المتحدة، فإن ثلثي مباني غزة التي بنيت قبل الحرب، أي ما يزيد على 163 ألف مبنى، تضررت أو سويت بالأرض. ونحو ثلثها كان من البنايات متعددة الطوابق.
وبعد حرب استمرت سبعة أسابيع في غزة عام 2014، تمكن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وشركاؤه من إزالة ثلاثة ملايين طن من الحطام، أي 7% من إجمالي الركام الآن. وأشار مراكيتش إلى تقدير أولي غير منشور ذكر أن إزالة 10 ملايين طن من الحطام ستكلف 280 مليون دولار، وهو ما يعني نحو 1.2 مليار دولار إجمالاً إذا توقفت الحرب الآن. وأشارت تقديرات الأمم المتحدة في إبريل/ نيسان إلى أن إزالة الأنقاض سوف تستغرق 14 عاماً.
تدمير واسع يفاقم أزمة الإسكان
يواصل الجيش الإسرائيلي قصف القطاع بالأسلحة المحرمة وأسلحة أميركية أبرزها: قنابل من نوع GBU-28، والقنابل الموجهة بنظام GPS بهدف تدمير البنية التحتية، وقنابل الفوسفور الأبيض، والقنابل الغبية أو غير الموجهة، وقنابل "جدام – JDAM" الذكية، وفق ما أعلنه المكتب الحكومي في 1 سبتمبر الماضي. هذا القصف سبَّب تدمير أكثر من 75 % من القطاع الإسكاني والمستشفيات والمدارس والكنائس، بحسب ذات المصدر.
وبحسب تقييمات الأضرار التي أجراها باحثون في مركز الدراسات العليا في جامعة مدينة نيويورك وجامعة ولاية أوريغون، ونشرتها مواقع أجنبية، فإن أكثر من نصف المباني في جميع أنحاء قطاع غزة تعرضت لأضرار، وارتفعت النسبة إلى ما يقرب من 80 % في مدينة غزة. ومن أصل 400 ألف وحدة سكنية في القطاع، دمر الجيش الإسرائيلي نحو 150 ألف وحدة كلياً، و200 ألف وحدة جزئياً، بينما سبّب تحول 80 ألف وحدة لأماكن غير صالحة للسكن.
هذه المنطقة الجغرافية الضيقة التي تبلغ مساحتها 365 كيلومتراً مربعاً ويعيش فيها نحو 2.3 مليون نسمة، كانت تعاني قبل اندلاع الحرب أزمة كبيرة في الإسكان، حيث بلغت نسبة العجز 120 ألف وحدة سكنية حتى مطلع عام 2023 .
وبحسب رصد وكالة الأناضول، فإن عدد الوحدات التي يحتاج إليها قطاع غزة في الوقت الحالي جراء الحرب تبلغ 270 ألف وحدة على الأقل وهو مجموع إجمالي العجز مع ما تم تدميره كلياً. فيما يحتاج إلى إعادة تأهيل أو إعادة بناء نحو 280 ألف وحدة، وهي مجموع ما دُمر جزئيا إضافة إلى الوحدات غير الصالحة للسكن.
القصف سبّب تدمير أكثر من 75 % من القطاع الإسكاني والمستشفيات والمدارس والكنائس في غزة بحسب المكتب الحكومي
إلى جانب ذلك، سعى الجيش الإسرائيلي إلى تدمير ملامح الحياة بغزة حيث حول القطاع وفق تصريحات مسؤولين أمميين إلى منطقة "غير صالحة للعيش". وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي، دَمّر الجيش 3 كنائس، و611 مسجداً كلياً و214 جزئياً، و206 مواقع أثرية وتراثية، و 36 منشأة وملعباً وصالة رياضية. كما دمر 125 مدرسة وجامعة بالكامل، و337 جزئياً، فضلاً عن تدمير كامل لنحو 201 مقر حكومي، وفق المكتب.
جثث مطمورة في الركام
قال مراكيتش لوكالة رويترز، إن الحطام يحتوي على جثث غير منتشلة وقنابل غير منفجرة. وتقول وزارة الصحة في قطاع غزة إن عدد تلك الجثث قد يصل إلى عشرة آلاف. وتقول اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن التهديد "واسع النطاق"، ويقول مسؤولون في الأمم المتحدة إن بعض الحطام يشكل خطراً كبيراً بالتعرض للإصابة.
ووفقاً لوزارة الصحة في قطا غزة اليوم الأحد، فقد ارتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى 41 ألفاً و870 شهيداً و97 ألفاً و166 مصابين منذ 7 أكتوبر /تشرين الأول الماضي.
يعيش نزار زعرب من خانيونس مع ابنه في منزل لم يتبق منه سوى سقف مائل بزاوية خطيرة. وقال برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن ما يقدر بنحو 2.3 مليون طن من الحطام ربما تكون ملوثة، مستنداً إلى تقييم لمخيمات اللاجئين الثمانية في قطاع غزة والتي تعرض بعضها للقصف. ويمكن أن تسبب ألياف الأسبستوس سرطان الحنجرة والمبيض والرئة عند استنشاقها. وسجلت منظمة الصحة العالمية نحو مليون حالة من حالات التهابات الجهاز التنفسي الحادة في قطاع غزة خلال العام المنصرم من دون أن تحدد عدد الحالات المرتبطة بالغبار.
وقالت بسمة أكبر وهي متحدثة باسم منظمة الصحة العالمية إن الغبار يشكل "مصدر قلق كبيراً" يمكن أن يلوث المياه والتربة ويؤدي إلى أمراض الرئة. ويخشى الأطباء من ارتفاع حالات الإصابة بالسرطان والتشوهات الخلقية في المواليد بسبب تسرب المعادن في العقود المقبلة. وقال متحدث باسم برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن لدغات الثعابين والعقارب والتهابات الجلد الناجمة عن ذباب الرمل تشكل مصدر قلق.
نقص الأراضي والمعدات
استُخدمت أنقاض في السابق للمساعدة في بناء الموانئ البحرية. وتأمل الأمم المتحدة الآن في إعادة تدوير جزء منها لبناء شبكات الطرق وتعزيز الخط الساحلي. ويقول برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن قطاع غزة، يفتقر إلى المساحة اللازمة للتخلص من النفايات والركام.
وتقع مكبات النفايات الآن في مناطق تسيطر عليها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وقال مراكيتش إن المزيد من إعادة التدوير يعني المزيد من الأموال لتمويل المعدات مثل الكسارات الصناعية. ولا بد أن تدخل هذه المعدات إلى قطاع غزة عبر نقاط عبور تسيطر عليها إسرائيل. وتحدث مسؤولون حكوميون عن نقص في الوقود والآلات بسبب القيود الإسرائيلية التي تبطئ جهود إزالة الأنقاض. وقال المتحدث باسم برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن إجراءات الموافقة المطولة "عائق رئيسي".
هجمات الجيش الإسرائيلي أخرجت 34 مستشفى و80 مركزاً صحياً عن الخدمة، كما استهدف 162 مؤسسة صحية و131 سيارة إسعاف.
ويقول برنامج الأمم المتحدة للبيئة إنه يحتاج إلى إذن أصحاب الممتلكات لإزالة الأنقاض، لكن حجم الدمار أدى إلى طمس الحدود بينها كما فقدت بعض السجلات العقارية أثناء الحرب. وقال مراكيتش إن العديد من الجهات المانحة أبدت اهتمامها بالمساعدة منذ اجتماع استضافته الحكومة الفلسطينية في الضفة الغربية في 12 أغسطس/ آب، من دون أن يسمي هذه الجهات. وقال مسؤول في الأمم المتحدة طلب عدم ذكر اسمه لتجنب التأثير سلباً على الجهود الجارية "الجميع قلقون بشأن ما إذا كان ينبغي الاستثمار في إعادة إعمار غزة إذا لم يكن هناك حل سياسي".
تدمير القطاع الصحي
يأتي ذلك وسط ظروف صحية صعبة يعانيها القطاع جراء نقص الأدوية والمستلزمات الطبية والتدمير الممنهج للمستشفيات المركزية والصغيرة في القطاع، حيث تقول منظمة الصحة العالمية، إن 17 مستشفى من أصل 36 في غزة ما زالت تعمل جزئياً، فيما يتم في أغلب الأحيان تعليق خدمات الرعاية الصحية الأولية والمجتمعية بسبب انعدام الأمن، والهجمات الإسرائيلية، وأوامر الإخلاء المتكررة. لكن المكتب الإعلامي الحكومي يقول إن هجمات الجيش الإسرائيلي أخرجت 34 مستشفى و80 مركزاً صحياً عن الخدمة، كما استهدف 162 مؤسسة صحية و131 سيارة إسعاف.
تدمير مرافق المياه
حتى يونيو/ حزيران الماضي، قدرت وكالة "أونروا" أن 67 % من مرافق المياه والصرف الصحي والبنية التحتية في قطاع غزة مدمرة أو متضررة جراء الحرب. وبحسب تقرير لمنظمة "أوكسفام" في يوليو/ تموز الماضي، فإن الحرب أدت إلى إتلاف أو تدمير 5 مواقع للبنية التحتية للمياه والصرف الصحي كل ثلاثة أيام منذ بداية الحرب.
وبحسب بيان مشترك للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وسلطة جودة البيئة، في 5 يونيو/ حزيران الماضي، فإن إجمالي المياه المتوفرة في قطاع غزة تقدر بنحو 10-20 % من مجمل المياه المتاحة قبل العدوان. وبذلك تراجعت حصة الفرد الفلسطيني في القطاع من المياه بنسبة 94 % خلال الحرب، حيث لا يستطيع المواطن في قطاع غزة بحسب منظمة "أوكسفام"، الوصول إلا بصعوبة إلى 4.74 لترات من المياه يومياً، مقارنة بوصوله إلى نحو 26.8 لتراً يومياً لعام 2022، وفق تقرير سابق للجهاز.
يستخدم الجيش الإسرائيلي التجويع سلاحاً لقتل الفلسطينيين في حرب الإبادة الجماعية التي يمارسها ضدهم في غزة
وتبقى حصة الفرد الفلسطيني في غزة ضئيلة بموجب ما أقرته منظمة الصحة العالمية من حق كل فرد الحصول على 120 لتراً يومياً، بما يشمل الاستخدام الشخصي والمنزلي. ويتعمد الجيش الإسرائيلي استخدام التعطيش سلاحاً ضد الفلسطينيين في حرب الإبادة، وفق ما أفاد به مسؤولون حقوقيون، فيما صنفته "أوكسفام" ضمن "جرائم الحرب"، حيث يواصل الجيش منع دخول الوقود اللازم لتشغيل محطات المياه المتبقية في القطاع، إلا بكميات شحيحة جداً ما يعيق من وصول الفلسطينيين إلى حصتهم القليلة.
وأشارت "أوكسفام"، في التقرير نفسه، إلى أن تدمير البنية التحتية للمياه والكهرباء والقيود المفروضة على دخول قطع الغيار والوقود (في المتوسط خمس الكمية المطلوبة المسموح بدخولها) إلى انخفاض إنتاج المياه بنسبة 84 % في غزة، حيث تضررت أو دمرت 88 % من آبار المياه و100 % من محطات تحلية المياه. وفي السياق، انخفضت الإمدادات الخارجية للمياه من شركة المياه الإسرائيلية "مكوروت" بنسبة 78%.
شبكات الصرف الصحي
منذ الحرب، بلغت نسبة ما دمرته إسرائيل من مضخات الصرف الصحي نحو 70 %، فضلاً عن تدمير 100 % من جميع محطات معالجة مياه الصرف الصحي ومخبرات اختبار جودة المياه، وفق تقرير "أوكسفام". وسبّب هذا التدمير الواسع تسرب المياه العادمة إلى الشوارع وخيام النازحين، حيث تتفاقم هذه المأساة في فصل الشتاء، ما يسبّب انتشار الأمراض في صفوف النازحين، وهذه تهمة وجهها الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى إسرائيل، في مارس/ آذار الماضي، بتعمد "نشر الأوبئة بغزة".
وحتى يوليو/ تموز الماضي، عانى أكثر من ربع سكان غزة، وفق أوكسفام، "أمراضاً خطيرة" كان يمكن الوقاية منها بسهولة؛ لكن انتشرت بسبب نقص المناعة المتزامن مع تسرب المياه العادمة وشح المياه اللازم للتنظيف والاستخدام الشخصي. بينما وصل عدد من أصيبوا بالأمراض المعدية إلى أكثر من مليون و730 ألفاً من أصل مليوني نازح، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
كما ظهر مرض شلل الأطفال في القطاع لأول مرة منذ 25 عاماً في أغسطس/ آب الماضي، ما دق ناقوس الخطر ودفع المؤسسات الصحية الدولية إلى توفير التطعيمات وإطلاق حملة تطعيم في القطاع بالتعاون مع وزارة الصحة.
التجويع سلاح آخر
إلى جانب التعطيش، يستخدم الجيش الإسرائيلي التجويع سلاحاً لقتل الفلسطينيين في حرب الإبادة الجماعية التي يمارسها ضدهم في غزة، وسط إدانة أممية ودولية لذلك. ومنذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حينما تشكلت ملامح المجاعة والتي بدأت في محافظتي غزة والشمال بسبب الحصار المشدد المفروض عليهما، تتواصل هذه الظروف الغذائية الصعبة التي سبَّبت موت نحو 36 طفلاً بسبب سوء التغذية.
وفي يونيو الماضي، قالت أونروا في بيان إن أكثر من 50 ألف طفل في القطاع في حاجة ماسة إلى العلاج من سوء التغذية الحاد، وذلك من أصل مليون و67 ألفاً و986 طفلاً دون سن 18 عاماً، وفق تقرير للجهاز المركزي الفلسطيني. وتتواصل حلقة التجويع في ظل منع إسرائيل وصول المساعدات الغذائية إلى غزة إلا بكميات شحيحة، إضافة إلى استهداف المخازن الغذائية التي كانت توجد في القطاع والمخابز وشاحنات المساعدات والجوعى الذين ينتظرون دورهم للحصول على مساعدات.
وبحسب تقرير نشرته "اوكسفام" في 6 سبتمبر الماضي، فإن 1 من كل 5 أشخاص يعيشون في غزة يواجهون "مستويات كارثية" من الجوع، فيما قال برنامج الأغذية العالمي، في يوليو الماضي، إن نصف مليون شخص في القطاع يواجهون "مستويات كارثية" من الجوع. وبينما كان يصل قطاع غزة نحو 600 شاحنة محملة بالمواد الغذائية يومياً قبل اندلاع الحرب، تقلصت الأعداد إلى نحو 50 شاحنة أو أقل، فيما تمنع إسرائيل في بعض الأيام دخولها.
ولا يتوقف الأمر على شح كميات الغذاء الواصلة إلى القطاع، إنما يتعلق أيضاً بنوعيته حيث يعتمد غالبية الفلسطينيين هناك على المعلبات التي في العادة تخلو من العناصر الغذائية المهمة وتحتوي على المواد الحافظة الضارة التي تخفض من مستويات المناعة. وتشير منظمات أممية إلى تقليص العائلات الفلسطينية بغزة لوجبات الغذاء اليومية وسعراتهم الحرارية كثيراً، من دون تحديدها.
التدمير الاقتصادي
دمرت إسرائيل بصورة ممنهجة القطاع الاقتصادي بما فيه المنشآت والمصانع والمزارع وأسواق الأسماك، ما سبّب خسائر مالية أولية مباشرة قدرها المكتب الإعلامي الحكومي بغزة بحوالي 33 مليار دولار. وبحلول يناير/كانون الثاني الماضي الماضي، سبّبت الحرب فقدان نحو ثلثي الوظائف التي كانت موجود قبل اندلاعها، وفق ما ذكره تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد).
وإثر ذلك ارتفعت نسبة البطالة في القطاع من 45 % قبل الحرب إلى 80 % بعد الحرب، وفق تقرير لمنظمة العمل الدولية في يونيو الماضي. وبذلك تكون نسبة الفقر في القطاع بحسب تقرير أونكتاد ارتفعت إلى 100 %، بينما كانت 50 % قبل الحرب وفق أرقام المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان. ووفق أونكتاد، تضرر ما نسبته 80 -96 % من الأصول الزراعية في القطاع، بما في ذلك أنظمة الري ومزارع الماشية والبساتين والآلات ومرافق التخزين، ما أدى إلى شل القدرة على إنتاج الغذاء وتفاقم مستويات انعدام الأمن الغذائي المرتفعة بالفعل.
وأوضح تقرير أونكتاد أن 82 % من الشركات في غزة، التي تشكل محركاً رئيسياً للاقتصاد، مؤكداً أن الحرب "وضعت اقتصاد القطاع في حالة خراب".
(رويترز، الأناضول، العربي الجديد)