الصومال: مخاوف من خسائر باهظة لأسواق الماشية

14 يوليو 2021
فتاة صومالية تقف في سوق للإبل حيث تنشط المبيعات في موسم عيد الأضحى (Getty)
+ الخط -

مع قرب حلول موسم عيد الأضحى في الصومال، تنتعش آمال تجار الماشية في تحقيق أرباح جيدة هذا الموسم بعدما واجهوا خسائر مالية باهظة الموسم الماضي، بسبب الإغلاق العام نتيجة جائحة كورونا ومنع تصدير ماشيتهم إلى دول مجلس التعاون الخليجي، خصوصاً السعودية التي كانت تستورد من الصومال الأضاحي لنحرها في عيد الأضحى، إلّا أنّ الجائحة أوقفت عام 2020 حركة تصدير المواشي من القرن الأفريقي إلى الأسواق الخليجية.
وتصل المواشي إلى أسواق العاصمة مقديشو من كل حدب وصوب، استعداداً للاستهلاك المحلي الذي يتوقع أن يفوق هذا العام نسبة تصدير الماشية إلى الخارج بسبب قلة الطلب الخارجي وكثرة المعروض من المواشي، التي وصلت إلى سوق "دينيلي" جنوبي مقديشو من جميع المدن الصومالية.
ويبحث التجّار عن أرباح مالية بعد سنة من الانكماش الاقتصادي، وهو ما أدى إلى انخفاض أسعار الماشية، إذ تتراوح أسعار الأغنام ما بين 50 دولاراً و130 دولاراً أميركياً للرأس الواحد.

قلق ممزوج بالأمل
يخشى كثير من تجار الماشية من موجة خسائر جديدة هذا العام، من المحتمل أن تفاقم أوجاعهم الاقتصادية؛ إذ يتخوفون من تراجع المبيعات في أسواق المواشي، بسبب كثرة المعروض، وهو ما لا يمكن تعويضه نظراً لكلفة نقل الماشية المرتفعة نسبياً من المدن والقرى النائية إلى المدن الكبيرة. ورغم ذلك تبقى آمال بعض التجار معلقة لانتعاش تجارتهم هذا العام، بعد بدء موسم الأضاحي؛ إذ يمكن أن يصدّر الصومال المواشي إلى كلّ من السعودية وسلطنة عُمان.

يقول محمود دبري، وهو تاجر ماشية منذ عشرين عاماً، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "مؤشرات هذا العام تحدد أنّ المعروض من المواشي في الأسواق سيكون كبيراً خلال الموسم الجاري، وأنّ المواشي التي تصدّر إلى الخارج، باتت نسبتها قليلة جداً، بسبب جائحة كورونا وتقليص أعداد الحجاج بشكل كبير في السعودية، لكنّ أسعار المواشي ما زالت مفتوحة حتى الآن". ويشير دبري إلى أنّ الاستهلاك المحلي هو أمل تجار الماشية في البلاد، إذ يعولون على الإقبال المحلي كما حدث العام الماضي، عندما أغلقت الأسواق الخليجية أمام استقبال مواشي الصومال، مضيفاً: "الهيئات الإنسانية بدأت باستهلاك المواشي، لنحرها في العيد وتوزيع لحومها على الفقراء والنازحين في ضواحي العاصمة".
من جهته، يقول طاهر صلاد، وهو أحد تجَّار الماشية في سوق "دينيلي" في حديث مع "العربي الجديد": "نجمع المواشي من المدن الجنوبية والوسطى في البلاد، وتكمن المشكلة خلال هذه الفترة في تراجع الأسعار بسبب توقف حركة التصدير إلى الخارج". وحول أسعار المواشي، يقول صلاد إنّها متفاوتة بحسب الوزن، فبعض الغنم يباع بنحو 160 دولاراً وهذا هو الصنف الأول من المواشي، لكن، هناك حركة من المواشي الآتية إلى هذا السوق من الخارج، وهو ما يمكن أن يخفض الأسعار.

مشاكل عدة
وفق توقعات رسمية، يمكن أن يستعيد هذا القطاع عافيته في القريب العاجل، بسبب تراجع الجائحة من جهة، وهطول الأمطار في أنحاء متفرقة من البلاد، من جهة أخرى، وهو ما قد يحدّ من مشكلة التصحر والجفاف في بعض المناطق، ويحول المساحات الجافة إلى مراعٍ خضراء تقتات منها المواشي الصومالية، التي تعتمد على الكلأ الطبيعي بدلاً من تربيتها في حدائق وحظائر. وتواجه تجارة الماشية في البلاد بشكل عام مشاكل عدة لا تقتصر فقط على جائحة كورونا، بل تتمثل أيضاً في عدم تلقي الماشية تحصينات ضد الفيروسات، هذا فضلاً عن نفوق آلاف منها بسبب مشكلة الجفاف أو الفيضانات المتكررة في البلاد، وهو ما يعرقل ازدهار تجارة الماشية محلياً وخارجياً.


تداعيات استمرار الجائحة
ويقول الباحث الاقتصادي، محمد باري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "تصدير المواشي الصومالية إلى الخارج هو البديل المتاح حالياً لرفع الإنتاج المحلي، وهناك عقبات كثيرة تواجه هذا القطاع، خصوصاً من قبل الدول التي تستورد ماشية الصومال، لأسباب منها أنّ الماشية المحلية تعاني من فيروسات ولم تخضع بشكل جيد للقاحات الضرورية لتحصينها من الأمراض، هذا إلى جانب اندلاع الأزمة الخليجية عام 2018، وبسببها توقف تصدير الماشية المحلية إلى السعودية، فضلاً عن جائحة كورونا التي أثّرت سلباً بشكل كبير على هذا القطاع". ويشير باري إلى أنّ استمرار جائحة كورونا يمكن أن ينهش هذا القطاع للعام الثاني على التوالي، وبشكل كبير، لكن مع قرب تصدير آلاف رؤوس الماشية إلى سلطنة عُمان والسعودية يمكن أن يشكل هذا بارقة أمل جديدة لتجار البلاد.
وتشكل الثروة الحيوانية العمود الفقري لاقتصاد الصومال، إذ تمثل ثلاثة أرباع صادرات البلاد للخارج. ويمتلك الصومال 7 ملايين رأس إبل، كما يمتلك 40 مليون رأس ماشية من بقر وغنم وماعز. وتساهم هذه الثروة بنحو 40 في المائة من إجمالي الناتج المحلي رغم العقبات التي تواجه الاقتصاد الصومالي منذ انهيار الدولة المركزية عام 1991.

المساهمون