ينتظر أن يشمل مشروع الموازنة العامة الجديد المقرر عرضه على البرلمان المغربي قبل نهاية الأسبوع الجاري، تدبيرا يقضي بخفض الضريبة على الأدوية، بما يساهم في خفض الأسعار.
لا يعرف الحد الذي سيصل إليه خفض تلك الضريبة، غير أن وزارتي الموازنة، والصحة والحماية الاجتماعية، اشتغلتا على تصور يتعلق بها من أجل خفض الأسعار، الذي ينتظر أن يسري اعتبارا من يناير/كانون الثاني المقبل، في حال أجاز البرلمان ذلك التدبير.
لن يقتصر ذلك على الأدوية فقط، بل سيشمل المنتجات الصحية والمستلزمات الطبية وشبه الطبية المستوردة، علما أن المغرب يسعي إلى تأمين مخزون استراتيجي من الأدوية التي تعتبر ضرورية لعلاج بعض الأمراض.
ودأبت السلطات العمومية في العشرة أعوام الأخيرة على خفض أسعار الأدوية، عبر تحديد أسعار جديدة للعموم، وخلق نوع من الانسجام بين القواعد المطبقة على الأدوية المصنعة محليا والمستوردة.
غير أن نفقات الصحة واصلت الارتفاع في العامين الأخيرين، فقد ارتفعت تلك النفقات سنويا 10.9 في المائة، حسب تقرير صادر في الأسبوع الماضي عن المندوبية السامية للتخطيط (حكومية)، والتي تعزو ذلك إلى ارتفاع كلفة نفقات التدابير الوقائية للحد من انتشار كورونا.
وتمثل الأدوية نسبة 34 في المائة ضمن مجمل نفقات الأسر على الصحة، حسب بيانات رسمية، بل إن مؤسسة الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، أكدت أن المواطن يؤدي ما يفوق 57 في المائة من أجل الحصول على العلاج.
وتعتبر تلك المؤسسة في تقرير لها حول السياسة الصحية أن المواطن يؤدي 47 في المائة كهامش ربح على الدواء، على اعتبار أن الصيدلي يحقق هامشا في حدود 30 في المائة والموزع 10 في المائة، بينما يفي بضريبة على القيمة المضافة في حدود 7 في المائة.
وخلص تقرير برلماني إلى أن تطبيق ضريبة على القيمة المضافة في حدود 7 في المائة يرفع الأسعار، هذا في الوقت الذي يعاني المستهلك من ضعف القدرة الشرائية، في ظل غياب التغطية الصحية وعدم الاستفادة من التعويضات الخاصة ببعض الخدمات الصحية.
ويعتبر رئيس الشبكة المغربية من أجل الحق في الصحة، على لطفي، أن التوجه الذي تنوي الحكومة السير عليه، ينسجم من حيث المبدأ مع المطلب الذي تعبر عنه الشبكة بهدف تخفيف تحمّلات المرضى والأسر.
ويضيف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المغرب من بين البلدان القليلة التي تطبق ضريبة على القيمة المضافة في حدود 7 في المائة، بينما لا تسري تلك الضريبة على الأدوية في بلدان أخرى.
ولاحظ التقرير البرلماني أن الضريبة على القيمة المضافة على الأدوية تصل إلى 6 في المائة في بلجيكا و5 في المائة في البرتغال و4 في المائة في إسبانيا و2.1 في المائة في فرنسا و0 في المائة في المملكة العربية السعودية.
ويتصور لطفي أن تطبيق معدل الضريبة على القيمة المضافة الحالي يزيد في رفع سعر الأدوية، مشيرا إلى أن سعر أدوية علاج السرطان يصل إلى أربعمائة دولار.
ويشير إلى أن التأثير على الضريبة بهدف خفض أسعار الدواء غير كافٍ، حيث يتوجب العمل على التحكم في عوامل أخرى، من قبيل إيرادات المهنيين في الدواء التي توفر لهم هوامش أرباح كبيرة.
ويؤكد مصدر مطلع لـ"العربي الجديد" أن الحكومة قد تعمد إلى إلغاء حقوق الجمارك على الأدوية المستوردة، مشيرا إلى أن ذلك يعتبر وسيلة من بين آليات أخرى قيد الدرس من أجل خفض أسعار الأدوية.
خلص تقرير برلماني إلى أن تطبيق ضريبة على القيمة المضافة في حدود 7 في المائة يرفع الأسعار، هذا في الوقت الذي يعاني المستهلك من ضعف القدرة الشرائية
وتتراوح رسوم الجمرك بين 0.25 في المائة بالنسبة للواردات من الاتحاد الأوروبي و2.75 في المائة بالنسبة لتلك الآتية من آسيا، حيث تعتبر هذه المعدلات مخفضة قياسا بمعدلات عامة تطبق على سلع أخرى، حيث يمكن أن تصل إلى 40 في المائة.
وينتظر أن توضح الحكومة، حسب ذات المصدر، توجهها في ما يتصل بالرسوم الجمركية على واردات الأدوية، في الفترة المقبلة، علما أن وزارة الصحة أطلقت دراسة بهدف بحث طرق خفض الأدوية.
ويأتي التوجه نحو خفض أسعار الأدوية بالمغرب في سياق متسم بتعميم التغطية الصحية، حيث ينتظر أن ترتفع نفقات الأدوية لمؤسسات الرعاية الاجتماعية، ما يستدعي في تصور الخبراء تدابير جديدة.
ويتصور الاقتصادي المغربي علي بوطيبة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه يفترض على الحكومة اتخاذ تدابير بهدف دعم القدرة الشرائية للأسر، خاصة عبر الضريبة على الدخل، كما يستدعي التخفيف عن مالية الأسر التي تتأثر بالضريبة على القيمة المضافة والضريبة الداخلية على الاستهلاك.
ويعتبر أنه يمكن عبر خفض أو إلغاء الضريبة على القيمة المضافة دعم القدرة الشرائية للأسر بالنسبة لبعض السلع والمواد الأساسية، علما أن معدل التضخم ينتظر أن يتجاوز 6 في المائة خلال العام الحالي.