السودان: هروب رؤوس الأموال من القطاع الصناعي

01 فبراير 2022
إغراق الأسواق بمنتجات مستوردة رغم إنتاجها محليا (أشرف شاذلي/ فرانس برس)
+ الخط -

يواجه القطاع الصناعي في السودان العديد من الأزمات ومنها ارتفاع أسعار الكهرباء ونقص التمويل المصرفي وإغراق الأسواق المحلية بالسلع المستوردة بصورة كثيفة.

وحسب بيانات حديثة، يبلغ عدد المنشآت الصناعية أكثر من خمسة آلاف منشأة تتوزع على 46 قطاعاً أبرزها الصناعات الغذائية والبلاستيكية والأدوية والملابس والصناعات الكيميائية.
بات جزء كبير من القطاع مهدداً بالخروج من الأسواق بسبب السياسات الحكومية الخاطئة والتي زادت من المعاناة ومنها تطبيق الحكومة زيادات جديدة على أسعار الكهرباء بنسبة 400% على القطاع الصناعي مع بداية العام الحالي.
ورغم أنّ مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي لا تتجاوز 22%، وتعتبر ضعيفة مقارنة بالقطاعات الإخرى، فإنّ الزيادة الأخيرة في أسعار الكهرباء تعمل على تقليصها بشكل أكبر مع هروب كثير من رؤوس الأموال المحلية إلى خارج الدولة، بحسب مراقبين.

تعدد الرسوم والجبايات
وشكا المدير التنفيذي لاتحاد الغرف الصناعية، أحمد عبيد، في حديثه لـ"العربي الجديد" من تعدد الرسوم والجبايات المفروضة على القطاع الصناعي والتي بلغت 46 رسماً وجباية تدفع مقابل كل منتج من المصانع المحلية.

وحذر من زيادة عدد المصانع المتوقفة عن العمل لتتجاوز نسبة 24% من المصانع المسجلة لرفض أصحاب المصانع تجديد عضويتهم بسبب الرسوم والجبايات. وانتقد التعريفة الصفرية لدول "الكوميسا" والتي تعمل على إغراق الأسواق بالسلع المستوردة، قائلاً إنّ أسعارها أقل من المنتج المحلي مما يشكل تهديداً كبيراً للصناعة السودانية.
وأقر الاقتصادي السوداني، الطيب علي، في حديثه لـ"العربي الجديد" بوجود تحدي المنافسة الخارجية وإغراق السوق المحلية بالمنتجات المستوردة المماثلة للإنتاج المحلي إلى جانب تعدد الرسوم الولائية والاتحادية والمحلية من دون تنسيق.
وانتقد الضرائب غير المباشرة التي تفرض على المنشآت الصناعية والتي ليست لها علاقة بتكاليف النشاط، ووصفها بـ"العمياء والظالمة". وقال إنّ الرسوم تؤثر سلباً على حجم رأس المال التشغيلي وتسبب تصاعد أسعار المنتجات في ظلّ عدم توفر الموارد المالية. وأوضح أنّ الزيادات المتصاعدة للضرائب والرسوم في ظل غياب الفلسفة الاقتصادية التي تحمي القطاع الخاص ولا سيما الصناعي يؤدي إلى تباطؤ الإنتاج ويهدد قدرة المصانع على البقاء والاستمرار ويؤثر سلباً على تدفقات الموارد المالية للخزينة العامة للدولة.

أقر الاقتصادي السوداني، الطيب علي، في حديثه لـ"العربي الجديد" بوجود تحدي المنافسة الخارجية وإغراق السوق المحلية بالمنتجات المستوردة


وأشار إلى أنّ فرض زيادة على ضريبة القيمة المضافة، تضعف رأس المال التشغيلي للمصانع، مؤكداً أنّه في ظلّ عدم استقرار البلاد لن نستطيع الحكومة وضع خطط وبرامج لتحديث القطاع.

توقف منشآت صناعية
وكانت دراسة تحليلية حديثة، أعدها الخبير الصناعي، مصطفى محمد صالح، كشفت عن توقف 24% من المنشآت الصناعية في مختلف القطاعات. وأشارت الدراسة إلى مواجهة قطاع الصناعات التحويلية عدة تحديات تقف أمام تطوره في ظل غياب المعلومات والإحصاءات والتشريعات الكافية.
ونبه صالح في دراسته إلى التداخل والتشابك بين التحديات التي تؤثر على القطاع الصناعي في ظلّ عدم ثبات السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية، وعدم توفر الطاقة الكهربائية الكافية، وانخفاض سعر العملة الوطنية، والارتفاع الكبير في معدلات التضخم، مع صعوبة الحصول على التمويل التشغيلي والرأسمالي.
وبسبب انعدام الرقابة على المناطق الصناعية تحول بعضها إلى "حديد وخردة" إلى جانب غياب قاعدة بيانات حديثة، مع غياب أولويات للاستثمار في القطاع الصناعي تتناسب مع إمكانات البلاد الاقتصادية، حسب مراقبين.
وقال رئيس غرفة الصناعات الغذائية، كمبال علي كمبال، في تصريح صحافي، مؤخراً، إنّ قطاع الصناعات بات مهدداً بخروج منتجاته من السوق المحلي والعالمي بسبب ارتفاع تكلفتها الإنتاجية.
وطالب الدولة بدعم القطاع لا سيما أنّ السودان بلدٌ غني ومؤهل ليصبح من الدول الكبرى لما لديه إمكانات ومدخلات طبيعية تساهم في عمليه الصناعات التحويلية وتدّر عائداتٍ ضخمةٍ وقيمة مضافة للاقتصاد.
وتدفع المصانع رسوم قيمة مضافة وضريبة أرباح أعمال، الأمر الذي يزيد من التكلفة، إذ تعاني الأسواق السودانية من إغراق السلع المستوردة، وفق خبراء الاقتصاد.

المساهمون