السعودية توسّع الطاقة التخزينية للحبوب

17 يوليو 2023
الرياض تسعى إلى تعزيز الأمن الغذائي (أمير حلبي/فرانس برس)
+ الخط -

تتجه السعودية نحو تنفيذ استراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي، عبر بناء أكبر طاقة تخزينية متطورة للحبوب في المنطقة العربية، والتوسع بالاستثمار في تكنولوجيا الزراعة، داخل المملكة وخارجها، ضمن رؤيتها لمستهدفات رؤية 2030.

ورفعت المملكة طاقتها التخزينية للحبوب من 2.5 مليون طن، في عام 2016، إلى 3.5 ملايين طن حالياً بزيادة 40%، ما أسهم في خفض واردات البلاد من الشعير والتحول إلى الأعلاف المصنعة الأكثر قيمة غذائية، بنسبة تجاوزت 50%، بحسب بيانات رسمية.
وعملت الاستراتيجية السعودية، التي تشرف على تنفيذها الهيئة العامة للأمن الغذائي، على تمكين القطاع الخاص بتخصيص قطاع المطاحن بالكامل بعد إعادة هيكلته، وتوزيعه على 4 شركاتٍ مستقلة ونقل ملكيتها، بقيمة بلغت نحو 5.7 مليارات ريال (1.5 مليار دولار).

واعتمدت الهيئة إطلاق البرنامج الوطني للحد من الفقد والهدر الغذائي، وأعلنت دعم تطوير الزراعة العضوية برفع الإنتاج بمعدل 79.5%، من 56.26 ألف طن في عام 2016 إلى 101 ألف طن في العام الجاري.

تحقيق الأمن الغذائي

وتعليقاً على الخطة السعودية، يؤكد الخبير الاقتصادي، حسام عايش، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن الأمن الغذائي يمثل جزءاً مهما من رؤية 2030 الاستراتيجية في السعودية، في إطار التنويع الاقتصادي بالمملكة، عبر تبني أكبر طاقة تخزين للحبوب في المنطقة العربية ورفع نسبة الاكتفاء الذاتي من بعض المواد الغذائية الأساسية إلى 60%، وبعضها وصل إلى 100%.

و"مع ذلك، فإن الطريق ما زال طويلاً أمام السعودية لتحقيق الأمن الغذائي" حسبما يرى عايش، موضحاً أنّ تحقيق اكتفاء ذاتي شامل أمر صعب على أي دولة في العالم.

وتريد المملكة إظهار قدرتها على مواجهة أية اضطرابات أو جوائح، حتى لو كان ذلك بتقييد الاستيراد من دول معينة أحياناً، بخاصة أنّ الغذاء أصبح "سلاحاً" تستخدمه الدول الغربية، إلى جانب الدولار، ضمن أطر العقوبات التي تلجأ إليها في مواجهة دول أخرى، بحسب عايش.

وفي أوقات الاضطرابات والجوائح تضطر الدول إلى التقليل من صادراتها أو أن توقفها، ما يهدد أمنها الغذائي، إذا كانت دولاً تعتمد على الاستيراد بالأساس، بحسب عايش، مشيراً إلى أن بعض دول الخليج تصل نسبة الاستيراد في احتياجاتها الغذائية إلى 90%.
كذلك فإن سياق تعزيز الأمن الغذائي يقلل من الواردات الغذائية ويوفر العملات الأجنبية، ويدعم تغذية صناعة محلية تنمو باستمرار ويفتح آفاق فرص عمل إضافية في السعودية، بحسب عايش، لافتاً إلى أن المملكة كانت في المركز الـ18 بقائمة أكبر مستوردي للقمح في العالم عام 2021، وتحاول أن تخزن كميات إضافية من الحبوب لتكون بمنأى عن الاضطرابات التي يمكن أن تحدث في الأسواق العالمية.

ويلفت الخبير الاقتصادي، في هذا الصدد، إلى تجربة السعودية السابقة في زراعة القمح، مشيراً إلى أن المملكة تخلت عنها بالنظر إلى كلفتها العالية على صعيد كميات الماء التي تحتاجها، لكنها ستتجه على الأرجح إلى زراعات تكنولوجية موفرة للمياه ولديها القدرة على ذلك.

"فصناعة الغذاء في السعودية تحاول استخدام التقنيات الحديثة، بما فيها الذكاء الصناعي في مجال الزراعة، ما يسمح بزيادة الحاصل الزراعي ويرفع قيمته بالناتج المحلي الإجمالي إلى ما يزيد على المستوى الحالي، الذي تراوح نسبته بين 3 و4%"، وفق عايش.

ويرجح عايش أن يشهد القطاع الزراعي السعودي قفزة في حجم الاستثمارات في إطار التفكير بآليات وطرق لتطوير الكثير من المناطق داخل السعودية، مؤكداً أن المملكة تحاول، من خلال اتفاقيات مع دول مختلفة، أن تحقق نوعاً من الاكتفاء الذاتي في بعض السلع الأساسية، وتنويعاً في المنتجات الغذائية وإطلاق صناعة غذائية، من الواضح أنها تكبر وتنمو وتتطور.

مزارع القمح والدواجن

وجهة نظر أخرى يقدمها الخبير الاقتصادي، عامر الشوبكي، حيث يشير إلى أن السعودية تعمل على ضمان مستقبل طويل الأمد للأمن الغذائي، خصوصاً بعدما تأثرت بانخفاض المساحات الزراعية داخل المملكة، حسبما صرح لـ"العربي الجديد".

ويضيف الشوبكي أن السعودية تعمل على التوسع في الأمن الغذائي خارج السعودية، عبر شراء أراضٍ والاستثمار الزراعي فيها، في إطار توجه شمل قرابة مليوني هكتار في أفريقيا، وتحديداً في إثيوبيا والسودان والمغرب.

وتركز السعودية استثماراتها في شركات زراعة القمح بكندا، ومزارع الدواجن في البرازيل، بحسب الشوبكي، مشيراً إلى أن المملكة أصبحت قريبة من تحقيق رؤية 2030 في الاكتفاء الذاتي.

وعن مردود هذا النجاح اقتصادياً، يلفت الشوبكي إلى أن السعودية تتجه لتحقيق ما يمكن تسميته "التمكين الغذائي"، والتحول نحو استخدام التكنولوجيا المتطورة، داخل المملكة، في الزراعة، وفي استخدام بعض المحاصيل، مثل الشعير، بديلاً للمركبات العضوية المركزة، المستخدمة في تغذية المواشي.