قال رئيس حكومة تونس هشام المشيشي، اليوم الثلاثاء، أمام البرلمان، إن الحكومة ستنتقل في النصف الثاني من العام الحالي من مرحلة دعم المواد إلى دعم المداخيل في إطار سياسة عامة لإصلاح منظومة الدعم، متوقعا أن يقلّص دعم المداخيل 25 في المائة من نسب الفقر في البلاد.
وأعلن هشام المشيشي عن حزمة إصلاحات كبرى ستشرع الحكومة في تنفيذها، طالبا من البرلمان أن يساعد السلطة التنفيذية على تنفيذ هذه الإصلاحات في آجال مختصرة.
وتشمل حزمة الإصلاحات الاقتصادية التي كشف عنها المشيشي اليوم بمناسبة جلسة منح الثقة للوزراء الجدد، إصلاح منظومة الدعم بالاستغناء عن دعم المواد الأساسية وتوجيه الدعم نحو مستحقيه من الفئات الضعيفة في شكل تحويلات مالية مباشرة.
وتنوي الحكومة من خلال إصلاح سياسة الدعم محاصرة تهريب المواد المدعومة. وخصصت تونس هذا العام نفقات بـ3,4 مليارات دينار للدعم، من بينها 2.4 مليار دينار لدعم الغذاء و401 مليون دينار لدعم المحروقات و600 مليون دينار لدعم النقل.
وخفضت الحكومة مخصصات الدعم بنحو 300 مليون دينار، مقارنة بما تم إقراره في النسخة الأولى من الموازنة.
كذلك قال هشام المشيشي إن حكومته ستبدأ إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية التي تشكو عجزا هيكليا، مشيرا إلى أن الإصلاح سيتم بالتوافق مع النقابات والأطراف الاجتماعية، غير أنه أكّد أن الحكومة لن تقبل أي خطوط حمراء في عملية الإصلاح.
وأضاف أن الحكومة تستحدث وكالة وطنية للتصرف في المؤسسات الكبرى، من أجل تحسين خطط الحوكمة والتصرف فيها واستعادة دورها في دعم إيرادات الدولة بعدما دخلت هذه المؤسسات في دوامة العجز المتواصل منذ سنوات.
وأشار في سياق متصل إلى أن إصلاح المؤسسات الحكومية سيكون مرفقا بخطة للرقمنة الشاملة للقطاع العام، من أجل تحسين جودة الخدمات التي تقدمها مؤسسات الدولة، مشيرا إلى أنه سيتم الاستغناء عن التعامل بالوثائق الإدارية بنسبة 80 في المائة بانتهاء العام الحالي.
وحث صندوق النقد الدولي تونس، الجمعة الماضي، على ضبط كتلة الأجور والدعم المخصص للطاقة والتحويلات إلى الشركات العامة، محذرا من أن العجز في الميزانية قد يرتفع إلى أكثر من تسعة في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، في حال غياب هذه الإجراءات.
غير أن الأمين العام لاتحاد الشغل التونسي نور الدين الطبوبي، قال أمس في حوار مع وكالة "رويترز": "على صندوق النقد والمقرضين أن يتفهموا خصوصية الوضع الاجتماعي الهش في تونس، البلد الذي يُعتبر استثناءً في المنطقة". وأضاف أن الاتحاد يريد أن يتفاوض مع حكومة قوية للاتفاق بشأن الإصلاحات الاقتصادية، لافتاً إلى أنه مستعد لدراسة كل المؤسسات العامة حالة بحالة".
وأكد الطبوبي أنه منفتح على الإصلاحات الاقتصادية، بشرط احترام السيادة الوطنية، داعياً صندوق النقد والمقرضين إلى تفهم خصوصية الوضع الاجتماعي في البلاد بعد ثورة نقلتها إلى نادي البلدان الديمقراطية.
وتوقع صندوق النقد نمو الناتج المحلي الإجمالي 3.8٪ هذا العام، مقارنة بانكماش قياسي قدره 8.2% في 2020.
وتعاني المالية العامة التونسية من وضع صعب للغاية، حيث يتوقع أن يبلغ العجز المالي 11.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، وهو الأعلى منذ ما يقرب من أربعة عقود.