استمع إلى الملخص
- البنك المركزي حدد سقف السحب اليومي عبر البنوك عند ثلاثة ملايين جنيه، والسحب عبر ماكينات الصرف الآلي عند 50 ألف جنيه، ورفع سقف التحويلات عبر التطبيقات المصرفية إلى 15 مليون جنيه يومياً.
- استمرار الحرب أدى إلى تدهور القوة الشرائية وفوضى الأسعار، مع خروج السودان من منظومة الإنتاج الزراعي وهروب رؤوس الأموال، مما زاد من تعقيد الوضع النقدي والاقتصادي.
أثار قرار بنك السودان المركزي، المتعلق بمراجعة تنظيم خدمتي السحب النقدي والتحويل عبر التطبيقات المصرفية، أزمة في توافر الجنيه السوداني بعدما عجزت البنوك عن توفير سحوبات نقدية للمواطنين، ما أدى إلى انتشار تجارة العملة المحلية في السوق السوداء في ظل تراجع قيمة الجنيه السوداني مقابل الدولار بنسبة تفوق 300 في المائة خلال عام الحرب، ليصل إلى أكثر من 2250 جنيهاً، مع استمرار ارتفاع الأسعار وفوضى الأسواق.
وحدد البنك المركزي سقف السحب اليومي عبر البنوك عند ثلاثة ملايين جنيه، والسحب عبر ماكينات الصرف الآلي عند 50 ألف جنيه يومياً. كما قرر رفع سقف التحويلات عبر التطبيقات المصرفية إلى 15 مليون جنيه يومياً بدلا من ستة ملايين جنيه في السابق.
وقال الاقتصادي والأستاذ الجامعي هارون بشير لـ"العربي الجديد" إن قرارات البنك المركزي دائما ما تصطدم بالواقع، رغم أن هدفها إيقاف التدهور في القوة الشرائية واستقرار أسعار السلع والخدمات، إلا أنه في ظل غياب نشر مؤشرات التضخم الرسمية منذ بداية الحرب السودانية وهيمنة السوق الموازية على النقد الأجنبي، لن تجد تلك القرارات أرضية إيجابية لمصلحة المواطن، بل انقلبت في أحيان كثيرة ضد القطاع المصرفي نفسه.
وأضاف أنه في ظل استمرار الحرب، أصبح البنك المركزي هو الممول الرئيس للخزينة العامة التي فقدت أكثر من 90 في المائة من إيراداتها، ما أضعف قدرة الأخير على التحكم في السوق. واعتبر أن الدليل على ذلك هو تدهور القوة الشرائية وانتشار فوضى الأسعار وما يحدث الآن من تجارة في العملة المحلية والأجنبية من دون تدخل رقابي.
وأكد أن الوضع النقدي لن يتحسن فيما الحرب مستمرة والقاعدة الإنتاجية مدمرة، كما يحدث الآن في ما تبقى من النشاط الزراعي، وسط خروج السودان كليا من منظومة الإنتاج الزراعي، بالتزامن مع ضعف المعونات والمساعدات الدولية وهروب رؤوس الأموال والقوة العاملة، واتساع نطاق تهريب ما تبقى من سلع إلى الخارج.
أزمة الجنيه السوداني
وقال إسحاق محمود، وهو عامل في محطة وقود، لـ"العربي الجديد"، إن توجيهات أصحاب المحطة بعدم التعامل عبر التطبيقات المصرفية خلقت فوضى كبيرة، وقد "واجهتنا مشكلة في التعامل مع أصحاب السيارات الذي نددوا بالقرار" على حد تعبيره.
كما اتخذت بعض الشركات الكبرى العاملة في مجال التوزيع والنقل قرارا مماثلا بعدم التعامل عبر التطبيق المصرفي، وقال محمد التوم، وهو عامل في إحدى هذه الشركات، لـ"العربي الجديد"، إن شركته ظلت تتعامل بالتطبيقات بعد قرار المركزي، "ولكن تحجيم السحب من البنوك ووضع قيود على التحويلات جعلتنا نعدل قراراتنا".
وقالت إحدى العاملات في سلسلة مطاعم كبرى لـ"العربي الجديد" إن توجيهات أصحاب المطعم بعدم التعامل إلا بالكاش أدت إلى تخفيض نسبة الزوار اليومية مع حدوث ركود شبه تام في النشاط.
وشرح المواطن زكريا الطاهر لـ"العربي الجديد" أنه "لا يعقل أن يعاني المواطن في حصوله على النقد المحلي وبنك السودان لا يحرك ساكناً"، وأضاف: "كنا نتخوف من تجارة الدولار والآن ظهرت تجارة الجنيه السوداني، بعدما أوقفت كل المؤسسات تعاملاتها بالتطبيقات المصرفية".