الجفاف يهدد الأمن الغذائي لتونس

31 أكتوبر 2023
تراجع كبير في إنتاج المحاصيل الزراعية (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

يهدد الجفاف بتغيير الخريطة الزراعية في تونس مع استمرار القيود على استعمالات مياه الري بمقتضى قرار أصدرته السلطة منذ مارس/ أذار الماضي، ما يضع المزارعين في حالة ترقب دائم لمصير مئات الآلاف من الهكتارات التي أصبحت خارج دائرة الإنتاج.

والقطاع الزراعي في تونس هو المستهلك الأول للمياه بنسبة تزيد عن 80 بالمائة، غير أن تراجع مخزونات السدود إلى ما دون 25 بالمائة يمنع منذ أشهر برمجة أصناف أساسية من الخضروات والفواكه بما يدفع المزارعين إلى تغيير وجهتهم نحو نشاطات أقل استهلاكا للمياه.

وتعاني تونس للعام الخامس على التوالي من نقص كبير في التساقطات المطرية، تسبب في نقص مخزون السدود إلى 24 بالمائة من طاقتها التخزينية وفق أحدث البيانات الرسمية المنشورة على موقع وزارة الفلاحة.

ووفق ذات البيانات تقدر كميات المياه المخزنة في 34 سدا بـ553 مليون متر مكعب من مجموع طاقة تخزينية بـ2337 مليون متر مكعب وسط تحذيرات من تداعيات تراجع المساحات الزراعية على الأمن الغذائي للبلاد.

ويقول عضو منظمة المزارعين المكلف بالموارد المائية والطبيعية حمادي البوبكري، إن القيود المفروضة على المساحات الزراعية المروية مستمرة منذ أكثر من 8 أشهر، مؤكدا أن السلطات أصدرت توصيات بعدم برمجة أي صنف من الزراعات المستهلكة للمياه إلى تغيّر المعطيات المناخية وتحسّن منسوب المياه في السدود.

وقال البوبكري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن المساحات العمومية المروية التي باتت خارج دائرة الإنتاج تشكل نحو 50 بالمائة من عموم المساحات السقوية في البلاد، موضحا أن الخارطة الزراعية في تونس مرجحة للتغّير على وقع المعطيات المناخية الجديدة.

وأشار عضو منظمة المزارعين إلى أن منع برمجة الزراعات يشمل بالأساس الخضروات على غرار البطاطا والطماطم والفلفل إلى جانب أيضا أصناف من الفواكه على غرار الفراولة.

وتابع: "يستمر إنتاج هذه الأصناف فقط داخل المساحات المروية الخاصة التي تعتمد على الآبار لتوفير مياه الري بينما قد يهجر المزارعون هذه الأصناف من الإنتاج في المساحات التي لا تتوفر فيها المياه".

وأشار البوبكري إلى أن المجال الزراعي المروي في تونس مهم جدا لتوفير الحاجيات الوطنية من الغذاء والتصدير، مشيرا إلى أن نقص الأمطار يحفّز هجرة المزارعين نحو الأنشطة الأكثر تأقلما مع الجفاف ما قد يؤدي إلى تغيير الخريطة الزراعية للبلاد في السنوات القادمة.

وتوزع الخريطة الزراعية في تونس إلى أربع مناطق كبرى لكل منها تخصص زراعي حسب وفرة الموارد المائية، حيث يختص الشمال الغربي في إنتاج الحبوب بينما يختص الشمال الشرقي في زراعة الحمضيات وأصناف من الخضر، وتخصص مساحات شاسعة في الوسط لزراعة الفواكه والخضروات والزياتين، فيما يعد الجنوب المنتج الأساسي للتمور.

ونهاية سبتمبر/ أيلول الماضي مددت وزارة الزراعة العمل بقرار يفرض قيودا على استعمال الماء في العديد من الأنشطة الاقتصادية كانت اتخذته منذ مارس/ آذار 2023 وذلك إلى أجل غير مسمّى.

في المقابل خصصت السلطات وفق مشروع قانون الموازنة لعام 2024 ما قيمته 656 مليون دينار للاستثمار أي ما يعادل 211 مليون دولار في قطاع المياه والانطلاق فعليا في تنفيذ برنامج تحويل فائض المياه إلى الوسط ومواصلة استغلال المياه المعالجة في القطاع الزراعي في محاولة لتوفير المياه التي تراجع منسوبها بفعل الجفاف.

المساهمون