الجزائر: قانون يحظر السياسة على النقابات

12 يناير 2023
إضراب سابق في القطاع الصحي (رياض كرامدي/فرانس برس)
+ الخط -

لا يزال الصراع محتدماً بين الحكومة الجزائرية والنقابات العمالية، ومن المنتظر أن ينتقل هذه المرة إلى قبة البرلمان، حيث ستعرض وزارة العمل مشروع قانون جديدا، يجرم الجمع بين العمل النقابي والسياسي.

يأتي ذلك، بالموازاة مع تشديد الحكومة لشروط تنظيم الإضرابات وإخضاعها لرخص إدارية مسبقة وإجراء انتخابات داخل النقابات بحضور ممثل عن الإدارة أو وزارة العمل.
وحسب الوثيقة التي اطلعت عليها "العربي الجديد" والمنتظر عرضها على البرلمان بغرفتيه في الأيام القادمة، تنص المادة 12 على أن "المنظمات النقابية مستقلة في سيرها ومتميزة في هدفها وتسميتها عن أي حزب سياسي، ويمنع على المنظمات النقابية الارتباط هيكليا ووظيفيا بأحزاب سياسية، ولا يمكنها الحصول على دعم بوسائل مالية أو امتيازات أخرى من هذه الأحزاب".
كما تمنع المادة نفسها النقابيين من الجمع بين ممارسة العمل النقابي وممارسة مسؤولية قانونية أساسية أو عهدة في الهيئات القيادية لحزب سياسي. كما تلزم المادة 13 "الأعضاء المؤسسين والقياديين في المنظمات النقابية بالالتزام بالحياد والامتناع عن التصريح بمساندتهم لأحزاب سياسية أو لأي شخصية سياسية".

وهددت الحكومة في القانون الجديد بحل النقابات التي تمارس أي شكل من النشاطات السياسية، كما ألزمت النقابات في المادة 15 بـ"إعداد والمصادقة على ميثاق أخلاقيات يتعلق بالنشاط الممارس من طرف منخرطيها الذين لا يمكنهم مخالفته، ويجب أن تتضمن القوانين الأساسية والأنظمة الداخلية للمنظمات النقابية أحكاما تنص على الفصل بين النشاط النقابي والنشاط السياسي والاستقلال عن أي حزب سياسي أو جمعية أو أي مجموعة ضغط".
وفي حال ارتكاب المنظمة النقابية مخالفة من شأنها الإخلال بالنظام العام، يمنح القانون الجديد في المادة 66 "السلطة الإدارية المختصة حق رفع دعوى أمام الجهة القضائية المختصة للمطالبة بتعليق كل نشاط لهذه المنظمة"، مع معاقبة كل نقابي بغرامة ما بين 100 و200 ألف دينار (الدولار = نحو 136 دينارا)، في حال مساسه باستقلالية المنظمة النقابية.
وتأتي خطوة الحكومة الجزائرية بالموازاة مع فرضها المزيد من الضوابط والخطوط الحمراء حول العمل النقابي، لكبح الحركات العمالية الاحتجاجية التي تتزايد مؤشرات اندلاعها مع تواصل غلاء المعيشة وارتفاع مستويات البطالة، وتفادي تكرار سيناريو "احتجاجات 2017" الذي سبق ورافق تعديل نظام التقاعد، وأدى إلى ولادة تكتل نقابي مستقل عن الاتحاد العام للعمال الجزائريين الموالي للحكومة.
من جانبه، قال النقابي الناشط في مجال التربية والتعليم مسعود بوديبة إن "الفصل بين العمل النقابي والسياسي مهم بقدر فصل المال عن السياسة، لكن في المقابل يجب أن نحافظ للنقابيين على حقوقهم وحصانتهم كون العمل النقابي هو حق مكفول دستوريا، لذا لا يمكن أن نسقط الحصانة الدستورية عن النقابيين تحت أي غطاء أو حجة كانت".

هددت الحكومة في القانون الجديد بحل النقابات التي تمارس أي شكل من النشاطات السياسية


وأضاف المتحدث نفسه في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "العمل النقابي هو الطريق الوحيد للعامل حتى يصل إلى حقوقه، ولا نقبل كبحه عبر تشديد الشروط عليه. من حق النقابي أن يشن الإضراب ومن حقه أن يلتقي بأي سياسي، لأن المصالح كثيرا ما تتقاطع".

وفي المقابل، أكد رئيس النقابة الجزائرية للصيادلة الخواص مسعود بلعمبري أن "مشروع القانون الجديد ينتظر منه أن يضع ضوابط جديدة للعمل النقابي، وأن يعيد بعض النقابات إلى عملها ومهمتها الأصلية، بعدما تحولت إلى (نقابات سياسية) و(لجان مساندة) للسياسيين، وتركت العامل الذي استعملته للوصول إلى امتيازات سياسية".

وأضاف بلعمبري متحدثا لـ"العربي الجديد"، أنه "من المهم ضبط المشهد النقابي في الجزائر، والتعددية النقابية شيء إيجابي لكن لا يمكن أن نستغلها للخروج بالعمل النقابي عن سكته الأصلية وهي الدفاع عن حقوق العمال والمهنيين".

المساهمون