الجزائريون يدفعون الثمن: أول خطوة حكومية نحو رفع الدعم لتخفيف الأزمة المالية

17 أكتوبر 2021
ميزانية الدعم في الموازنة المقبلة تبلغ 16.4 مليار دولار (فرانس برس)
+ الخط -

تتجه الحكومة الجزائرية نحو أول خطوة لمراجعة سياسة الدعم تمهيداً لإلغائه، عبر اقتراح موازنة 2022 فتح صندوق للتعويضات النقدية لصالح الأسر المعوزة، حيث سيصبح هذا الصندوق فاعلاً عقب مراجعة وتعديل أسعار المنتجات المدعمة.
ويأتي ذلك بعدما باتت فاتورة الدعم ترهق الخزينة العمومية، متأثرة بتهاوي الدينار، والتي عجزت عن كبحه خوفاً من انفجار الشارع الجزائري.
ووفق المادة 187 من مشروع الموازنة العامة لعام 2022، الذي تحوز "العربي الجديد" نسخة منه، فإن الاعتمادات المخصصة في إطار الجهاز الوطني للتعويضات النقدية لصالح الأسر المؤهلة ترصد لفائدة الوزير المكلف بالمالية، وتحدد كيفيات تطبيق هذه المادة بنصوص تنظيمية، لا سيما قائمة المنتجات المدعمة المعنية بمراجعة الأسعار، وفئات الأسر المستهدفة، ومعايير التأهيل للاستفادة من هذا التعويض وكذا كيفيات التحويل النقدي.
وبحسب تبريرات الحكومة الجزائرية، فقد ضمنت الدولة الجزائرية من خلال سياستها الاجتماعية حماية القدرة الشرائية للطبقات الاجتماعية المحتاجة والفقيرة والهشة، وكذلك بالنسبة للطبقات المتوسطة، وهذا عبر عدة أجهزة للإعانات المباشرة وغير المباشرة (دعم الأسعار، امتيازات جبائية، تخفيض معدل الفائدة).
وتضيف الحكومة في الوثيقة المنتظر عرضها على البرلمان، الشهر المقبل، أنه "بغية الانتقال من أجهزة الدعم المعممة نحو جهاز دعم موجه لصالح الأسر المحتاجة وبالتالي ضمان العدالة الاجتماعية، والاستجابة لانشغالات الطبقة السياسية، لا سيما النواب".
ويرى عضو لجنة الشؤون المالية بالبرلمان الجزائري، محمد الحاج الغوثي، إن "نجاح عملية التوجه من الدعم العام نحو الدعم الموجه لمستحقيه مرهون بالشفافية واعتماد قاعدة بيانات صحيحة إلى جانب التنسيق بين القطاعات المعنية ومسيري البلديات والجمعيات كونهم الأقرب للأسر."

وأكد النائب البرلماني في حديث مع "العربي الجديد" أن "اقتراح مشروع قانون المالية لسنة 2022 باستحداث صندوق وطني للتعويضات النقدية لصالح الأسر المعوزة يقتضي جملة من الشروط على رأسها قاعدة بيانات صحيحة عن المواطنين حتى يتم توجيه الدعم لمستحقيه فعلياً، فالاقتصاد الموازي سيكون أول ما سيعصف بشفافية تسيير الدعم".
وأضاف: "أموال السوق الموازي، والمقدرة بـ90 مليار دولار حسب الرقم الذي كشف عنه الرئيس عبد المجيد تبون، ستحرم المعوزين من الاستفادة من الدعم الاجتماعي، كون الناشطين بتلك السوق يتعاملون دون وثائق رسمية، وهو ما يجعلهم رسمياً فئات هشة تستفيد من الدعم، على غرار ما حصل خلال منحة كورونا ومنح الدخول المدرسي وكذلك إعانات رمضان.
واضطرت الحكومة لرفع ميزانية الدعم في موازنة 2022، رغم مرور البلاد بوضع اقتصادي صعب، يتميّز بشح الموارد وانكماش الاقتصاد وسط ارتفاع الإنفاق الحكومي، ما يضع نظام عبد المجيد تبون أمام مطرقة "شح الموارد المالية" وسندان "شراء السلم الاجتماعي"، حتى لا تُثير الشارع الذي لا يزال منقسماً بين مؤيدٍ لتبون ومعارضٍ له منذ انتخابه في 12 ديسمبر/ كانون الأول 2019.
وفق الأرقام التي جاءت في موازنة 2022 التمهيدية، فإن ميزانية الدعم أو ما يعرف بـ "التحويلات الاجتماعية" ستقدّر بـ 2220 مليار دينار، أي ما يعادل 16.4 مليار دولار، ما يمثل 11 بالمائة من قيمة الناتج الداخلي الخام، مقابل 1920 مليار دينار سنة 2021، و1700 مليار دينار السنة التي قبلها.

وتتحاشى الحكومة إجراء دراسة متعمقة حول وضعية الجزائريين، خاصة العمال من الطبقة الوسطى والمعوزة، في وقت تشير دراسات إلى أن ملايين الجزائريين يعيشون تحت خط الفقر. ووفقاً للخبراء، فإن أكثر من ثلث العمال معرضون للخطر، خاصة مع الانخفاض الحر في القوة الشرائية.
وقال الخبير في السياسات الاجتماعية، نور الدين بودربة، إنه ينبغي رفع الدعم تدريجياً لتجنب إثقال كاهل المواطن، الذي يعاني من دفع ثمن تراجع الإيرادات من جيبه رغم محدودية دخله. وأشار بودربة في حديث مع "العربي الجديد" إلى إمكانية تحديد الدعم من خلال استحداث بطاقة مخصصة لذلك، بناءً على دخل الأسر، مثلما هو معمول به في مصر مع بطاقة التموين.
واقترح التبليغ الذاتي عن الحاجة من قبل الراغبين في الدعم، لكون الجزائر لا تملك بطاقة خاصة بالمحتاجين، ويكون ذلك كمرحلة أولى، لبدء التنفيذ في غضون ستة أشهر، على أن تُنقَّح القائمة تدريجاً، إلى حين التوصل إلى بطاقة للمستحقين الفعليين بعد ثلاث سنوات على الأكثر.
ولم يخف الخبير في السياسات الاجتماعية مخاوفه من أن يؤدي تحرير الأسعار ورفع الدعم إلى تآكل أجور الطبقة المتوسطة بنسبة 20 في المائة، مقابل نحو 1 في المائة فقط لأصحاب الدخول المرتفعة، فضلاً عن أن أسعار الكثير من السلع لن تكون في متناول الجميع.

المساهمون