الجزائريون يترقبون أسعار السيارات بعد السماح بالاستيراد

23 مارس 2023
الشارع يتوقع انخفاض أسعار السيارات بعد الإجراءات الحكومية الأخيرة (فاروق بطاشي/فرانس برس)
+ الخط -

استقبلت الجزائر أولى دفعات السيارات الجديدة المستوردة أخيرا، بعد مسلسل تأجيل دام لسنوات، وسط تضارب في الشارع حول أسعارها، فيما بدأت أسواق السيارات المستعملة في التفاعل مع رفع التجميد عن الاستيراد لمدة أقصاها 3 سنوات.
ورست في 13 مارس/ آذار الحالي، سفينة محملة بدفعة أولى من السيارات الجديدة الإيطالية، بميناء مستغانم، غربي الجزائر، إذ تحول استقبال هذه الدفعة من نوع "فيات 500" إلى حدث تناقلته وسائل الإعلام، وموضوع الساعة في الشارع وعلى منصات التواصل الاجتماعي، إذ يحاول الجزائريون توقع أسعارها وأثرها على أسواق السيارات المستعملة التي شهدت "جنوناً" في الأسعار في السنوات الأخيرة في ظل تجميد الاستيراد وتركيب السيارات منذ مطلع 2019.

انخفاض متوقع للأسعار
بلغة الأرقام، يرجّح رئيس منظمة حماية المستهلك الجزائري مصطفى زبدي انخفاض أسعار السيارات الجديدة عن توقعات الجزائريين.

ويقول زبدي لـ"العربي الجديد"، إنه بعملية حسابية يمكن أن نحدد الأسعار الأولية "فإذا كان سعر السيارة 20000 يورو في فرنسا، في حال تصدير السيارة ينزع الرسم على القيمة المضافة، أي ينقص 20 بالمائة من سعرها ما يهوي بها إلى 16807 يورو، مع العلم أن الوكيل المستورد سواء كان خاصاً أو ممثلاً رسمياً سيقتني السيارة بسعر خاص، أي بتخفيض قد يصل إلى 25 بالمائة ما يعني وصولها إلى 13445 يورو، تضاف إليها مصاريف الشحن التي لن تتجاوز 250 يورو لكل سيارة".

يتابع: "تصبح كلفة السيارة المستوردة مقابل العملة المحلية التي تبلغ 146 ديناراً لليورو الواحد، قرابة مليوني دينار جزائري، نضيف إليها الرسوم الجمركية والضريبة على المشاركة التضامنية، المقدرتين بـ 34 بالمائة بالإضافة إلى هامش ربح التجار".
وفي هذه النقطة، يؤكد رئيس منظمة حماية المستهلك أنّ "على الحكومة التدخل لضبط هوامش الربح، لأنها مفتاح كبح أسعار السيارات من الانفلات، إذ نجد اليوم سيارات مستعملة لخمس سنوات بسعر السيارة الجديدة في أوروبا، والحكومة قدمت إعفاءات للوكلاء، وتخفيضات في الرسوم وعليها ضبط نسب الربح حتى لا تبقى فوضى الأسعار مسيطرة على الأسواق التي تتحكم فيها لوبيات منذ سنوات".

تجميد منذ 4 سنوات
كانت الحكومة الجزائرية قد سمحت بدءاً من يناير/ كانون الثاني المنصرم، لوكلاء السيارات باستيراد السيارات الجديدة بعد تجميد دام منذ 2019، وذلك وفق دفتر شروط صارم طرحته في شهر فبراير/ شباط الماضي، يلتزم من خلاله الوكلاء بتسويق السيارات بأسعار معقولة، ويضمنون تقديم خدمات ما بعد البيع، على أن ينتقلوا للإنتاج المحلي مع شركائهم المنتجين الأصليين في السنوات المقبلة.

كما سمحت الحكومة للجزائريين باستيراد سيارة مستعملة بعمر 3 سنوات على الأكثر، مرة واحدة كلّ 3 سنوات، على أن تكون السيارة موجهة للاستعمال الفردي غير التجاري، مع تحويل الأموال عبر الطرق البنكية الرسمية، على ألا تُباع السيارة المستوردة، مع حسم 80 بالمائة من الرسوم الجمركية في حال كانت السيارة ذات محرك كهربائي، وتخفيض 50 بالمائة على السيارات ذات محرك بمكبس أو إيقاد شرارة "بنزين" أو هجين "بنزين وكهرباء" التي تساوي أو تقل سعة أسطوانتها عن 1800 سم3، وتخفيض 20 بالمائة من مبلغ الحقوق والرسوم على السيارات التي تفوق سعة أسطوانتها 1800 سم3.

تفاعل الأسواق
حسب الخبير الجزائري في سوق السيارات أكرم خلف الله، فإنّ "الأسواق بدأت تتفاعل مع استيراد السيارات الأولى، وهو تفاعل أولي أو ما يُعرف بـannouncement effect، وستكون هناك مقاومة من طرف أسواق السيارات المستعملة في الأيام المقبلة، لكن مع ضبط الحكومة هامش ربح الوكلاء وإغراق الأسواق بالسيارات الجديدة، ستعود الأسعار إلى المنطق، بعد فوضى دامت سنوات".

يضيف الخبير في سوق السيارات، متحدثا لـ"العربي الجديد"، أنّ "إغلاق مصانع تجميع السيارات وتجميد الاستيراد منذ 2019، خلق عجزاً في سوق السيارات بحوالي 1.4 مليون سيارة، وهي فجوة تحتاج على الأقل إلى 4 سنوات من الاستيراد أو الإنتاج المحلي مستقبلاً لسدها".
وبالموازاة مع رفعها التجميد عن استيراد السيارات، أعطت الحكومة رخصاً لعلامات عالمية على غرار "فيات" الإيطالية و"هيونداي" و"رينو" لفتح مصانع تجميع في الجزائر، وفق دفتر أعباء جديد، لتفادي تجربة "مصانع نفخ العجلات" التي عاشتها الجزائر بين 2016 و2019، والتي كشفت عن تهريب لأموال ضخمة إلى الخارج عبر تضخيم الفواتير، وعجزها عن خلق صناعة محلية للسيارات.
ويعاني الجزائريون من موجات تضخم كبيرة لأسعار مختلف السلع، ليضاف عبء آخر على القدرة الشرائية المنهكة بالأساس بتراجع الدينار. وخلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، سجل معدل التضخم واحداً من أعلى المعدلات التي عرفتها البلاد بوصوله إلى 9.6%، حسب الديوان الجزائري للإحصاء الحكومي، مقابل 7.23% في الفترة نفسها من السنة قبل الماضية، فيما توقعت الحكومة نسبة 5.5% في موازنة 2022.

المساهمون