ترتفع الأسعار في المتاجر بالمملكة المتحدة بوتيرة قياسية، حيث لا تظهر أزمة تكلفة المعيشة سوى القليل من المؤشرات على التراجع. فقد تسارع تضخم أسعار المتاجر إلى 9% هذا الشهر، وهي ذروة جديدة لمؤشر بدأ في 2005، حسبما أفاد اتحاد التجزئة البريطاني، اليوم الثلاثاء. وهذه زيادة عن 8.8% في إبريل/ نيسان الماضي.
وهناك دلائل على أنّ التضخم أصبح مترسخاً في المملكة المتحدة، وأنّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أدى إلى تفاقم أزمة تكلفة المعيشة، وفقاً لوكالة بلومبيرغ، إذ يعطي المستهلكون الأولوية لإنفاقهم على الضروريات، مثل الغذاء والطاقة، وتقليص النفقات حيثما أمكن ذلك.
يأتي ذلك ليزيد التحديات أمام الحكومة في مواجهة ثنائية التضخم والركود، حيث أعلن وزير ماليتها جيريمي هانت، الجمعة، في حديث مع شبكة "سكاي نيوز" البريطانية، أنّ أولويته الاقتصادية هي مكافحة التضخم حتى على حساب حصول انكماش في بريطانيا، قائلاً إنه يؤيد رفع معدلات الفائدة لمواجهة التضخم، حتى لو تسبب في ركود.
ظل معدل التضخم في بريطانيا أقوى بكثير مما كان متوقعاً، الأسبوع الماضي، مع أسرع زيادة في كلفة الخدمات والأسعار الأساسية منذ أكثر من ثلاثة عقود، مما أدى إلى زيادة الرهانات على مزيد من ارتفاع أسعار الفائدة في بنك إنكلترا.
ولكن من جهة أخرى، تباطأ تضخم أسعار المواد الغذائية إلى 15.4% في مايو/ أيار، انخفاضاً من 15.7% في إبريل. وأدى انخفاض تكاليف الطاقة والسلع إلى انخفاض أسعار السلع الأساسية، بما في ذلك الزبدة والحليب والفواكه والأسماك.
ومع ذلك، وضع مكتب الإحصاء الوطني رقم تضخم أسعار الغذاء عند 19%، الأسبوع الماضي، وهو قريب من أعلى معدل في أكثر من 45 عاماً. والتقى هانت بمصنعي المواد الغذائية لمناقشة ارتفاع أسعار البقالة، ولمطالبة الشركات بتخفيض الأسعار للمستهلكين. وتقوم هيئة مراقبة المنافسة أيضاً بالتحقيق في الأسعار في أسواق الوقود والبقالة.
واعتبرت "ذا غارديان" أنّ تراجع تضخم الغذاء في المملكة المتحدة في مايو، رفع الآمال بأنّ الزيادة السريعة في أسعار البقالة قد تكون قد وصلت إلى ذروتها.
وانخفض تضخم أسعار المواد الغذائية الطازجة، الذي ارتفع بشكل صاروخي بعد الزيادات المذهلة في أسعار النقانق والحليب والجبن والبيض، من 17.2% إلى 17.8%.
وتعمل الحكومة على خطط لوضع سقف طوعي لأسعار المواد الأساسية مثل الخبز والحليب، لكن الاقتراح تعرض لانتقادات من قبل مجموعات البيع بالتجزئة باعتباره غير فعال.
ويعد بنك إنكلترا من بين العديد من المتنبئين الذين رفعوا تقديرات التضخم، استجابة للتوقعات بأنّ أسعار المواد الغذائية ستظل مرتفعة خلال الصيف والخريف.
ومع ذلك، حذر اتحاد التجزئة البريطاني الحكومة من أنّ اعتماد بريطانيا على الواردات الغذائية من بقية أوروبا يعني أنّ الجولة القادمة من ضوابط الحدود، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يمكن أن تعكس هذا الاتجاه. ويأتي الخطر الأكبر من سياسات مثل عمليات التفتيش على الحدود، وإصلاحات رسوم إعادة تدوير العبوات.
ويتوقع المستثمرون أن تستمر معدلات الفائدة في الارتفاع هذا العام، وقد تصل إلى 5.5% في نهاية 2023 مقابل 4.5% حالياً.
وأدى ارتفاع معدلات الاقتراض في الأسواق الذي ترافق مع تشديد أسعار الفائدة الرئيسية من قبل بنك إنكلترا، إلى ارتفاع كلفة الاقتراض، لا سيما في المجال العقاري بالنسبة للأفراد والشركات البريطانية.
لكن الاقتصاد البريطاني تجنّب حتى الآن الانكماش ما يعطي هامش مناورة لبنك إنكلترا.
وأعلن صندوق النقد الدولي، هذا الأسبوع، أنه بات يتوقع ارتفاع النمو البريطاني بنسبة 0.4% لكل سنة 2023 فيما كان يشير إلى انكماش في توقعاته السابقة.