البنك المركزي المصري يرفع سعر الفائدة... وخبراء يحذرون من التداعيات

30 مارس 2023
تحذيرات من دخول الاقتصاد المصري في ركود بعد رفع الفائدة (العربي الجديد)
+ الخط -

قررت لجنة السياسات النقدية في البنك المركزي المصري، يوم الخميس، رفع معدلات الفائدة بمعدل 200 نقطة أساس، لترفع الفائدة إلى أعلى مستوى منذ يوليو/تموز 2017، وتستقر عند مستوى 18.25% و19.25% على التوالي، في إطار سباق ساخن بين "المركزي" ومعدلات تضخم مرتفعة بنسب غير مسبوقة، ومحاولة جذب الاستثمارات إلى الجنيه، وكبح الطلب على الدولار، في ظل أزمة اقتصادية طاحنة، تدفع القطاعات الصناعية والإنتاجية إلى مزيد من الركود وترفع الدين العام إلى ما يقرب من 6 تريليونات جنيه.

ويعد قرار اللجنة، برئاسة حسن عبد الله القائم بأعمال محافظ البنك المركزي، الأول من نوعه لرفع معدلات الفائدة، العام الحالي، بعد زيادات متتالية بنسبة 8% عام 2022، وتثبيت في فبراير/شباط الماضي.

وتأتي الزيادة في الفوائد مخالفة لالتزام الحكومة بخفض معدلات التضخم، وفقاً لتعهد مسبق مع صندوق النقد الدولي، بأن يكون الحد الأقصى للتضخم الأساسي بالبنك المركزي لا يزيد عن 16% خلال الشهر الحالي، بدلا من 40.3% التي بلغها في فبراير/شباط الماضي.

ويعكس القرار الحالة الضبابية التي تسيطر على أسواق المال وعدم اليقين في قدرة الحكومة على التصدي للأزمة الاقتصادية في ظل شح الدولار، والتراجع المستمر في قيمة الجنيه، حيث ارتفع سعر الدولار إلى 36 جنيها بالسوق السوداء، وفي تعاملات سوق الذهب، بينما ظل مستقرا عند حدود 31 جنيها بالبنوك.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

ويعتبر محللون قرار لجنة السياسات النقدية من أخطر القرارات التي تواجه البنك المركزي منذ إنشائها، لتأثيرها الشديد على قيمة الجنيه المتدهورة، وسحب السيولة من الأسواق، بإغراءات زيادة الفائدة، في وقت تحتاج الأنشطة الاقتصادية إلى التمويل ومحفزات تخرجها من حالة الركود التي تسود القطاع الصناعي غير النفطي منذ 28 شهرا متصلة.

واستبق البنك المركزي اجتماعه أمس بطرح أذون خزانة بقيمة 39.5 مليار جنيه، طلبت البنوك فائدة 20.5%، بزيادة 3% عن النسب المقررة من البنك المركزي منذ نهاية العام الماضي.

واعتبر محللون قرار البنك المركزي تعويضا لعملاء البنوك عن تناقص مدخراتهم، مع وجود هوة واسعة بين معدلات الفائدة السائدة ومعدلات التضخم الأساسي، بالإضافة إلى تشجيعهم على شراء أذون وسندات الخزانة والاستثمار في أدوات الدخل الثابت.

وتبحث الحكومة المصرية عن وسائل تنجي الاقتصاد من عثراته المتكررة، عبر التوجه لتشدد نقدي يستهدف رفع الفائدة والتخفيض المتعمد لقيمة الجنيه، أملا في الحد من واردات تزيد قيمتها على الصادرات سنويا، وعجز دائم في العملة الصعبة، تصل حدوده إلى 18 مليار دولار العام الحالي.

وجاء القرار متوافقا مع توقعات غالبية المحللين قبيل اجتماع لجنة السياسات النقدية، كما ظهرت في استطلاعات رأي أجرتها مؤسسات اقتصادية وإعلامية محلية ودولية. 

وأبدي خبراء مخاوف من دفع المستثمرين إلى الاحجام عن توجيه أموالهم إلى مشروعات إنتاجية، وتفضيلهم توظيفها في ودائع تضمن لهم عائدا ثابتا، دون تحمل أية أعباء ضرائبية أو مخاطر التشغيل، مع الصعود المستمر في تكاليف الإنتاج، وتراجع القوة الشرائية للمواطنين.

ويفضل المستثمرون عدم الاقتراض من البنوك بفوائد عالية لتمويل عمليات التشغيل، بينما تتآكل أرباحهم مع التراجع المستمر في قيمة الجنيه، وعدم قدرة القطاعات الصناعية والإنتاجية، مواكبة الصعود المستمر بمعدلات التضخم الذي ارتفع إلى معدلات غير مسبوقة. 

وحذر وائل النحاس خبير التمويل والاستثمار من الرفع المستمر لمعدلات الفائدة، التي تدخل الأسواق في تضخم حلزوني، يدفعها إلى الضغط على الموازنة العامة، وزيادة الدين وأعبائه، تؤدي إلى تراجع الجنيه، واستمرار المضاربات من أجل تخفيض قيمته.

ودعا" النحاس" إلى توجيه الفوائض المالية المتراكمة من استرداد شهادات الادخار ذات العائد 18%، والتي حل موعدها منذ 22 مارس/آذار الماضي، وحتى نهاية مايو/أيار المقبل، إلى قنوات بديلة تخدم الاقتصاد، دون أن تدفع إلى زيادة الفائدة والتضخم. 

وارتفعت معدلات التضخم بأسعار المستهلكين على أساس سنوي، نهاية فبراير الماضي إلى 31.9%، وارتفع التضخم الأساسي وفقا للبنك المركزي إلى 40.3%، مع وجود مؤشرات بارتفاعها خلال شهر مارس مدفوعة بزيادة سعر البنزين والسلع الأساسية، وانخفاض الجنيه بالسوقين الرسمية والموازية، وإقبال المواطنين على شراء الذهب باعتباره مخزنا للقيمة، بما رفع سعره عن المعدلات العالمية السائدة خلال الأسبوع الماضي.

وقالت الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس والبرلمانية السابقة، في تصريحات لـ" العربي الجديد": ستدفع الفائدة الأسواق إلى الركود، وسترفع حاجة الدولة إلى المزيد من الأموال، بعد أن بلغت فوائد خدمة الدين السنوي نحو 600 مليار جنيه.

وارتفع الدين المحلي إلى نحو 6 تريليونات جنيه. وترى "الحماقي" أن السياسة النقدية لن تستطيع بمفردها إخراج الاقتصاد من أزمته، داعية إلى ضرورة إصلاح هيكلي شامل، يعمل على دفع الأنشطة الإنتاجية وتقليل الواردات التي تدفع الحكومة إلى المزيد من الديون، في ظل شح الدولار وارتفاع تكلفة القروض.

واقترح خبراء أن يصدر البنك المركزي شهادات ادخار بالدولار ذات عائد يصل إلى 7%، لدفع مدخري الدولار بالداخل إلى توجيه ما لديهم من مخزون دولاري، يقدره البعض بما بين 9- 10 مليارات دولار، للبنوك الرسمية، في ظل توجه البنك الفيدرالي الأميركي إلى زيادة معدلات الفائدة وصلت إلى 5%، وتوقع زيادتها خلال العام، ولجوء الحكومة إلى طرح صكوك سيادية بعائد 10.8%، في الأسواق الدولية، لاقتراض 1.5 مليار دولار الشهر الماضي.

المساهمون