البنك المركزي التونسي يحذر من زحف التضخم

04 فبراير 2022
قدرت السلطات الرسمية وصول التضخم إلى 7% عام 2022 (Getty)
+ الخط -

عبّرت السلطات النقدية التونسية عن مخاوفها من تداعيات تضخمية كبيرة تحدق بالبلاد بسبب التقاء عوامل داخلية وأخرى خارجية تدفع بأسعار المواد الأساسية عاليا، منبهة إلى تواصل المخاطر في غياب توافق محلي يعيد الاقتصاد إلى سكة الإصلاحات.

وجاءت التحذيرات من المخاطر التضخمية العالية في بيان البنك المركزي التونسي، الصادر يوم الخميس، عقب الاجتماع الدوري لمجلس إدارته الذي أكد على مواصلة التضخم مساره التصاعدي ليقفل سنة 2021 عند مستوى 6.6%، مقابل 6.4% في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، و4.9% قبل سنة.

وقال البنك المركزي إن "ارتفاع الأسعار عند الاستهلاك المسجل بحلول نهاية سنة 2021 سيتواصل لفترة أطول مما كان متوقعا في السابق، وخاصة أن الضغوط التضخمية على مستوى أهم مكونات الأسعار تعتبر مرتفعة بما من شأنه الدفع بالتضخم نحو مستويات عالية نسبيا على المدى المتوسط نتيجة تصاعد الأسعار العالمية، لا سيما المواد الموردة، والتوجه نحو التحكم في نفقات الدعم، فضلا عن التأثير الناجم عن شح الموارد المائية".

البنك المركزي: "ارتفاع الأسعار عند الاستهلاك المسجل بحلول نهاية سنة 2021 سيتواصل لفترة أطول مما كان متوقعا في السابق

وقدرت السلطات الرسمية وصول التضخم إلى 7% عام 2022، ما يعني ضغطاً إضافياً على قدرات المواطنين على الإنفاق، لا سيما الطبقات الضعيفة والمتوسطة التي سحقها الغلاء على امتداد السنوات الأخيرة.

وأنذرت تفاصيل الموازنة للعام الحالي بتصاعد معدل التضخم السنوي للعام مع الرفع لأسعار سلع وخدمات أساسية، وفي صدارتها المحروقات والكهرباء والغاز ومياه الشرب.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأكد وزير المالية السابق والخبير المالي سليم بسباس توقعات البنك المركزي بوقوع تونس تحت ضغوط تضخمية عالية، مؤكدا أن تصاعد أسعار المواد التموينية الأساسية الموردة في السوق العالمية ينعكس سلبا على الاقتصاد التونسي الذي زادت مستويات وارداته من الغذاء ولا سيما الحبوب والزيوت النباتية.

وأفاد بسباس، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأن خلق كتلة نقدية غير متكافئة مع خلق الثروة ينتج عنه أيضاً تضخم يمكن أن يصعد إلى مستويات قياسية.

وأشار إلى أن اللجوء لتمويل الموازنة عبر الاقتراض الداخلي المكثف والطرح المستمر لأذون الخزينة قصيرة ومتوسطة المدى يؤدي إلى خلق كتلة نقدية لا يقابلها خلق للثروة أو الإنتاج، وهو ما يسبب تآكلا في قيمة العملة المحلية وتضخما مجحفا يؤثر على الواقع المعيشي للتونسيين.

تتخوف مصادر تونسية من احتواء أزمة رواتب الموظفين المتأخرة عبر طباعة النقود، وهو ما يشعل موجة التضخم

وبالإضافة إلى انشغاله من انفلات التضخم، حذر البنك المركزي أيضا من أن أي لجوء للتمويل النقدي ستكون عواقبه وخيمة على الاستقرار النقدي والمالي. وتتخوف مصادر تونسية من احتواء أزمة الرواتب الحالية عبر طباعة النقود، وهو ما يشغل موجة التضخم.

وقال البنك المركزي التونسي إنه سيستخدم كافة الوسائل المتاحة له لمجابهة أي انحراف للتضخم، مشيرا إلى أن عدة بنوك مركزية في العالم دخلت منذ بضعة أشهر في دورة تشديد للسياسة النقدية من خلال اللجوء لرفع سعر الفائدة بهدف كبح توقعات التضخم والتمكن من تعديل منحى الأسعار في اتجاه النسب المستهدفة على المدى المتوسط.

ويقول أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية محمد الشاذلي إن الأمر تحول إلى تضخم متجذر وزاحف، مؤكدا أن العام الجديد سيكون أسوأ من حيث المؤشرات الاقتصادية العامة مع استمرار أسباب الأزمة الهيكلية التي أنتجت نسب نمو ضعيفة وبطالة قياسية وتصاعداً للفقر.

وفسّر الشاذلي، في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، أسباب التضخم بفشل السياسة النقدية والعجز عن إدارة السيولة، إلى جانب تصاعد القروض الممنوحة للأفراد والتي تخلق كتلا نقدية وهمية مقابل ضعف في خلق الثروة الحقيقية.

المساهمون