البحرين: رخصة ذهبية تخفف عبء الديون

14 ابريل 2023
بلغ نمو الناتج المحلي غير النفطي للمملكة 6.2% في عام 2022 (أحمد الفردان/Getty)
+ الخط -

رخصة ذهبية جديدة أطلقتها البحرين لضمان مزايا للشركات التي تقدم مشروعات استثمارية واسعة النطاق للمملكة التي تسعى جاهدة لخفض ديونها المتراكمة، ما عده مراقبون "خطوة واعدة لكنها غير كافية"، حسب تصريحات لـ"العربي الجديد".
وتتمثل أهم مزايا الرخصة في تمتع الشركات الحاصلة عليها بـ"الأولوية" في تخصيص الأراضي وتوفير البنية التحتية والخدمات، والاستفادة من الخدمات الحكومية والدعم من صناديق التنمية، حسبما أوردت وكالة أنباء البحرين الرسمية (بنا).
ومن أهم المؤسسات التي ستتمتع الشركات الحاصلة على الرخصة الذهبية بدعمها: صندوق العمل "تمكين"، وبنك البحرين للتنمية، مع إمكانية التنسيق مع الجهات الحكومية بشكل موحد وتكاملي، وتخصيص مدير حساب من مجلس التنمية الاقتصادية.
ويأتي استصدار الرخصة في إطار خطة للتعافي الاقتصادي، أطلقتها المملكة المنتجة للنفط في أكتوبر/ تشرين الأول 2021 لتعزيز النمو وتوفير فرص عمل، بما يخفف وطأة عبء الديون الثقيلة.

وتتضمن الخطة 5 أهداف رئيسية، هي: تحسين بيئة الأعمال، وتعزيز الابتكار والريادة، وتطوير الموارد البشرية، وتحسين البنية التحتية، وتعزيز التجارة والاستثمار، حسبما أورد موقع شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية (MENAFN).

رؤية 2030
واعتبر الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن استصدار الرخصة الذهبية في البحرين خطوة واعدة تفتح إمكانيات للشراكة مع القطاع الخاص وتجذب الاستثمارات، إذ إن سر ازدهار أي اقتصاد هو كيفية توظيف الاستثمارات لتحقيق أقصى استفادة من عائداتها.
وفي السياق، يشير عجاقة إلى ربط البحرين بين الرخصة الذهبية والتوظيف الوطني، كما تنص شروط الاستصدار، بما يضمن أن تعود الاستثمارات بفائدة على المواطنين، وليس لفائدة الشركات فقط.
وأورد المكتب الإعلامي للحكومة البحرينية، في بيان، الإعلان عن استصدار الرخصة الذهبية، الصادر في 3 إبريل/ نيسان، أن نطاق الاستفادة منها يشمل بالأساس "الشركات والمؤسسات التي ستستحدث أكثر من 500 وظيفة محلية، أو التي تتجاوز قيمة استثمارها 50 مليون دولار في السنوات الأولى من عملها في المملكة".
ولذا يصف الخبير الاقتصادي خطوة استصدار الرخصة الذهبية بأنها "جوهرية"، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أنها "غير كافية"، لأن منظومة القوانين في مملكة البحرين تحتاج إلى تحديث، كما خطتها الاقتصادية.
ويقترح عجاقة، في هذا الصدد، استفادة البحرين من خطط التنمية في رؤية المملكة العربية السعودية 2030، ومحاولة الاستفادة بما يمكن من أطر مشتركة معها، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه مضاعفة فرص الاستثمار الأجنبي بالمملكة الصغيرة، لأن الربط بمشروعات الخطط السعودية يعطي للمستثمر أفقا مستقبليا أكثر وضوحا وأقل خطرا.

تدفق استثماري
ويتوقع المحلل الاقتصادي مازن أرشيد أن يساهم استصدار الرخصة الذهبية في تدفق أكبر للاستثمارات الأجنبية إلى البحرين، والتي تحتاجها المملكة الخليجية الصغيرة بشدة في شتى القطاعات الاقتصادية، حسبما صرح لـ"العربي الجديد".
وعندما تتدفق الاستثمارات الأجنبية بشكل منتظم يساهم ذلك في توظيف أعداد كبيرة من العاطلين من العمل، خاصة بعد بلوغ البطالة بالمملكة، منذ جائحة كورونا وما بعدها، إلى مستويات مرتفعة، بحسب أرشيد، الذي توقع أن تكون أكثر القطاعات المستفيدة من استصدار الرخصة الذهبية في البحرين هي: العقارات والسياحة والصناعات التحويلية إضافة إلى قطاع الخدمات.

اعتبر الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن استصدار الرخصة الذهبية في البحرين خطوة واعدة تفتح إمكانيات للشراكة مع القطاع الخاص وتجذب الاستثمارات


لكن هذه الاستفادة لن تتحقق إلا بتعزيز البيئة الاستثمارية، سواء عبر استصدار التشريعات أو تخفيف البيروقراطية المعيقة لتدفق الاستثمارات إلى المملكة، إضافة إلى الاهتمام بشكل أكبر بالبنى التحتية وفتح قطاعات اقتصادية جديدة يمكن الاستثمار فيها للأجانب، خاصة الخليجيين منهم، حسبما يرى أرشيد.

امتصاص البطالة
ومن شأن تخفيف حدة البطالة وتعزيز الاستثمار الأجنبي تمكين حكومة البحرين من تخفيف عبء الدين العام، إذ إنها من أكثر الدول المثقلة بالديون في الخليج.
ووفقًا لإحصاء مؤسسة "تريدنغ إيكونوميكس" للأبحاث، ومقرها نيويورك، فقد بلغت نسبة ديون الحكومة البحرينية إلى الناتج المحلي الإجمالي 119.50% في عام 2022.
أما إحصاء وزارة المالية والاقتصاد الوطني البحرينية، فيفيد بأن إجمالي الدين العام، حتى ديسمبر/ كانون الأول 2022، بلغ 16.7 مليار دينار (44.4 مليار دولار)، بما يعادل 101% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بدين بلغ 16.9 مليار دينار (44.94 مليار دولار)، في عام 2021، بما يعادل 114% من الناتج المحلي الإجمالي.
وحصلت البحرين على حزمة إنقاذ، في عام 2018، من دول مجاورة بقيمة 10 مليارات دولار مرتبطة بإصلاحات تهدف إلى تحقيق التوازن المالي بحلول عام 2024.
وبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في المملكة الصغيرة 6.2% في عام 2022، متجاوزا هدف النمو البالغ 5% المحدد في خطة التعافي لهذا العام، كما نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 4.9% في عام 2022، وهو أسرع معدل له منذ عام 2013، بحسب بيانات رسمية.
ومن شأن ارتفاع أسعار النفط بعد خفض إنتاج منظمة الدولة المصدرة للبترول وحلفائها (أوبك+)، أن يساهم في تسريع خطة الإنقاذ المالي للمملكة، بما يساهم في خفض عبء ديونها الثقيل.

المساهمون