الاقتصاد يتصدر أجندة زيارة الرئيس الإيراني إلى عُمان

23 مايو 2022
تستهدف إيران زيادة التبادل التجاري مع عُمان إلى 5 مليارات دولار (فرانس برس)
+ الخط -

توجه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، صباح اليوم الإثنين، إلى سلطنة عُمان، في زيارة تستمر يوماً واحداً، يتصدر الاقتصاد أجندتها.

وعلى الرغم من عدم الرضا الإيراني عن حجم التبادل التجاري بين البلدين، لكنه حقق خلال العام الماضي رقما قياسيا، حيث تستهدف زيارة رئيسي تطوير العلاقات الاقتصادية في مختلف المجالات. 

وفي تغريدة، كتب السفير الإيراني في مسقط علي نجفي أن توسيع العلاقات التجارية مع عُمان يتصدر أجندة زيارة رئيسي، قائلا إن الزيارة تؤكد "أولوية الجيران في السياسة الخارجية الإيرانية، ومنح الأولوية للعلاقات مع عُمان في هذه السياسة". 

ورئيسي نفسه أكد في كلمة مقتضبة من مطار طهران، قبيل توجهه إلى عُمان، "عزم وإرادة البلدين للرقي بمستوى العلاقات في مجالات التجارة والنقل والطاقة والسياحة، وخاصة السياحة العلاجية".

وعبر الرئيس الإيراني عن عدم رضاه على مستوى العلاقات التجارية، حيث قال إن "المستوى الحالي للعلاقات بين البلدين ليس في الوضع المطلوب"، مشيرا إلى أنه سيوقع اتفاقيات خلال الزيارة.

وتربط بين إيران وعُمان علاقات سياسية جيدة تاريخيا، ومسقط تعتبر وسيطا رئيسيا بين طهران وواشنطن منذ عقود.

وسجل التبادل التجاري بين البلدين رقما قياسيا خلال العام الماضي، حيث لأول مرة وصل حجمه إلى مليار و335 مليون دولار، أي بزيادة أكثر من 50 في المائة مقارنة بالعام 2020.

ومن هذا الرقم، 716 مليون دولار قيمة الصادرات الإيرانية إلى عُمان، و619 مليونا قيمة الواردات الإيرانية منها، وبذلك تحتل سلطنة عمان المرتبة السادسة بين دول جوار إيران في وجهة صادراتها والمركز الثاني بين دول الخليج بعد الإمارات في استقبال السلع الإيرانية.

وتشكل حصة إيران 1.8 في المائة من مجموع الواردات العمانية التي تقدر بـ24 مليار دولار، وعليه، تسعى الحكومة الإيرانية في الوقت الراهن إلى الرقي بحجم التبادل التجاري مع عمان ليصل إلى 5 مليارات دولار.

وأهم السلع التي تصدرها إيران إلى عمان هي الحديد والفولاذ والوقود الأحفوري والفحم الحجري والمواد الغذائية والمكسرات ومواد البناء.

تطوير حقل نفطي مشترك

وأكد وزير النفط الإيراني جواد أوجي، خلال زيارته أمس الأحد إلى عمان، والتي استبقت وصول الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، اليوم الإثنين، إلى مسقط، أنه أجرى مباحثات جيدة مع المسؤولين العمانيين، منهم وزير النفط محمد بن حمد الرمحي.  

وفي تصريحات، كشف وزير النفط الإيراني عن التوصل إلى "اتفاقيات" في مختلف المجالات الاقتصادية، وخاصة في مجال التعاون في قطاع الطاقة، خلال زيارته إلى مسقط، وفق موقع وزارة النفط الإيرانية.  

وأضاف أنه اتفق مع نظيره العماني على توسيع المراحل القادمة لحقل "هنغام" النفطي الوحيد المشترك بين البلدين، لافتا إلى أنهما اتفقا على تشكيل لجنة فنية مشتركة لتطوير الحقل بشكل موحد. 

وأوضح أن "الاستخراج الموحد" من الحقول المشتركة في المنطقة "غير مسبوق"، مؤكدا أن الاستخراج التنافسي في الحقول يضر بها، لكن الاستخراج المشترك الموحد يحقق أكبر قدر ممكن من الإنتاجية.

ولفت وزير النفط الإيراني إلى أن تصدير الخدمات التقنية والهندسية من إيران إلى عمان كان المحور الثاني لاتفاقيات وقعها في عمان، قائلا إن شركات المقاولة الإيرانية لديها "قدرات كبيرة" في مجال تصدير الخدمات التقنية والهندسية في قطاعي النفط والغاز.

وفي السياق، من المقرر أن يزور وفد عماني تقني إيران قريبا، لتفقد المنشآت النفطية والغازية الإيرانية للتعرف عن قرب إلى القدرات التقنية والهندسية الإيرانية.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وذكرت وزارة النفط الإيرانية أن زيارة أوجي إلى عمان كانت بهدف توسيع دبلوماسية الطاقة واتخاذ خطوات كبيرة في هذا المجال، واستكمالا لزيارات أخرى خلال الأشهر الأخيرة.  

تفعيل ممر عشق آباد 

وتنشد إيران تفعيل ممر "عشق آباد" للنقل خلال زيارة رئيسي إلى عمان، حيث قال السفير الإيراني علي نجفي، لوكالة إرنا، إنه يتوقع التوقيع على اتفاقيات ومذكرات تفاهم خلال الزيارة، منها تفعيل "اتفاقية عشق آباد" للنقل. 

وأضاف نجفي أن تنفيذ هذه الاتفاقية في ظل الحرب بين روسيا وأوكرانيا "يكتسب أهمية كبيرة".

وجرى التوقيع على اتفاقية "عشق آباد" للنقل عام 2011 بين إيران وعمان وتركمانستان وقرغيزيا وأوزبكستان لتسهيل نقل السلع بين آسيا الوسطى والخليج.

وتربط الاتفاقية الخليج بآسيا الوسطى والعكس، حيث توفر إمكانية نقل البضائع من دون قيود جمركية بين المنطقتين.

خبير يقرأ في النتائج الاقتصادية للزيارة

وبشأن النتائج الاقتصادية لزيارة الرئيس الإيراني لعُمان، يقول الخبير الإيراني سعيد شاوردي، لـ"العربي الجديد"، إنه "لا توجد بعد معطيات ومعلومات كثيرة بشأن تفاصيل نتائج الزيارة اقتصاديا"، غير أنه أكد أن الزيارة "اقتصادية بامتياز".

وأضاف شاوردي أن أهمية الزيارة تأتي في وقت تواجه فيه إيران العقوبات الأميركية الواسعة منذ 2018، وأنها ستستمر إذا لم تسفر مفاوضات فيينا النووية المتعثرة عن اتفاق لإحياء الاتفاق النووي بما يرفع العقوبات، مشيرا إلى أن الحكومة الإيرانية في العلاقات التجارية تعطي الأولوية مع الدول الجارة، وخاصة مع دول مثل سلطنة عمان وقطر في منطقة الخليج.

وأوضح أن العلاقات الجيدة بين إيران وعمان تعطي فرصة لطهران لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع مسقط لجلب الاستثمارات العمانية، فضلا عن الاستثمار في مجالات اقتصادية مهمة في عمان.

ولفت شاوردي إلى عزم البلدين على تعزيز التعاون في مجال الطاقة وبناء السكن وإنشاء موانئ، أو تطوير التجارة عبر الموانئ ونقل سلع إيرانية إلى المنطقة عبر موانئ عمانية، فضلا عن محاولات لتفعيل ممر "عشق آباد" لنقل السلع من آسيا الوسطى إلى الخليج، والعكس عبر الأراضي الإيرانية.

إلا أن الهدف من إنشاء ممر "عشق آباد" يتجاوز التجارة بين المنطقتين عبر إيران، حيث يقول الخبير الإيراني لـ"العربي الجديد"، إن الممر من شأنه أن يشكل معبرا لتصدير السلع من روسيا وبعض الدول الأوروبية إلى العالم عبر سلطنة عمان بعد مرورها من الأراضي الإيرانية.

إلى ذلك أيضا، يوضح شاوردي أن إيران بصدد تصدير غازها ووقودها إلى العالم عبر موانئ عمان، مشيرا في السياق إلى أنها بعد روسيا تحتل المركز الثاني في إنتاج الغاز، واليوم الدول الأوروبية بحاجة ماسة إلى الغاز الإيراني، وعمان يمكنها أن تتحول إلى مركز لتصدير الغاز الإيراني إلى أوروبا.

كما تسعى الحكومة الإيرانية إلى جلب استثمارات عمانية في مجال بناء المساكن في إيران. فكما يقول الخبير الإيراني، فإن الرئيس إبراهيم رئيسي وعد الإيرانيين ببناء مليون وحدة سكنية سنويا، وأربع ملايين وحدة سكنية خلال أربع سنوات من ولايته، مضيفا أن بناء هذه الوحدات السكنية بحاجة إلى استثمارات كبيرة.

وتابع أن الحكومة الإيرانية تأمل بجلب الاستثمارات الأجنبية لبناء هذه الوحدات، وعمان من الدول التي يمكنها مساعدة الحكومة في ذلك ليتمكن رئيسي من ترجمة وعوده في هذا المجال للمواطنين الإيرانيين.

وأشار الخبير شاوردي إلى "الجهود العمانية البناءة في التوصل إلى الاتفاق النووي عام 2015"، قائلا إنها "يمكنها أيضا أن تلعب دورا مهما في حل الخلافات المتبقية بين طهران وواشنطن في الوقت الراهن، لتوصل مفاوضات فيينا إلى اتفاق لإحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات عن إيران".

والمجال الآخر للتعاون بين إيران وعمان هو الدور الذي يمكن أن تلعبه مسقط في نقل الأرصدة الإيرانية المجمدة إلى إيران بعد الاتفاق المحتمل في مفاوضات فيينا، حسب شاوردي، الذي يضيف أن عمان تحظى بثقة كل من إيران والولايات المتحدة، الأمر الذي يمنحها موقعا متميزا ومهما لإحياء الاتفاق النووي والإفراج عن الأرصدة المجمدة.

يؤكد الخبير الإيراني أن "إيران تنظر إلى تعاونها الاقتصادي مع عمان وقطر كسبيل لتحقيق الاستقرار والهدوء في المنطقة عبر بوابة الاقتصاد"، لافتا إلى أنه "إذا لم تنجح الجهود لإحياء الاتفاق النووي، فإيران تخطط لتطوير تجارتها مع دول الجوار لتحصيل عوائد تقدر بـ200 مليار دولار إذا ما طورت علاقاتها التجارية مع الدول الـ15 الجارة".

ويوضح أن إيران تنظر إلى توسيع العلاقات الاقتصادية مع الجيران على أنها "فرصة لها تزيد من مقاومتها أمام الضغوط الاقتصادية الأميركية والغربية".

المساهمون