الاقتصاد الروسي.. هل تكون 2025 سنة الآلام؟

25 ديسمبر 2024
الاقتصاد الروسي ما زال قائماً رغم العقوبات الغربية، موسكو (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواجه الاقتصاد الروسي تحديات كبيرة بسبب الإنفاق الدفاعي المتزايد، مما أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم وتوقعات بركود تضخمي، حيث رفع البنك المركزي سعر الفائدة الرئيسي إلى 21% في أكتوبر 2024.

- يتوقع صندوق النقد الدولي تباطؤ نمو الاقتصاد الروسي في 2025، مع تأثير العقوبات الأميركية على المؤسسات المالية الروسية، مما أدى إلى انخفاض قيمة الروبل وتهديد مراكز التسوق وشركات النقل بالإفلاس.

- يعتمد الاقتصاد الروسي بشكل كبير على إيرادات النفط والغاز، لكن التوقعات تشير إلى انخفاض أسعار النفط العالمية، مما قد يؤثر على العائدات الروسية في ظل العقوبات الغربية.

يبدو أن الاقتصاد الروسي يستعدّ لاستقبال سنة مؤلمة، على الرغم من إعادة الهيكلة التي تمّت على نطاق واسع فيه، منذ انطلاق الحرب الروسية على أوكرانيا، ليتماشى مع أولويات الحرب. وفرضت روسيا حظراً على بعض أنواع الصادرات، وعزّزت تجارتها مع الدول غير الغربية، وسعت للاستفادة من صندوق الثروة الوطني الذي تملكه، إلا أن الإنفاق الدفاعي غير المسبوق، ونقص العمالة، والعقوبات الغربية، فرضت عليها تكاليف باهظة، مما دفع البعض للاعتقاد بأن البلاد تقترب من حدود قدرتها الاقتصادية.

وفي تقرير حديث، نشره موقع بيزنس إنسايدر الأميركي، أشار اقتصاديون إلى أن الاقتصاد الروسي، رغم تماسكه البادي خلال الثلاثين شهراً الأخيرة، سيواجه عاماً صعباً إذا استمرت الحرب في أوكرانيا. وأكّد الخبراء أن التضخم المستمر والإجهاد على الميزانية الفيدرالية سيؤثران سلباً في الاقتصاد الروسي.

الاقتصاد الروسي والتضخّم

ارتفع الإنفاق الدفاعي الروسي من 59 مليار دولار في عام 2022 إلى 109 مليارات دولار في 2023، ومن المتوقّع أن يصل إلى 126.8 مليار دولار في 2025، وهو ما يمثّل 32.5% من الميزانية الفيدرالية، مقارنةً بـ28.3% سُجِّلت هذا العام، وفق بيانات رسمية. ورغم أن هذا الإنفاق دعم الاقتصاد في السنوات الأخيرة، إلا أنه أسهم أيضاً في زيادة التضخم، إذ صرّح الرئيس فلاديمير بوتين بأنّ معدلات التضخّم قد تصل إلى 9.5% في 2025.

وللتعامل مع التضخّم، رفع البنك المركزي الروسي سعر الفائدة الرئيسي إلى 21% في أكتوبر/ تشرين الأول 2024، وهو أعلى مستوى في تاريخه، مما أثّر في هوامش أرباح الشركات. ورغم أن البنك المركزي لم يرفع السعر في ديسمبر/ كانون الأول كما كان متوقعاً، فإنه قد يضطر إلى إجراء زيادة جديدة في العام المقبل.

وفي الوقت نفسه، حذّر مركز الأبحاث الروسي TsMAKP من أن الفشل في كبح التضخم قد يؤدي إلى ركود تضخمي، وهو سيناريو يتميّز بنمو منخفض وتضخّم مرتفع، ما يجعله أصعب في التعامل معه من الركود العادي.

تباطؤ معدل نمو الاقتصاد

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يشهد الاقتصاد الروسي تباطؤاً في النمو الاقتصادي في 2025، إذ خفض توقّعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي من 1.5% إلى 1.3%. ومع ذلك، فإن الكرملين سيحرص على تخصيص الموارد للإنتاج العسكري، رغم أن الصندوق توقع تباطؤ العديد من القطاعات الأخرى. وأدّت العقوبات الأميركية التي فُرضت على غازبروم بنك ومؤسسات مالية أخرى في نوفمبر إلى انخفاض قيمة الروبل، وتسبّبت من ثم في خفض خطط التوسع للشركات. وتشير تقارير إلى أن أكثر من 200 مركز تسوّق في روسيا مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع الديون، بينما يخشى نحو ثلث شركات النقل الروسي التعرض للإفلاس في 2025.

ورغم اعتماد روسيا الكبير على إيرادات النفط والغاز، والتي من المتوقّع أن تمثل حوالي 27% من إجمالي إيرادات الميزانية في 2025، إلا أن التوقعات بشأن هذه الإيرادات قد تكون مفرطة في التفاؤل. وتتوقّع الأسواق انخفاض أسعار النفط العالمية من 80 دولاراً للبرميل في 2024 إلى ما بين 65 و71 دولاراً في 2025، بسبب تراجع الطلب وزيادة الإنتاج من الدول غير الأعضاء في أوبك+، فضلاً عن التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة. ورغم أن روسيا تمكّنت جزئياً من التهرب من سقف الأسعار البالغ 60 دولاراً للبرميل، الذي فرضته مجموعة السبع منذ ديسمبر 2022، إلا أن تشديد العقوبات الغربية قد يقلل من عائداتها.

ويعتمد الاقتصاد الروسي في 2025 على مدى توفر الموارد. ويمتلك صندوق الثروة الوطني الروسي أصولاً تبلغ حوالي 131.1 مليار دولار حتى أكتوبر/ تشرين الأول، بينما يمتلك البنك المركزي حوالي 614.4 مليار دولار من الاحتياطيات الدولية. ومع ذلك، فإن مستقبل الاقتصاد الروسي سيعتمد على عوامل عدة، بما في ذلك أسعار النفط، والعقوبات، وسياسات التجارة للإدارة الأميركية الجديدة، وحالة سوق العمل الروسي.

وعلى الرغم من صمود الاقتصاد الروسي حتى الآن، فإن استمرار الحرب سيضع قيوداً إضافية على قدرة روسيا على تمويل أنشطتها العسكرية. وفي الوقت ذاته، سيظل الدعم الغربي لأوكرانيا عاملاً حاسماً في تحديد مدى تأثير الحرب في الاقتصاد الروسي.

المساهمون