هكذا رفع بايدن الكلفة الاقتصادية لتسليم ترامب السلطة

10 يناير 2025
ترامب خلال لقاء مع أمير ويلز، باريس 7 ديسمبر 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- بعد فوز ترامب، قرر الديمقراطيون تسليم السلطة بسلاسة، لكنهم اتخذوا إجراءات حمائية ضد صفقات ترامب الاقتصادية. أصدر بايدن أوامر لحماية البيئة، منها منع عقود تأجير النفط في مناطق حساسة.
- قرارات بايدن حمت 625 مليون فدان من الأراضي والمياه من تأجير النفط، مما أثار غضب ترامب. ووصفت حملة ترامب هذه القرارات بأنها انتقامية، بينما أكد خبراء صعوبة إلغائها بسبب القوانين الفيدرالية.
- يواجه ترامب تحديات اقتصادية وقانونية في زيادة إنتاج النفط، مع معارضة ديمقراطية في الكونغرس، مما يعقد الوضع الاقتصادي لإدارته.

بعدما أصبح تولي الرئيس دونالد ترامب الرئاسة أمرا محتوما يوم 20 يناير الجاري، بعد فوزه في انتخابات الرئاسة، وأعلن "الديمقراطيون" تسليم السلطة للرئيس "الجمهوري" بسلاسة، عكس ما فعل هو عام 2020، قرروا القيام بسلسلة إجراءات اقتصادية حمائية لموارد بلادهم، ضد صفقات اقتصادية يعتزم ترامب القيام بها. لكن هذه الإجراءات، أو "الأوامر التنفيذية" التي أصدرها بايدن، سترفع "الكلفة الاقتصادية" لتسليم ترامب السلطة، ووصفها الرئيس الجمهوري الذي يستعد لتولي منصبه، بأنها "أوامر تنفيذية مكلفة"، وستشكل أعباء مالية واقتصادية على إدارته، وفق محللين اقتصاديين أميركيين.

أبرز هذه القرارات التي اتخذها بايدن، وأثارت غضب ترامب، هي قرار يمنع إبرام عقود تأجير للتنقيب عن النفط والغاز مستقبلاً، على طول السواحل الشرقية والغربية للولايات المتحدة، والجزء الشرقي من خليج المكسيك وقطاع من بحر بيرينغ الشمالي، وهي منطقة غنية بالطيور البحرية والثدييات المائية والأسماك وأشكال الحياة البرية الأخرى التي اعتمدت عليها الشعوب الأصلية لآلاف السنين، بهدف "الحفاظ على البيئة ومكافحة تغير المناخ".

ووصفت صحف أميركية القرار بأنه يتشابه مع قصة فيلم أميركي شهير هو "قضية البجعة"(The Pelican Brief) للممثلين دينزل واشنطن وجوليا روبرتس، الذي يدور حول رئيس فاسد يؤجر منطقة أحياء بحرية لأصدقائه رجال الأعمال لاستخراج النفط منها، ويتم قتل قاضيين وعدة أشخاص لهذا الغرض، في إشارة ضمنية، لما كان ترامب يعتزمه.

ويوم السادس من يناير/كانون الثاني الجاري، أصدر الرئيس بايدن قرارا يتضمن إجراءات لحماية الساحل الشرقي للولايات المتحدة بالكامل، وخليج المكسيك، والمحيط الهادئ قبالة سواحل واشنطن وأوريغون وكاليفورنيا، وأجزاء إضافية من بحر بيرنغ الشمالي في ألاسكا من "عمليات تأجير النفط والغاز الطبيعي في المستقبل". وكان مبرر القرار أن "المخاطر والأضرار البيئية والاقتصادية التي قد تنتج من الحفر في هذه المناطق تفوق إمكانات موارد الوقود الأحفوري المحدودة"، وبموجب هذا القرار حمى بايدن أكثر من 625 مليون فدان من أراضي ومياه أميركا، من توقع اسناد ترامب لها لرجال أعمال موالين له.

ويرى محللون اقتصاديون أميركيون أن بايدن حرم ومنع ترامب بذلك، من توفير عوائد مالية لإدارته التي ستعاني من عجز مالي كبير، لو كان قد قرر "تطوير النفط والغاز بالمياه الساحلية"، حسبما هي الخطة التي سبق أن أعلنها فريق ترامب. ودفع هذا حملة الرئيس ترامب لوصف قرار بايدن المتعلق بمنع عمليات تطوير النفط والغاز لأجل غير مسمى في 625 مليون فدان من المياه الساحلية الأميركية بأنه "قرار مشين وسيفشل". ووصفت إدارة ترامب، في بيان السادس من يناير الجاري، القرار بأنه "يهدف إلى الانتقام من الشعب الأميركي الذي أعطى ترامب تفويضا خفض أسعار الغاز"، وقالت: "كونوا متأكدين أن القرار سيفشل، وقال ترامب "سأرفع الحظر الذي فرضه بايدن على حفر النفط على الفور".

لكن خبراء طاقة يرون أن من الصعب على ترامب إلغاء قرار بايدن، لأنه استند إلى مادة بالقانون الفيدرالي عمرها 72 عاماً تمنح الرؤساء "سلطة سحب المياه الإقليمية الأميركية من ترتيبات التأجير لاستخراج النفط والغاز". وأكدوا لصحيفة "واشنطن بوست" في السادس من يناير الجاري، و"فوربس" 7 يناير، أن ترامب سيواجه عقبات قانونية في محاولة عكس قرار بايدن، وقد يحتاج إلى أن يلغي الكونغرس الحظر الجديد، وهذه هي العقبات الأكثر صعوبة التي تواجه تعهداته الأوسع بزيادة حادة في الحفر.

ويمنح قانون عام 1953 الرئيس سلطات واسعة لمنع الحفر في المياه الفيدرالية من أجل النفط والغاز، وسبق أن حكمت قاضية المحكمة الجزئية الأميركية شارون غليسون" عام 2019 بأن مثل هذه القرارات لا يمكن التراجع عنها دون قانون من الكونغرس. واستأنفت إدارة ترامب القرار في ذلك الوقت، لكن الحكومة الفيدرالية أسقطت الاستئناف بعد تولي بايدن منصبه، لذلك لم تتدخل محكمة أعلى في الأمر.

مشاكل ترامب الاقتصادية أكبر

ويوضح موقع "بوليتيكو" الأميركي 7 يناير الجاري، أن وعود ترامب النفطية ستواجه مشاكل أكبر من مجرد حظر بايدن الحفر البحري، وأن "العوامل الاقتصادية التي قد تحد من مكاسب إنتاج النفط الأميركي كثيرة للغاية". ولفت إلى أن الرئيس المنتخب سيواجه صعوبة في الوفاء بتعهداته بزيادة إنتاج النفط بشكل كبير، حتى لو تمكن من إلغاء الحظر الشامل الجديد الذي فرضه بايدن على الحفر البحري.

محللون في مجال الطاقة أكدوا لموقع "بوليتيكو"، إن إحجام منتجي النفط المترددين اقتصاديًا، وارتفاع أسعار السيارات الموفرة للوقود، والحروب التجارية التي هدد بها ترامب، ستجعل من الصعب على الولايات المتحدة إنتاج المزيد من النفط مقارنة بما تنتجه بالفعل، وتُصعب من تعهدات حملة ترامب بـ "الهيمنة" على الطاقة.

وخاض ترامب حملته الانتخابية على أساس خفض أسعار الطاقة الأميركية إلى النصف في أول 18 شهراً من ولايته وزيادة إنتاج النفط. وتعهد ترامب أيضاً بتوسيع مساحة الأراضي الفيدرالية المفتوحة أمام منصات الحفر، بما في ذلك فتح محمية الحياة البرية الوطنية في القطب الشمالي في ألاسكا وتقليص الرسوم على شركات إنتاج النفط التي زادتها إدارة بايدن.

وتبدو هذه الأخبار سارة بالنسبة لجماعات الضغط في صناعة النفط، لكنها لن تؤدي بالضرورة إلى زيادة إنتاج النفط، بحسب المحللين. ووصفت المتحدثة باسم ترامب، كارولين ليفيت، قرار بايدن بأنه محاولة للانتقام السياسي وكتبت: "هذا القرار فضيحة تهدف لمعاقبة الأميركية الذين دعموا ترامب لتوسيع التنقيب وخفض أسعار الطاقة".
وسبق أن رفض بايدن والنواب الديمقراطيون خطط ترامب لتقليص الانفاق في الموازنة واضطر فريق ترامب في الكونغرس لقبول صفقة "عدم اغلاق الحكومة" الأخيرة التي رحلت مبالغ مالية ضخمة وديون لإدارة ترامب.

وقالت شبكة "NBC NEWS" إن الكونغرس تجنب الإغلاق لكنه ترك "فوضى كبيرة" لترامب والجمهوريين في عام 2025، حيث سيتطلب الأمر مشروع قانون تمويل آخر، وتمديد سقف الدين، ومشاريع قوانين حزبية كبرى بشأن الهجرة والضرائب، وهو ما حاول ترامب الضغط على الكونغرس لرفع سقف الدين عن كاهله، لكنه فشل.
وضمن خطوات رفع "الكلفة الاقتصادية" على إدارة ترامب أيضا، أعلنت إدارة بايدن وقف إدراج الديون الطبية في تقارير الائتمان للمستهلكين الأميركيين، في خطوة جاءت وفاءً بتعهد انتخابي.

وستؤدي هذه الخطوة إلى إزالة 49 مليار دولار فواتير طبية مستحقة من تقارير الائتمان، ويفيد 15 مليون أميركي، وهو ما يعترض عليه ترامب ورؤساء البنوك الأميركية.
وقال ترامب، إن الرئيس جو بايدن يفعل كل ما بوسعه لجعل عملية انتقال السلطة صعبة للغاية.

وكان الرئيس بايدن وصف الخطط الاقتصادية لخليفته دونالد ترامب بأنها "كارثة"، وقال إن تلويح ترامب بفرض رسوم جمركية ضخمة على الواردات هي "خطأ فادح" وحث الجمهوريين على التخلي عن التخفيضات الضريبية المقترحة. وقال إنه ورث من ترامب، "أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها الولايات المتحدة منذ الكساد الأعظم قبل أربع سنوات" حيث زاد التضخم والفائدة، لكنه تقلص في عهده، بحسب تعبيره.

المساهمون