على الرغم من إعلانه تحسن أوضاع الاقتصاد الأميركي، في ما يخص النشاط الاقتصادي ومعدلات التوظيف، أبقى مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) معدلات الفائدة عند مستوياتها الصفرية، مشيراً إلى تأجيل رفعها لحين استقرار معدل التضخم فوق 2% لبعض الوقت، والعودة إلى مستويات التوظيف القصوى التي سادت قبيل ظهور فيروس كوفيد - 19 في الولايات المتحدة.
وبعد أن كانت توقعاته قبيل نهاية العام الماضي تشير إلى نمو الاقتصاد بنحو 4.2%، أظهرت البيانات الصادرة عن لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، المسؤولة عن السياسة النقدية الأميركية، توقعها تحقيق الاقتصاد الأميركي معدل نمو في حدود 6.5% خلال العام الجاري، 2021، قبل أن تعود معدلات النمو إلى مستوياتها الطبيعية، لتراوح بين 2.2% - 3.3% في السنوات التالية.
وفي ختام اجتماعات البنك المركزي التي تمت على مدار يومين، لم تقتصر التوقعات المتفائلة على معدل نمو الاقتصاد، حيث ظهرت تطورات إيجابية على العديد من المؤشرات الهامة، لتظهر بيانات اللجنة توقعها انخفاض معدل البطالة من مستواه الحالي الذي يزيد عن 6.2% إلى أقل من 4.5%، تزامناً مع الانتعاش الاقتصادي المتوقع تحقيقه هذا العام.
وتسببت توقعات اللجنة، وبيان البنك الذي تم إصداره عقب انتهاء الاجتماعات، في ارتفاع أسعار الأسهم الأميركية، وانخفاض العائد على سندات الخزانة لمدة 10 سنوات، لينهي مؤشر داو جونز الصناعي تعاملات أمس فوق مستوى 33 ألف نقطة لأول مرة في تاريخه الممتد لأكثر من 138 عاماً، محققاً مكاسب بنسبة 0.6%، ويرتفع مؤشر اس آند بي 500 بنسبة 0.3%، ويضيف مؤشر ناسداك نسبة 0.4% إلى قيمته، رغم أن الساعات الأولى لتداول أسهمه غلبت عليها الخسائر.
وبعدما سخر جهوده لرفع معدل التضخم في البلاد، باعتباره أمراً ضرورياً للخروج من حالة الركود الحالية، توقع البنك المركزي، يوم الأربعاء، وصول معدل التضخم إلى 2.2% بنهاية العام الحالي، متجاوزاً مستواه المستهدف، والمقدر بـ2%، والذي وضعه البنك لنفسه في أعقاب الأزمة المالية العالمية في 2008 – 2009.
وقال رئيسه جيرومي باول، في لقاء مع قناة "سي أن بي سي" الاقتصادية، إن الفترة القادمة ستشهد "ارتفاعاً مؤقتاً في الأسعار"، مؤكداً أنه لن يكون كافياً لتغيير سياسة البنك الحالية، والتوجه نحو رفع معدلات الفائدة.
ومع بدء ملاحظة معدلات التضخم المرتفعة في الولايات المتحدة، وهو ما عبر عنه جيم كريمر، مقدم برنامج "مال مجنون – Mad Money" الشهير على قناة "سي أن بي سي"، بقوله "انظر حولك في كل مكان ترى التضخم في أسعار النحاس والألومنيوم والصلب والنفط"، زاد عدد أعضاء لجنة السياسة النقدية الفيدرالية الذين يرون ضرورة للبدء في رفع معدلات الفائدة الأميركية بحلول العام المقبل من عضو واحد إلى أربعة أعضاء من أصل 18 عضواً تشملهم اللجنة، كما وصل عدد من يرون ضرورة رفع الفائدة في 2023 إلى سبعة أعضاء بعد أن كانوا خمسة فقط قبيل نهاية العام الماضي.
لكن بيان البنك الفيدرالي بعد انتهاء الاجتماعات أشار إلى تفضيله استمرار المعدل المنخفض لحين الوصول إلى ما يستهدفه من معدلات توظيف وتضخم، وهو ما ترجمته أسواق السندات باعتباره قراراً بعدم رفع معدلات الفائدة قبل العام 2023.
وتزامن اليوم الثاني والأخير من اجتماعات مجلس الاحتياط الفيدرالي مع بدء وصول المساعدات النقدية المباشرة، التي تم إقرارها ضمن حزمة لإنعاش الاقتصاد ومساعدة الأميركيين تقدر قيمتها بـ1.9 تريليون دولار، إلى الحسابات المصرفية للأميركيين، بعد إصدار 90 مليون شيك، بواقع 1400 دولار لكل مواطن، الأمر الذي توقع محللون أن يدعم ارتفاع معدل التضخم ويخدم أهداف الفيدرالي. وفي الوقت نفسه، أكد البنك أن "لديه من الأدوات ما يمكنه من التعامل مع التضخم لمنع خروجه عن السيطرة".
وعلى نحو متصل، وتفهماً من الإدارة الأميركية للظروف الصعبة التي خلفها الوباء القاتل، وأوامر الإغلاق التي استهدفت الحد من انتشاره في الأراضي الأميركية، قررت وزارة الخزانة تأجيل الموعد النهائي المحدد لتقديم المواطنين إقراراتهم الضريبية إلى 17 مايو/ أيار بدلاً من موعده المعتاد في منتصف إبريل/ نيسان من كل عام.
وقال تشاك رتيج، المدير المسؤول بمصلحة الضرائب، في بيان: "لا يزال الوقت الحالي عصيباً على الكثير من الأشخاص، وتريد المصلحة مواصلة بذل كل ما في وسعها لمساعدة دافعي الضرائب على التغلب على الظروف غير العادية المتعلقة بالوباء، مع الالتزام بما تضطلع به من مسؤوليات هامة".
وصدق بيل باسريل، رئيس لجنة الطرق والوسائل بمجلس النواب الأميركي، على ما قاله مسؤول مصلحة الضرائب، مؤكداً أن "تمديد الموعد النهائي لتقديم الإقرارات الضريبية كان ضرورياً للغاية لمنح الأميركيين بعض المرونة التي يحتاجونها في وقت أزمة غير مسبوقة". وأضاف "في ظل ضغط وتوتر كبيرين، يجب أن يكون لدافعي الضرائب الأميركيين ومُعِدِّي الضرائب مزيد من الوقت لتقديم الإقرارات الضريبية".
وتسبب مشروع قانون للإغاثة من فيروس كوفيد – 19 وقعه الرئيس المنتخب حديثاً جو بايدن، الشهر الحالي، في منتصف ما يعرف باسم "موسم الضرائب"، في إحداث العديد من التغييرات التي أضافت إلى تعقيدات عام استثنائي بالنسبة للكثيرين. ومنح القانون الجديد إعفاءات ضريبية إضافية للآباء، كما منح بعض الامتيازات الأخرى، وذلك ضمن جهود الإدارة الحالية لتخفيف الأعباء المعيشية على الأميركيين.