الإدارة الأميركية أمام خيارات صعبة في تنفيذ عقوبات النفط الروسي

14 أكتوبر 2022
الرئيس جو بايدن لدى وصوله إلى كاليفورنيا ضمن دعم حملة حزبه الانتخابية (Getty)
+ الخط -

تواجه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن خيارات صعبة بين محاصرة روسيا مالياً عبر حرمانها من دخل الطاقة الضخم والذي يتجاوز 100 مليار دولار سنويا، وبين مخاوف من أن يؤدي تطبيق مقترح"السقف السعري" على صادرات النفط الروسي إلى حدوث ذعر في أسواق الطاقة ويرفع تبعاً لذلك من سعر الخامات البترولية إلى مستويات تضر بأغلبية الحزب الديمقراطي في الكونغرس حينما تجري انتخابات النصف المقبلة.

ويدخل الحزب الديمقراطي الحاكم في أميركا انتخابات النصف للدورة الرئاسية في الثامن من نوفمبر/ تشرين المقبل وهو يواجه جملة من الانتقادات بشأن أسعار الوقود وارتفاع التضخم وتداعيات سعر الفائدة على الدولار على المواطنين.

ورغم أن أسعار النفط لاتزال في مستويات معقولة تحوم حول 90 دولاراً للبرميل من نوعية خام برنت، إلا أن هنالك مخاوف تثار في الأسواق حول ما إذا كانت روسيا ستوقف تصدير النفط تماماً للدول الغربية في حال الإعلان من قبل أوروبا عن تطبيق السقف السعري والذي تحاول القارة من خلاله تقليل دخل النفط الروسي. ويبدو أن واشنطن حريصة على تكثيف الضغوط المالية على روسيا عبر تقليل دخلها من صادرات النفط الذي يشكل نحو 40% من دخل الميزانية الروسية، ولكنها تتخوف من أن يؤثر ذلك سلباً على المعروض النفطي في أسواق الطاقة العالمية.

وحتى الآن ومع اقتراب الحرب في أوكرانيا من شهرها الثامن لا يلوح في الأفق حل لتلك الحرب المستعرة، وهو ما يزعج القوى الغربية ويدفعها نحو تطبيق "السقف السعري" الذي تسعي من خلاله إلى تجفيف موارد روسيا المالية والتأثير على قدرتها في تمويل الآلة الحربية في أوكرانيا. ويستهدف السقف السعري حرمان روسيا من جزء كبير من مداخيل النفط، ولكن من دون أن يوقف ذلك صادراتها للأسواق النفطية.

ويرى خبراء أن هنالك مجموعة من التحديات تواجه تطبيق المقترح. في هذا الصدد يتوقع خبير الطاقة بمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن، بن كاهل، أن مقترح "السقف السعري" يواجه 4 تحديات، الأول أن روسيا ربما تمتنع عن تصدير النفط إلى أسواق الطاقة العالمية، كما ذكرت على لسان نائب رئيس الوزراء ووزير الطاقة ألكسندر نوفاك مساء أمس الأربعاء في منتدى الطاقة الروسي.

ويقول بن كاهل "في حال حدوث مثل هذا الاحتمال فإن الأسواق ستصاب بحالة من الذعر وترتفع الأسعار إلى مستويات خيالية ربما تؤدي إلى ارتفاع كبير بالتضخم وتدخل أميركا والعالم في دورة كساد اقتصادي".

التحدي الثاني هو، عما إذا كان المشترون الآسيويون الذين يستفيدون حالياً من الحصول على حسومات سعرية تصل إلى 17 دولاراً للبرميل سيوافقون على السقف المقترح من قبل أوروبا. وتستفيد كل من الهند والصين من تخفيضات كبيرة على الخام الروسي في الوقت الراهن. ورغم أنه من الناحية النظرية سيسمح لهم "السقف السعري" بشراء النفط الخام والمشتقات البترولية الروسية بأسعار أقل، ولكن مع ذلك قد تكون الدولتان الآسيويتان تنتابهما الشكوك بشأن التوقيع على نظام مراقبة غربي.

ثالثًا: إن السقف السعري قد يخلق مستويات متعددة من أسعار الخامات النفطية في السوق، سعر الخام العالمي، والسعر المحدد للنفط الروسي، وسعر الظل الذي يستقر في مكان ما بين السعرين، وبالتالي يخلق فوضى في سوق الطاقة العالمي.

كما يشير الخبير بن كاهل إلى أن بعض المصافي قد تتربح من "السقف السعري" عبر تكرير الخامات الروسية وبيعها منتجات مثلما حدث بعد توقف الشركات الغربية عن الشراء واضطرت روسيا إلى منح حسم على نفطها ووجدت الكثير من العملاء الراغبين. مثل مصافي التكرير في الشرق الأوسط على سبيل المثال، التي اشترت الخام الروسي وكررته وصدرته منتجات بترولية.

رابعاً: سيكون الرصد والتنفيذ أمراً صعباً للقوى الغربية وفق مراقبين رغم أن معظم شركات التأمين على السفن الناقلة للخامات والبنوك التجارية موجودة في الدول الغربية، وستكون مجبرة على تنفيذ شروط "السقف السعري".

ويشير محللون إلى أن الشركات والوسطاء في تجارة الطاقة ربما يتهربون من السقف السعري مثلما تهربوا من العقوبات المفروضة على النفط الإيراني والفنزويلي من خلال عمليات نقل الشحنات النفطية من سفينة إلى أخرى، أو عبر تجارة الناقلات غير المشروعة، ومزج الخام الروسي بخامات أخرى. كما من المحتمل أن تجد شركات التكرير والمشترون الآخرون طرقًا للتحايل على المتطلبات المقترحة في مقترح " السقف السعري" لتداول النفط الروسي. وربما يتم ذلك عبر طلبهم خطابات اعتماد من عدة بنوك، أو يستخدمون عدة شركات تابعة لتوثيق الصفقات بالسعر المعتمد، مع دفع المزيد لروسيا في الواقع.

من جانبها قالت وكالة بلومبيرغ أمس الخميس، إن بعض مسؤولي إدارة بايدن ينتابهم قلق متزايد من أن خطتهم للحد من سعر النفط الروسي قد تأتي بنتائج عكسية بعد خفض الإنتاج المفاجئ لتحالف "أوبك +" الأسبوع الماضي.

وفي ذات الصدد قالت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، إن تحديد سقف لسعر صادرات النفط الروسية عند 60 دولارا للبرميل من المرجح أن يخفض إيرادات الطاقة لموسكو مع الحفاظ على الإنتاج مع تحقيق ربحية. وذكرت يلين خلال اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، أن روسيا كانت مستعدة لإنتاج وبيع النفط خلال السنوات الخمس إلى السبع سنوات الماضية مقابل متوسط 60 دولارًا للبرميل. وأضافت، لذلك فإن فرض حد أقصى لسعر النفط الروسي قرب هذا المستوى سيكون فعالًا، وأن موسكو بإمكانها إنتاج وبيع النفط مع تحقيق أرباح".

وحسب نشرة "أويل برايس" الأميركية سيكون الإنتاج الروسي المستهدف 10.478 مليون برميل يوميًا خلال الشهور المقبلة، وهو نفس حجم الإنتاج السعودي. لكن الإنتاج الروسي سيراوح في المتوسط حول 9.9 ملايين برميل يومياً.

المساهمون