الأردن يعاني من تشوهات في النظام الضريبي

27 مايو 2021
ضريبة المبيعات ترهق المواطنين (فرانس برس)
+ الخط -

رغم محاولات الحكومة الأردنية منذ عدة سنوات محاربة التهرب الضريبي وملاحقة الشركات والأفراد غير الملتزمين بدفع الضرائب المترتبة عليهم، إلا أن الاختلالات الضريبية ما تزال قائمة وفي اتساع، وخاصة مع إحجام كثير من القطاعات عن دفع المستحقات المترتبة عليها أو حتى الاعتراف بها.
ويقدر حجم التهرب الضريبي في الأردن سنوياً بأكثر من مليار دولار، فيما فتحت الحكومة الباب أمام إجراء تسويات مالية للمتهربين من الضريبة وتقدم عدد من الشركات بطلبات لإنهاء ملفاتها، في الوقت الذي ما تزال فيه آلاف حالات التهرب الضريبي قائمة.
وقال مدير دائرة ضريبة الدخل والمبيعات حسام أبو علي لـ"العربي الجديد" إنه تم تكثيف إجراءات التصدي للتهرب الضريبي خلال السنوات القليلة الماضية ما أمكن من الحد من تلك المشكلة وليس القضاء عليها نهائيا.
وأضاف أنه تم إجراء عدد كبير من حالات التسوية لشركات وأفراد متهربين من دفع الضريبة ومترتب عليهم ذمم مالية مستحقة للخزينة، مشيرا إلى تكثيف عمليات التدقيق والمراجعة للحسابات المالية للمكلفين بدفع الضريبة والتحقق من صحة الإقرارات التي تقدم.

وأشار إلى تغليظ العقوبات بحق المتهربين من دفع الضريبة بهدف تحسين الإيرادات المالية ومعالجة الاختلالات القائمة في النظام الضريبي.
وقدر مصدر مطلع حجم الفروقات الضريبية التي تحققت العام الماضي نتيجة للتدقيق وتشديد الإجراءات بأكثر من مليار دولار تمّ تحصيلها من مختلف القطاعات.

وأكد منتدى الاستراتيجيات الأردني في دراسة أن الأرقام الواردة تشير إلى وجود اختلالات واضحة في النظام الضريبي في الأردن وكفاءة عملية التحصيل الضريبي، إذ إنّ الموظفين العاملين بأجور شهرية يدفعون ضرائب دخل بحوالي 4 أضعاف ما يدفعه الأفراد (المهنيون والشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة في القطاع الخاص).
وقال صندوق النقد الدولي إن حملة مكافحة التهرب الضريبي في الأردن كشفت عن وجود حوالي 2% من الناتج المحلي الإجمالي كإيرادات ضائعة بسبب عدم الالتزام بالإبلاغ عن التزامات ضريبة الدخل.

وبحسب منتدى الاستراتيجيات الأردني، فإن ضريبة دخل الشركات والضريبة العامة على المبيعات تعاني من وجود العديد من الأنظمة التفضيلية والإعفاءات التي تضيق القاعدة الضريبية وتسهم في "تجزّئة" النظام إلى عدة أنظمة ضريبية وهو ما نجم عنه نظام ضريبي متداخل وصعب التطبيق وفيه الكثير من التشوهات".
وقال إن الإيرادات الضريبية ارتفعت العام الماضي من 1.3 مليار دولار إلى حوالي 7 مليارات دولار والإيرادات غير الضريبية من 1.3 مليار دولار إلى 3.3 مليارات دولار لنفس الفترة، وهو ما يوضح اتساع الفجوة بين حجم الاقتصاد الوطني والإيرادات العامة، ما يؤكد وجود ما يمكن وصفه بالتسرب المالي، أي عدم القدرة على تحصيل بعض الإيرادات لأسباب عديدة.

الإيرادات الضريبية ارتفعت في 2020 من 1.3 مليار دولار إلى نحو 7 مليارات دولار وغير الضريبية من 1.3 مليار دولار إلى 3.3 مليارات دولار، وهو ما يوضح اتساع الفجوة بين حجم الاقتصاد الوطني والإيرادات العامة

وقال مقرر اللجنة المالية في مجلس النواب الأردني، ضرار الحراسيس، لـ"العربي الجديد" إن التشوهات في النظام الضريبي الأردني ما تزال قائمة وبشكل كبير، رغم تعديل قانون الضريبة عدة مرات وتشديد ملاحقة الضريبة.
وأضاف أن المواطن حتى الآن الأكثر دفعا للضرائب بخاصة ضريبة المبيعات المفروضة على السلع والخدمات، وكذلك رواتب العاملين في القطاعين العام والخاص الخاضعة للضريبة فيما توجد حالات تهرب ضريبي كبيرة في الشركات وأصحاب الأعمال، ما أوجد اختلالات كبيرة بين الشرائح الخاضعة للضرائب.
وقال الحراسيس إن الحكومة لم تنجح حتى الآن في إخضاع قطاعات كبيرة للضريبة، مثل الأعمال المهنية والعيادات والمراكز الطبية والشركات القانونية وغيرها من التي تحقق عوائد كبيرة جدا ويمكن أن تساهم بدرجة كبيرة في إطفاء عجز الموازنة السنوي الذي يزيد عن مليار دولار سنويا ويتجاوز أحيانا ملياري دولار، حسب الظروف الطارئة والاستثنائية التي يتعرض لها الأردن كما حدث مؤخرا بسبب جائحة كورونا وتداعياتها على الاقتصاد الأردني ومختلف القطاعات.

ووفقا للبيانات المالية فإن نسبة الإيرادات غير الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي في الأردن انخفضت من 10.8% في السنة المالية 2000، إلى 4.3% في عام 2020 في حين بقيت نسبة الإيرادات الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي ثابتة بحدود 15 % خلال العقدين الأخيرين.

وفي ما يتعلق بالنظام الضريبي في الأردن بيّن منتدى الاستراتيجيات أن إجمالي الإيرادات الضريبية نسبةً إلى الناتج المحلي الإجمالي في الأردن تعد منخفضة إذا ما قورنت بدول غنية مثل الدنمارك على سبيل المثال حيث تبلغ هذه النسبة 46.1% وفي بعض الدول الشبيهة بحالة الأردن مثل تونس فإنها تحصل إيرادات ضريبية أعلى من الأردن، بنسبة تساوي 22.8%.
ويعد الأردن من أكثر الدول في العالم اعتماداً على ضريبة المبيعات في تحقيق الإيرادات الضريبية حيث شكلت هذه النسبة 71.4% من مجمل الإيرادات الضريبية التي تحققها الحكومة، وهو معدّل يفوق السائد في العديد من الدول المشابهة للأردن، إذ تعادل هذه النسبة 11.8% في المغرب و12.8% في تونس.

مطالبات بإعادة النظر في توزيع العبء الضريبي وتخفيض نسب الضرائب على الشراح الأقل دخلاً، وإيجاد آلية لإخضاع القطاعات والأنشطة الاقتصادية غير الخاضعة للضريبة

المحلل الاقتصادي حسام عايش قال لـ"العربي الجديد" إنه يتوجب أيضا إعادة النظر في توزيع العبء الضريبي بحيث يتم تخفيض نسب الضرائب على الشراح الأقل دخلاً، وكذلك إيجاد آلية لإخضاع القطاعات والأنشطة الاقتصادية غير الخاضعة للضريبة حالياً بحيث يتم تحسين الإيرادات وتجنّب رفع الضرائب مستقبلاً.
وأضاف أن الإجراءات الحكومية ساهمت إلى حد ما في الحد من التهرب الضريبي، لكنها لم تساهم كما يجب في معالجة التشوهات والاختلالات القائمة في النظام الضريبي الذي يحتاج إلى مراجعة شاملة، ما يحفز بيئة الاستثمار ويخفف الأعباء عن القطاعات الاقتصادية والأفراد.

المساهمون