اقتصاديون لوزارة المالية: معاش السودانيين أولوية في موازنة 2025

02 ديسمبر 2024
سبّبت الحرب في السودان ارتفاع معدل التضخم، الخرطوم في 10يونيو 2023 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- دعا خبراء الاقتصاد السوداني وزارة المالية إلى إعطاء الأولوية لمعاش السودانيين في موازنة 2025، مع التركيز على دعم النازحين وسداد متأخرات الرواتب، واستقرار سعر الصرف وخفض التضخم.
- أشار المحلل هيثم فتحي إلى أهمية الأمن ومعاش المواطنين، وتفعيل الجمعيات التعاونية، ومشاركة القطاع الخاص في البنوك، مع مراعاة التحديات الاقتصادية المرتبطة بالظروف الأمنية والسياسية.
- أكد الخبير لؤي عبد المنعم على حصر الاستيراد في السلع الأساسية وربط الجنيه بالذهب، مع طرح منتجات استثمارية، وزيادة الإيرادات الذاتية باستخدام الأنظمة التقنية لتحفيز الصادرات.

دعا خبراء اقتصاد وزارة المالية إلى أن يكون معاش السودانيين أولوية للإنفاق في الموازنة الطارئة لعام 2025 التي أعلنتها الوزارة مؤخراً، مؤكدين أهمية الاستمرار في دعم النازحين وتحسين أوضاعهم، والالتزام بسداد متأخرات رواتب العاملين بالمراكز والولايات. 

وأعلنت وزارة المالية السودانية الخميس الماضي، جملة من التوجهات والأهداف لبرنامج الموازنة الطارئة للعام المقبل 2025. وتشمل "حشد الموارد الذاتية للإنفاق على الأولويات، وزيادة الإيرادات العامة بزيادة الجهد التحصيلي ومكافحة التهرب الضريبي ورفع كفاءة التحصيل باستخدام الأنظمة التقنية". وأكد وكيل وزارة المالية عبد الله إبراهيم في تصريحات صحافية، أن "الموازنة تعمل على استقرار سعر الصرف وخفض معدل التضخم ومواصلة جهود تعزيز أجهزة الرقابة المالية وتأكيد ولاية وزارة المالية على المال العام ، مع التركيز على توفير مقومات العيش الكريم للمواطن وتعزيز تطوير العلاقات الخارجية". 

معاش السودانيين أولوية

من جانبه، دعا المحلل الإقتصادي هيثم فتحي وزارة المالية لـ" التركيز في برنامج موازنة 2025 على محور الأمن ومعاش المواطنين السودانيين وتقديم الخدمات بصورة تلبى حاجتهم وصرف المرتبات المتأخرة وتفعيل الجمعيات التعاونية ومكافحة البطالة". ودعا فتحي إلى " فتح الباب واسعاً لدخول المستثمرين الوطنيين فى شتى المجالات، ومشاركة القطاع الخاص فى البنوك والمصارف التجارية للتمويل". 

وأشار فتحي في تصريحات لـ"العربي الجديد" إلى "سعي الحكومة الجاد على مدار الأعوام السابقة منذ 2019، وحتى عامي 2023 و2024 على نحو خاص لزيادة إيرادات الخزينة العامة بشتى السبل لتغطية العجز". وأكد أن "هذه الإجراءات لتخفيض العجز تبدو في قسمها الأكبر خارج سيطرة وزارة المالية بشكل كبير، لأسباب ترتبط بالظروف الأمنية الحاضرة وعدم الاستقرار السياسي وتأثير ذلك على الظروف الاقتصادية، إلى جانب الخسائر الكبيرة التي لحقت بمؤسسات القطاعين العام والخاص والتي أدت إلى تراجع إيراداتها وعدم قدرتها على سداد الضرائب". 

ووصف فتحي "المشكلة بالأكثر تعقيداً في ظل غياب خيارات التمويل والاعتماد بشكل كبير على التمويل بالعجز عبر الاقتراض الداخلي من البنك المركزي". وقال إن "الحرب تسببت في شلل شبه كامل في قطاعات الإنتاج، ومن ثم تراجع حجم الإيرادات مع تزايد الإنفاق المطلوب لمواجهة تكاليف العمليات العسكرية، وانخفضت الصادرات مقابل ارتفاع الواردات بشكل متفاوت، كما أدت الحرب وحالة عدم الاستقرار إلى هروب عشرات المليارات من الدولارات من السودان للخارج بجانب ارتفاع التضخم  في ظل الحرب بشكل كبير، مما أدى إلى ركود تضخمي".

دعم الجنيه السوداني

في السياق، قال الخبير الاقتصادي لؤي عبد المنعم إن " الموازنة المعلنة تعكس تطور في الايرادات العامة و التزام حكومي بتوسيع الانفاق العام، ما يعزز قيمة الجنيه السوداني و يخفف من اثار الحرب على المواطنين". وأضاف عبدالمنعم في تصريحات لـ"العربي الجديد" إلى "ضرورة إهتمام الموازنة في هذه المرحلة الدقيقة  بحصر الاستيراد في السلع الأساسية ومدخلات الإنتاج والدواء ومنتجات الطاقة النظيفة، ومنع استيراد المركبات عدا النقل العام بما يضمن الحد من المضاربة على الدولار لشراء سلع كمالية وغير مهمة في هذه المرحلة العصيبة".

ودعا عبد المنعم إلى "ربط قيمة الجنيه السوداني بوزن محدد من الذهب على غرار ما فعلت روسيا، وهو ما يستوجب رفع احتياطات السودان من الذهب بشكل كبير وفي فترة وجيزة، عبر التوسع في العمليات الحكومية لاستخراج الذهب، ورفع حصة الحكومة من ذهب التعدين الأهلي وشركات الامتياز والشركات الصغيرة، والحد من عمليات التهريب". 

وأكد " أهمية حث الجهاز المصرفي على طرح منتجات استثمارية لحفظ رؤوس أموال التجار والمواطنين من التآكل بالتزامن مع عملية تغيير العملة الجارية لضمان استمرار حشد الموارد للجهاز المصرفي لتمويل مشاريع التنمية وعدم انتقال الأموال مجدداً إلى تجار العملة، وتجفيف السوق الموازي".

وقرر بنك السودان المركزي الشهر الماضي، طرح فئة نقدية جديدة للجمهور من فئتي الألف جنيه والخمسمائة جنيه خلال الفترة المقبلة لحماية العملة الوطنية وتحقيق استقرارها وسعر صرفها. وقال البنك وقتها، إن "الهدف من طرح العملة الجديدة معالجة الآثار السالبة للحرب الدائرة بالبلاد، ولا سيما عمليات النهب الواسعة التي قامت بها المليشيا المتمردة لمقار بنك السودان المركزي وشركة مطابع السودان للعملة في الخرطوم، وما نتج من ذلك من انتشار كميات كبيرة من العملات مجهولة المصدر وغير المطابقة للمواصفات الفنية من فئتي الألف جنيه والخمسمائة جنيه، الأمر الذي أدى إلى زيادة مستوى السيولة النقدية بشكل واضح، وكان له الأثر السالب على استقرار المستوى العام للأسعار".

من جهته، قال الأكاديمي محمد الناير لـ"العربي الجديد": إن " اهتمام موازنة العام المقبل 2025 بحشد الموارد الذاتية وزيادة الإيرادات بالجهد التحصيلي أمر جيد، ما يخفض التهرب الضريبي، وعدم الاعتماد على أي دعم خارجي". وتوقع الناير "عدم  تلقي البلاد أي قروض ومنح من الخارج، بينما سيستمر في تلقي بعض المساعدات الإنسانية". 

وأشار الناير لـ"أهمية الاعتماد على الأنظمة التقنية"، لافتاً إلى "فائدتها للسياستين المالية والنقدية"، مؤكداً "ضرورة مراجعة سياسات التبادل التجاري بتحفيز الصادرات والحد من الواردات وترتيب أولوياتها ". وأشار الناير إلى "ضرورة رعاية النازحين وتوفير الدعم اللازم لهم، وإعمال مبدأ الشفافية والإفصاح والنزاهة خاصة في استيراد الحكومة السلع خاصة الوقود، حيث يوجد انخفاض في أسعاره خارجياً".

المساهمون