استعدادات لقطف الزيتون في سورية: زيادة بالإنتاج وسط انخفاض الاستهلاك

16 سبتمبر 2024
معصرة زيتون في حلب السورية، 12 أكتوبر 2021 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **موسم قطاف الزيتون في سوريا**: يبدأ في الشهر العاشر ويستمر شهرين، مع زيادة إنتاج بنسبة 6% هذا العام ليصل إلى 740 ألف طن، لكن حصة الفرد من زيت الزيتون تراجعت إلى 3 كغ سنوياً.

- **التحديات الاقتصادية وارتفاع الأسعار**: أسعار زيت الزيتون تجاوزت 100 ألف ليرة للكيلوغرام بسبب التصدير وتكاليف الإنتاج المرتفعة، مما يضع المزارعين أمام تحديات كبيرة.

- **التوجه نحو الاكتفاء الذاتي والتحديات الحكومية**: أهالي الأرياف يتجهون نحو زراعة الأشجار المثمرة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، لكن الحكومة تزيد تكاليف الإنتاج، مما يجعل الحصول على زيت الزيتون بأسعار معقولة صعباً.

يستعد المزارعون في سورية لموسم قطاف الزيتون الذي يبدأ عادة في الشهر العاشر من كل عام ويستمر حوالي الشهرين بحسب نوع الزيتون واختلاف المناخ في المناطق الزراعية ودرجات الاستواء، فيما يشهد السوق غلاء مستمراً في المادة التي تكاد تغيب عن موائد السوريين، شجعت المزارعين على زيادة الإنتاج، بينما استمرت حصة المواطن السوري من الاستهلاك في التراجع.

وغالباً ما يعتمد المزارع على لون ثمار الزيتون في بداية القطاف، الذي يبدأ بعد أن يتلوّن أكثر من 70% من الحبات، متوخياً الحذر من ازدياد درجات الحموضة وتراجع الجودة في تقديم الموعد أو تأخيره. وتشير التقديرات الأولية لوزارة الزراعة التابعة للنظام السوري إلى زيادة في الإنتاج تصل إلى 6% عن العام الماضي في مناطق سيطرة النظام. وتقدر حصة الفرد السنوية من زيت الزيتون بحوالي 3 كغ، بانخفاض يزيد عن 50% عن حصته قبل الحرب السورية. 

محصول الزيتون السوري هذا العام

وأكدت هذه النسب "عبير جوهر" مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة في حديثها لصحيفة الوطن السورية، مرجحة أن يصل الإنتاج لأكثر من 740 ألف طن. يُستخدم منها حوالي 55 ألف طن لزيتون المائدة والباقي لإنتاج الزيت. أما عن الأسعار فتوقعت "جوهر" أن تشهد استقراراً هذا العام، نظراً لضبط كميات وشروط التصدير. 

وكانت أسواق بيع زيت الزيتون قد شهدت العام الماضي ارتفاعاً غير مسبوق في الأسعار، تجاوز فيه سعر الكيلوغرام حد 100 ألف ليرة سورية، بارتفاع زاد عن 40% عن العام الذي سبقه. وذلك بعدما سمحت الحكومة بتصدير كميات محددة من زيت الزيتون، وضمن شروط التعبئة في عبوات صغيرة بسعة لا تزيد عن 1 كغ. 

ويأمل المزارعون السوريون، في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج لهذا العام، في استقرار الأسعار وبزيادة تناسب النفقات المضافة والناتجة عن ارتفاع في أجور عمال القطف والنقل والمعاصر. وفي هذا الإطار، يقول المزارع نجم الحريري من محافظة درعا جنوبي سورية، لـ"العربي الجديد"، إنه "في العام السابق بلغت أجور عصر كيلو الزيتون 600 ليرة سورية بارتفاع 400 ليرة عن العام الذي سبقه، وكذلك أجور نقل الزيتون إلى المعاصر وعمال القطاف والحراثة والرش، حتى أسعار فوارغ الزيت التي وصل سعرها إلى 15 ألف ليرة بزيادة 10 آلاف عن سابقتها، بالإضافة لتكاليف الري نتيجة ارتفاع درجات الحرارة. 

ويمضي الحريري قائلا: "بينما ارتفع سعر كيلو الزيت بمعدل 40% عن السنة التي سبقت وأدى هذا إلى خسارة المزارع وعجز المواطن المستهلك عن الشراء والتموّن من الزيت، فقد كانت هناك كميات ليست بالقليلة في مستودعات عدد من التجار والمزارعين من العام السابق". أما هذا العام، فما زال المزارعون ينتظرون "لتسعيرة الجديدة للقطاف والنقل والعصر، وكذلك أسعار المبيع، آملين ألا نقع في أيدي تجار التخزين والتصدير والتهريب"، بحسب المزارع نفسه.

وكان وزير الزراعة في حكومة النظام السوري، محمد حسان قطنا قد أكد، في لقاء جمعه مع القائم بالأعمال الروسي في دمشق، يفغيني كوزل، استعداد سورية لتصدير زيت الزيتون إلى روسيا مقابل تسريع تفعيل اتفاقية التبادل التجاري بين البلدين، مبيناً حاجة سورية الماسّة للأعلاف والأسمدة والبذار. 

وبعد تصريح الوزير بإمكانية التصدير غير المشروط لروسيا، بدأ العديد من التجار يروجون لأسعار المبيع الجديدة والتي قد تصل بحسب التقديرات إلى 200 ألف ليرة للكيلو من النوع الممتاز. أي حوالي 3.5 ملايين ليرة للتنكة سعة 16 كيلوغراما، بينما تتراوح الأنواع بين 2 و2.5 مليون، بزيادة تقارب مليون ليرة عن العام الماضي والسعر الحالي لزيت الموسم السابق. 

بدوره، يقول المزارع نبيل القصير من اللاذقية لـ"العربي الجديد" إنه بعد ما اقتلع في الماضي العديد من مزارعي الساحل أشجار الزيتون واستبدلوها بغراس الحمضيات، عادوا مجددا لزراعة الزيتون لأسباب عدة أهمها قدرة شجره على تحمل التقلبات المناخية والأمراض، وعدم حاجتها الكبيرة للعناية، بالإضافة لأسعار مبيع الزيت الباهظة نسبة لباقي المنتجات الزراعية.

 

ومن جانب آخر، بدأ العديد من أهالي الأرياف في الساحل السوري السعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي، عبر الاعتماد على زراعة معظم الأشجار المثمرة والنباتات الفصلية، والإنتاج اليدوي من أجل تخفيف ما أمكن من التكاليف. ويمكن للمتابع، يضيف القصير، في ريف اللاذقية أن يلحظ عودة العديد من الأهالي والمزارعين لاستخدام الدواب، خصوصا الحمير، في أعمال الحرث والنقل، لما تحققه من سهولة في الوصول إلى الأماكن الوعرة، ورخص في تكاليف الاقتناء أو الاستئجار نسبة لآلات الحرث والنقل.

سورية سادس منتج للزيتون عالمياً

وبالرغم من التصنيف العالمي لسورية سادس بلد في إنتاج الزيتون عالمياً، وثاني بلد عربي، إلا أن المواطن السوري بدا عاجزاً عن الاكتفاء بزيت الزيتون وتراجعت نسبة استهلاكه إلى ما دون النصف، وباتت شريحة كبيرة من المواطنين يشترون زيت الزيتون باللتر الواحد ونصف اللتر دون الاهتمام بالنوع والجودة، بعدما كان يقتنيها مؤونة سنوية في موسم قطاف الزيتون. 

التقديرات الرسمية لعدد أشجار الزيتون في سورية تزيد عن 70 مليون شجرة، أكثر من 60% منها قيد الإنتاج، كما تشير التقديرات ذاتها لازدياد كبير في عدد معاصر الزيتون حيث تجاوزت 550 منشأة لعصر الزيتون.

ويقول أحد التجار لـ"العربي الجديد" إنه لا يمكن أن ننسى أن حوالي 25% من أشجار الزيتون المثمرة في إدلب باتت خارج سيطرة الدولة منذ بداية الحرب السورية، ولكن على الطرف الآخر من المعادلة فإن أكثر من ثلث الشعب السوري خارج البلد، وهذا يعني أن هناك إنتاجاً يزيد عن الحاجة ويذهب بطرق أو بأخرى خارج البلد وبأسعار كبيرة تساهم في غلاء الزيت محلياً.

ويضيف: "الحكومة تساهم في زيادة تكاليف الإنتاج من أجل تحقيق أرباح جانبية، من خلال زيادة أسعار المحروقات على المزارع والمحراث وناقل المحصول والمعصرة، وحتى حاويات الزيت الفارغة، ثم تلجأ لمنع التصدير وحتى التهريب إلى الخارج فيضطر المزارع لبيع الإنتاج للتاجر، وهذا الأخير الذي يُخزن الزيت بانتظار باب التصدير للخارج، فيتحكم بالسعر المحلي ويقطف ثمار أرباح التصدير وهكذا الأمر كل عام، دون أي تدخل إيجابي من الحكومة".