خفض الفائدة هذا الأسبوع... ينفع الأسهم الأميركية أم يضر بها؟

16 سبتمبر 2024
وول ستريت والهدوء الذي يسبق عاصفة قرار خفض الفائدة - نيويورك 14أغسطس2024(Getty)
+ الخط -

يكاد مستثمرو الأسهم الأميركية وأغلب المحللين يجمعون على توقع خفض الفائدة من قِبَل بنك الاحتياط الفيدرالي يوم الأربعاء القادم، إلا أن حجم التخفيض لا يزال يمثل السؤال الأهم، ما جعل توقع الكيفية التي ستتفاعل بها سوق الأوراق المالية مع قرار البنك صعباً على الكثيرين حتى الأن.

ويقدم التاريخ بعض الإرشادات، حيث علمتنا التجارب السابقة أن السبب وراء خفض الفائدة يهم الأسواق أكثر كثيراً من حقيقة أن تكاليف الاقتراض تتجه إلى الانخفاض. ومنذ منتصف الثمانينيات، طبق البنك الفيدرالي عشر دورات لتيسير السياسة النقدية، ارتبطت أربع منها فقط بالركود، ما أدى إلى تحقيق سوق الأسهم ارتفاعات كبيرة عند نجاح البنك في درء الركود، بينما كانت النتيجة عكسية عند فشله.

ومن غير المرجح أن يحصل المستثمرون على كل المعلومات التي يحتاجون إليها بحلول يوم الأربعاء. وسوف تعتمد كيفية استجابة الأسهم على ما تظهره البيانات خلال الأشهر المقبلة. وقالت فيكي تشانج، استراتيجية الاقتصاد الكلي لدى بنك الاستثمار غولدمان ساكس في تقرير حديث: "ما إذا كانت دورة خفض الفائدة هذه ستكون في نهاية المطاف "مخيفة للنمو" أو حلقة "ركود"، فهذا هو السؤال الرئيسي في السوق".

وشهدت دورات خفض الفائدة المرتبطة بمحاربة الركود، أو محاولة تجنب حدوثه، انخفاض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 10% خلال الأشهر الستة الأولى التي أعقبت اتخاذ قرار أول خفض للفائدة ضمن دورة التيسير النقدي. ومع ذلك، فقد يوفر حجم الخفض الذي سيتم يوم الأربعاء عاملاً هاماً لتشكيل تصورات المستثمرين حول الاقتصاد، مما قد يحدد نغمة الأسواق خلال الفترة المتبقية من العام.

ويتعطش المستثمرون حالياً بشكل خاص لمزيد من التوجيه في الوقت الحاضر، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن أحدث البيانات الاقتصادية الأميركية كانت غامضة إلى حد ما، حيث أظهرت التقارير الصادرة عن وزارة العمل أن التوظيف تباطأ، بينما دخل المزيد من العمال إلى القوى العاملة، ولكن كان واضحاً أن عمليات تسريح العمالة لم تنشط بصورة واضحة حتى هذه اللحظة. وفي الوقت نفسه، تراجع التضخم، على الرغم من أن أحدث البيانات الصادرة هذا الأسبوع أشارت إلى ‏استمرار ارتفاع بعض الأسعار، خاصة ما يتعلق بأسعار الخدمات الرئيسية، مثل الإيجار وتكاليف الإسكان.

وساعدت ثقة المستثمرين في الاقتصاد في دفع الأسهم إلى الارتفاع في عام 2024، ولكن مؤخرًا، اهتزت هذه الثقة. وفي بعض الأحيان، طغت المخاوف من ارتفاع معدلات البطالة على الأسهم، مما ساعد في ظهور عمليات بيع مؤلمة للمستثمرين خلال شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول.

هل تأخر بنك الاحتياط الفيدرالي في خفض الفائدة؟

يعتقد البعض أن بنك الاحتياط الفيدرالي تأخر بالفعل عن الدورة الاقتصادية، وكان ينبغي له أن يخفض أسعار الفائدة في يوليو/تموز. ولهذا السبب بالذات، يتوقع الكثيرون في وول ستريت أن يؤدي خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس إلى رد فعل سلبي في سوق الأسهم. وعادت التوقعات بخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس أو نصف نقطة مئوية يوم الجمعة. وب‏نهاية تعاملات الأسبوع، بدا حجم الخفض في الأسبوع المقبل وكأنه رمي عملة افتراضي، أي أن احتمالات خفض ربع نقطة كانت قريبة من احتمالات خفض نصف‬ نقطة، وفقًا لبيانات أداة مراقبة البنك الفيدرالي التابعة لبورصة شيكاغو التجارية.

وقال شانون ساكوسيا، كبير مسؤولي الاستثمار في Neuberger Berman Private Wealth، خلال مقابلة مع ‏موقع MarketWatch: "إن التخفيض بمقدار 50 نقطة أساس يعني أنهم في بنك الاحتياط الفيدرالي ارتكبوا خطأ في يوليو، وأنهم متأخرون عن المنحنى، أو أن لديهم بيانات أسوأ مما نراه". وأضاف: "سيكون ذلك أكثر إزعاجًا لسوق الأسهم بشكل خاص."

ووفقًا لفريق من الاستراتيجيين في دويتشه بنك، فإن هذا الغموض قد يؤدي إلى تمهيد الأسهم لعمليات بيع أولية، بغض النظر عما يفعله بنك الاحتياط الفيدرالي. وقال الفريق إنه اعتبارًا من صباح يوم الجمعة، فقد كان مرجحاً أن يفاجئ بنك الاحتياط الفيدرالي السوق بأوسع تباين للتوقعات عن القرار في 15 عامًا، بغض النظر عن اختياره.

وبالإضافة إلى حجم الخفض، ‏ستكون الأسواق في انتظار الدفعة الأخيرة من التوقعات الاقتصادية التي سيصدرها بنك الاحتياط الفيدرالي، بعد الإعلان عن قرار الخفض. وقال جون فيليس، استراتيجي العملة والاقتصاد الكلي في بنك نيويورك، في رسالة عبر البريد الإلكتروني، إنه من المرجح بشدة أن يحتاج بنك الاحتياط الفيدرالي إلى رفع توقعاته لمعدل البطالة، مع خفض وجهة نظره بشأن نمو الناتج المحلي الإجمالي. وقال إن هذا لا يعني بالضرورة أن البنك المركزي يتوقع ركودًا، ولكنه لا يزال شيئًا يجب على المستثمرين الانتباه إليه، لأنه قد يؤثر على مدى عمق رؤية الأسواق لخفض بنك الاحتياط الفيدرالي لأسعار الفائدة.

وعلى الرغم من أن البيانات لم تظهر بعد أي علامات على الركود التام، إلا أن المستثمرين لديهم ما يكفي من الأسباب للقلق، حيث سيمثل تحقيق الهبوط الآمن للاقتصاد، بعد هذه الموجة العالية من التضخم، ‏دون الدخول في ركود، إنجازًا أسطوريًا لرئيس بنك الاحتياط الفيدرالي جيروم باول. ووفقًا لديان سوونك، كبير الاقتصاديين في شركة الاستشارات والمراجعة المالية KPMG US، فإن مثل هذا الإنجاز سيكون غير مسبوق.

وفي حين أن نوبة التضخم القوية بعد الوباء أضافت بعدا جديدا للاقتصاد، فقد تمكن بنك الاحتياط الفيدرالي من توجيه أكبر اقتصاد في العالم بعيدًا عن حافة الهاوية من قبل. وكانت سلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة التي بدأت في عام 1995 مثالاً واضحاً لحالة مشابهة، حيث تمكن بنك الاحتياط الفيدرالي من تحقيق "تعديل منتصف الدورة" دون الإضرار بالأسواق، وفقًا لجورين تيمر، مدير الاقتصاد الكلي العالمي في شركة فيديليتي لاستشارات الاستثمار. وقال تيمر لموقع MarketWatch: "إنه الاستثناء وليس القاعدة. لكن يمكن أن يحدث".

وأنهت الأسهم الأميركية تعاملات الجمعة بنبرة قوية، لتسجل أفضل أسابيعها هذا العام، في وقت عادت فيه احتمالات خفض نصف نقطة مئوية لمداعبة آمال المتعاملين من جديد. وفي تعاملات آخر أيام الأسبوع، ارتفع مؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 0.54%، ‏مسجلًا خامس أيامه على التوالي من الارتفاعات، وليصبح على بعد نحو ‫نصف نقطة مئوية فقط من ملامسة أعلى مستوياته على الإطلاق، والذي سجله في شهر يوليو/تموز الماضي. وقفز أيضًا مؤشر داو جونز الصناعي ما يقرب من 300 نقطة، مثلت  0.72% ‏من قيمته، وأضاف مؤشر ناسداك، المتخم بشركات التكنولوجيا، نسبة 0.65% إلى القيمة التي بدأ اليوم عندها.

ومن المقرر أن يبدأ اجتماع السياسة النقدية الذي يستمر يومين لبنك الاحتياط الفيدرالي في سبتمبر يوم الثلاثاء. وسيتم إصدار قرار أسعار الفائدة في الساعة 2 مساءً بالتوقيت الشرقي يوم الأربعاء، ‏على أن يعقد رئيسه بعدها بنصف ساعة مؤتمره الصحافي المعتاد.

المساهمون