استثمارات سعودية في قطاع البناء العُماني

28 فبراير 2023
البلدان يتجهان إلى تنويع الاستثمارات بعيدا عن النفط (الأناضول)
+ الخط -

استثمارات متوالية في القطاعات غير النفطية أصبحت سمة ملحوظة لتطور التعاون الاقتصادي بين المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان في الشهور القليلة الماضية، والتي توّجها صندوق الاستثمارات العامة السعودي، مؤخراً، بإعلان ضخ 5 مليارات ريال سعودي (1.3 مليار دولار) لشراء أسهم جديدة في 4 شركات وطنية عمانية تعمل في قطاع البناء والتشييد.
وتشمل الاستثمارات رفع حصص الصندوق السيادي السعودي في شركات "نسما وشركاهم للمقاولات"، و"السيف مهندسون مقاولون"، و"البواني القابضة"، و"المباني - مقاولون عامون"، ما يسهم في تعزيز سلاسل الإمداد والتوريد لمختلف مشروعات الإنشاء بالسعودية من جانب، ويرفع من قيمة صادرات القطاع في عمان من جانب آخر.

ومن شأن ذلك دعم خطط التنويع الاقتصادي لدى البلدين، في إطار الرؤية الاقتصادية الاستراتيجية لكل منهما (السعودية 2030 وعمان 2040)، وهو ما أطرته حكومتا البلدين بتأسيس مجلس التنسيق السعودي – العماني.
ويعود تأسيس المجلس إلى أول زيارة خارجية أجراها سلطان عمان هيثم بن طارق بعد توليه، في عام 2021، إلى السعودية، حيث وقع على مذكرة تفاهم بشأن تخويل المجلس بالتنسيق العماني السعودي المشترك.
ويضع المجلس رؤى مشتركة لتعميق واستدامة العلاقات الاقتصادية بين البلدين الخليجيين، وسط خطط ومساعٍ مشتركة لدعم اقتصادهما وتنويعه، ما أسفر عن توقيع الجانبين، مطلع فبراير/شباط الجاري، 13 اتفاقية تعاون ضمن أعمال منتدى الاستثمار السعودي العماني.

وأطرت الاتفاقيات تعاوناً تجارياً بين هيئة المدن والمناطق الاقتصادية الخاصة في السعودية والهيئة العامة للمناطق الاقتصادية والمناطق الحرة في عمان، ما قدم مؤشراً على تنفيذ لتخطيط يهدف إلى تنويع اقتصاد البلدين الخليجيين بشكل مشترك.
كما ساهم افتتاح الطريق البري المباشر بين البلدين (الربع الخالي) والمنفذ الحدودي في سلاسة تنقّل المواطنين العمانيين والسعوديين، وتكامل سلاسل الإمداد بين البلدين، إذ اختصر الطريق مدة السفر البري من 18 ساعة إلى 6 ساعات فقط، ما يدعم نشاط السياحة المتبادلة بشكل كبير.
ومن شأن ذلك تعزيز حجم التبادل التجاري بين السعودية وعمان، الذي بلغ 11.4 مليار ريال (2.94 مليار دولار)، في النصف الأول من 2022، متجاوزاً أرقام عام 2021 بأكمله، ومتخطياً مستويات ما قبل جائحة كورونا، بحسب تصريحات صحافية لوزير الاستثمار السعودي خالد الفالح.
وفي السياق، أبرمت حكومتا البلدين، الشهر الجاري، اتفاقيات للتعاون في دعم الصناعات البحرية وأخرى لإنشاء شركة استثمارية في مجال الدفع الإلكتروني والمجال اللوجستي، إضافة إلى اتفاقية نوعية بين شركة "المسافر" السعودية وشركة "فيزة" العمانية، للتعاون في مجال السياحة والسفر؛ شملت تبادل الخبرات في أنشطة الترويج والتسويق بين الطرفين.
كما وقعت السعودية وعمان اتفاقية تعاون في مجال مشاريع الطاقة الشمسية، وأخرى لتنفيذ مشاريع تشغيل المواقع التعدينية بين البلدين بالتضامن.
قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات يمثل أحد أهم مجالات التعاون السعودي العماني مؤخراً، إذ أعلنت وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات العمانية، في 5 فبراير/شباط الماضي، برنامجاً تنفيذياً مشتركاً مع نظيرتها السعودية في مجال البنية الأساسية للاتصالات وتقنية المعلومات واستثمار الكابلات البحرية.
طفرة التعاون الاقتصادي بين السعودية وعمان بدت أكثر وضوحاً منذ منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، عندما كشفت مسقط عن تخصيص صندوق الاستثمارات العامة السعودي، بتوجيه من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، 5 مليارات دولار لإنشاء شركة في سلطنة عمان.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وبالتزامن مع الإعلان العماني الرسمي، قال رئيس جهاز الاستثمار بالسلطنة (صندوق الثروة السيادي)، عبد السلام المرشدي، إن البلدين يعتزمان إعلان "مشروعات كبيرة للربط بين البلدين".
كما كشف المرشدي آنذاك عن تعيين ملحق لجهاز الاستثمار بالسفارة العمانية في الرياض؛ ليكون حلقة وصل لربط الأطراف في السلطنة مع المملكة.
وانعكس التصاعد القوي للتعاون السعودي العماني في الاستثمار بالقطاعات غير النفطية على أرقام مؤشر التنويع الاقتصادي لعام 2023، حسب بيانات كلية "محمد بن راشد" للإدارة الحكومية، التي جرى عرضها في القمة العالمية للحكومات بدبي، واطلعت "العربي الجديد" على نسخة منها.
وبعدما بقيت السعودية وعمان لعقود طويلة تعتمدان في اقتصادها تماماً على النفط، أورد المؤشر أن كلا البلدين في مسار إيجابي بالنسبة لرفع نسبة إسهام القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي.
وحدد المؤشر "تنويع الإنتاج والتجارة والإيرادات الحكومية"، كأبعاد ثلاثة لقياس مدى تقدم دول العالم في مسار التنويع الاقتصادي، وهو ما كشف عن اتجاه إيجابي بالنسبة لبعض دول مجلس التعاون الخليجي، مثل السعودية وعمان، وآخر سلبي بالنسبة لدول أخرى، مثل الكويت.
ففي الفترة الأخيرة تغيرت السياسات الاقتصادية التي بقي معمولاً بها لعقود في المملكة والسلطنة، إذ قامت عمان بإصلاحات حاسمة لتحريك الركود الاقتصادي الذي وصل لمعدلات نمو للناتج المحلي الإجمالي، بلغت أقل من 2%.

المساهمون