واصلت الاحتياطات الدولية الروسية ارتفاعها خلال الأشهر الأولى من العام الجاري 2018، لتبلغ نحو 452 مليار دولار في بداية مارس/آذار الماضي، مقابل 432 مليار دولار مطلع العام، مما يعكس تكيف الاقتصاد الروسي مع العقوبات الغربية بسبب الوضع في أوكرانيا.
ويرجع إيليا بريليبسكي، مدير بحوث الاقتصاد الدولي في مجموعة الخبراء الاقتصاديين في موسكو، ارتفاع الاحتياطات الدولية بمقدار 20 مليار دولار خلال شهرين فقط، إلى مجموعة من العوامل، وفي مقدمتها فائض إيرادات النفط وارتفاع قيمة اليورو وأسعار الذهب.
ويقول بريليبسكي في حديث لـ"العربي الجديد": "وفقا للقواعد الجديدة التي تهدف إلى الحد من تأثر الاقتصاد الروسي والروبل بأسعار النفط، يشتري المصرف المركزي فائض الدولارات النفطية، أي الفارق بين السعر 40 دولاراً للبرميل والأسعار الفعلية حاليا، حيث بلغت حصيلة المشتريات منذ بداية العام أكثر من 10 مليارات دولار".
وحول الـ 10 مليارات دولار الأخرى، يضيف: "هذه الزيادة ناتجة عن ارتفاع قيمة حصة اليورو أمام الدولار ضمن الاحتياطات الدولية الروسية، بالإضافة إلى زيادة أسعار الذهب".
ويشير الخبير الاقتصادي الروسي إلى أن تدخلات البنك المركزي الروسي لشراء الفائض من العملة الصعبة أتاحت الحد من تقلبات سعر صرف الروبل، واستقراره عند مستوى 56 - 57 روبلا للدولار.
ومنذ بدء تراجع أسعار النفط في منتصف عام 2014، تهاوت الاحتياطات الدولية الروسية من نحو 470 مليار دولار إلى 350 مليار دولار فقط في الربع الثاني من 2015، لتستقر عند مستويات منخفضة نسبيا حتى نهاية عام 2016.
إلا أن الاحتياطات الروسية عادت في عام 2017 إلى نمو تدريجي بلغت نسبته 15% تقريبا، وسط تعافي جميع مؤشرات الاقتصاد الروسي، مدفوعة بارتفاع أسعار النفط نتيجة لاتفاق خفض الإنتاج، واستعادة ثقة المستثمرين في ظل عدم تأثر القطاعات الحيوية بالعقوبات الغربية.
ويسعى المصرف المركزي في الوقت الحالي للارتقاء باحتياطاته الدولية إلى مستوى 500 مليار دولار.
وسجلت الاحتياطات الدولية الروسية مستوى قياسيا تاريخيا في أغسطس/آب 2008، حين بلغت 598 مليار دولار، إلا أنها سرعان ما تهاوت إلى 376 مليار دولار فقط على إثر اندلاع الأزمة المالية العالمية، دون أن تحطم رقمها القياسي حتى بعد انتعاش أسعار النفط وتجاوزها حاجز الـ100 دولار.
يذكر أن الاقتصاد الروسي أنهى عام 2017 وسط تحسّن مؤشراته، مسجلاً نمواً بنسبة 1.5%، مقابل تراجع التضخم إلى 2.5% فقط، مما فتح مجالا للمصرف المركزي لاستمرار خفض سعر الفائدة الأساسية في العام الجديد، لتبلغ 7.5% حاليا، مما يبشّر باستمرار انتعاش الإقراض والاستهلاك والأعمال.
وفي فبراير/شباط الماضي، رفعت وكالة التصنيف العالمية "ستاندرد آند بورز" تصنيف روسيا مرتبة واحدة إلى درجة "BBB-" مع توقعات مستقرة، ليعود بذلك إلى درجة "الاستثمار"، لأول مرة منذ بداية عام 2015.