ارتباك حركة الطيران والنقل الداخلي يصيب أسواق السياحة في مصر

01 يناير 2025
تتأخر الشركات في نقل السائحين من المطارات، مطار القاهرة الدولي في 3 يونيو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعاني السياحة في مصر من ارتباك بسبب تأخر رحلات الطيران الداخلي ونقص مركبات النقل والمرشدين السياحيين، مما أثر على مناطق مثل الأقصر وأسوان، وأجبر السائحين على استخدام وسائل نقل بديلة.
- تواجه شركات السياحة تحديات في توفير وسائل النقل بسبب القيود الحكومية وتضارب شروط الوزارات، بالإضافة إلى تردي أوضاع المرشدين السياحيين.
- رغم التحديات، تشهد السياحة انتعاشاً بفضل استقرار الأوضاع الأمنية وزيادة الطلب، مما يستدعي تدخل الحكومة لحل مشكلات النقل وتلبية الطلب المتزايد.

شهدت حركة السياحة في مصر ارتباكاً شديداً على مدار يومين، متأثرة بتأخر شركات الطيران الداخلي عن مواعيد انطلاقها ووصولها بين المطارات بالمناطق السياحية الرئيسية، ونقص حاد في مركبات النقل السياحي، وقلة عدد المرشدين السياحيين. 

جاءت منطقة الأقصر وأسوان على قائمة المناطق التي تعاني من أعلى معدلات تأخير في وصول السائحين من مطار القاهرة، بمعدل تتراوح ما بين 3-7 ساعات للرحلة الواحدة، زادت من حدتها، عدم قدرة الشركات على توفير حافلات كافية لنقل السائحين، تلزمهم بالبقاء في منافذ الوصول عدة ساعات انتظارا لنقلهم إلى الفنادق والقرى السياحية. اضطرت الأزمة سائحين للبحث عن سيارات أجرة" أوبر" أو مركبات خاصة للانتقال إلى فنادقهم، متجاهلين طلب شرطة السياحة عدم تحرك السائحين، دون وجود سيارات مرخصة للسياحة.

زادت الأزمة مع عدم قدرة شركات السياحة في مصر تدبير المرشدين السياحيين اللازمين لمرافقة الوفود السياحية، في المناطق الأثرية الشهيرة بالأقصر وأسوان وأهرامات الجيزة، غرب العاصمة. أكد عضو غرفة شركات السياحة محمد حسن عدم قدرة الشركات على توفير سيارات نقل سياحي خاصة متوسطة وصغيرة الحجم "الميكروباص والكوستر"، بما جعل الشركات تستعين بسيارات أجرة، خاصة مع تكرار تأخير الطائرات لساعات طويلة، ووصول مجموعات كبيرة في نفس التوقيت. 

وأشار حسن إلى اهتمام الحكومة بزيادة عدد الغرف الفندقية، مستهدفة مضاعفة عدد السائحين حالياً من 15 مليوناً إلى 30 مليون سائح بحلول عام 2030، بينما تضع قيوداً مشدد على زيادة سيارات النقل السياحي، في إصدار التراخيص والانتقال بين المناطق السياحية، بالإضافة إلى رفع الرسوم والضرائب والمحروقات، والزيادة الهائلة في قيمة السيارات، جراء تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار، وتحجيم الاستيراد. 

وشدّد حسن على خطورة تجاهل المسؤولين المشاكل التي يتعرض لها العاملون في النقل السياحي من تفتيش جمركي على الطرق تجعل الشركات غير قادرة على العمل، والتخلص مما لديها من حافلات. وأكد منع وزارة المالية الشركات من استيراد حافلات النقل السياحي، في تناقض مع شروط التشغيل التي تضعها وزارة السياحة، بأن تكون الحافلة السياحية، محتوية على كافة وسائل الترفيه والاتصالات، حديثة الإنتاج، ولم يمر على صناعتها أكثر من 10 سنوات. 

من جانبه، برر مرشد سياحي تحدث لــ"العربي الجديد" قلة عدد المرشدين، اللازمين لمرافقة الوفود، برغبة العديد منهم العمل لحسابهم الشخصي، مستغلين فترة ذروة الطلب، وانتعاش حركة السياحة الوافدة، في تعويض الخسائر التي تعرضوا لها خلال السنوات الماضية، مشيراً إلى أن تردي الأجور التي تعرضها الشركات على المرشدين، وإجبارهم على العمل مقابل حصولهم على عمولات من الباعة على مشتريات الوفود جعلت المئات منهم ينظمون رحلات لمجموعات صغيرة لحسابهم.

وأكد المرشد السياحي وجود حالة بطالة بين المئات من المرشدين السياحيين حالياً، بسبب تفضيل الشركات اصطحاب مترجم أجنبي أو سمسار بالمناطق الأثرية، لمنحه أجراً ضعيفاً، بما جعل كثير من المرشدين يتجهون لممارسة أعمال أخرى، هرباً من ضغوط الشركات والأجهزة الأمنية التي تسبب إزعاجاً للقوافل، دون القدرة على حل مشاكلهم مع المتطفلين المنتشرين حول المزارات والأسواق السياحية. 

انتعاش السياحة في مصر

وتظهر بيانات وزارة السياحة في مصر حالة انتعاش واضحة بعدد السائحين وارتفاعاً بنسبة الحجوزات بالفنادق تصل إلى 100% بالمناطق التاريخية، و90% بالمناطق الشاطئية بالبحر الأحمر وشرم الشيخ، متوقعين أن تقفز بمعدلات السائحين إلى الرقم المسجل قبل جائحة كوفيد-19، والتي فاقت 13 مليون نسمة. 

يربط أعضاء باتحاد الغرف السياحية انتعاش حركة السياحية، بتدهور الأوضاع الأمنية في المناطق المحيطة بمصر، الذين اعتادوا زيارتها، خاصة في لبنان ودولة الاحتلال وغزة وسورية مع ارتفاع كبير في الطلب على زيارة المنطقة في فترة أعياد الميلاد، حيث المزارات الدينية للمسيحيين وقضاء إجازات رأس السنة. 

يفسر عضو باتحاد الغرف السياحية زيادة الطلب السياحي على مصر باستقرار الأوضاع الأمنية، وارتباطها بالمزارات التاريخية والدينية، ووجود موجة لدى الشباب من الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية وغرب أوروبا للتعرف إلى شعوب المنطقة عن قرب، في ضوء التطورات الجيو-سياسية التي أثرت على ثقافتهم ورؤيتهم للعالم، مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة.

وأشار إلى أن هذه النوعية من السائحين تفضل التعرف إلى المواطنين وحياتهم اليومية عن قرب، ومع وجود مخاطر في البلاد الأخرى، أصبحت مصر مقصدهم المفضّل سياحياً. يؤكد العضو ضرورة استغلال الحكومة وفرة الطلب السياحي على مصر في ضبط أداء الشركات والأجهزة بالمعنية بالدولة، وتقديم خدمات مميزة للسائحين مع ضمان جودة الخدمات وضبط مواعيد النقل ودخول المزارات. 

كشف عضو غرفة شركات السياحة هاني فايد عن عدم قدرة شركات الطيران الداخلي على مواجهة الطلب المتنامي في حركة السائحين حاليا، مؤكداً أن الأزمة أصبحت فوق احتمال الشركات، مع غياب رؤية مستقبلية لمواجهتها، لدى الجهات المختصة، بما يستدعي توقف الحكومة لحل المشكلة قبل استفحالها، وتسببها في خسائر فادحة للشركات وسمعة مصر السياحية. 

تحولت صناعة السياحة إلى المورد الثاني للدولة، خلال عام 2024، بعد تراجع هائل بإيرادات قناة السويس، بلغ سبعة مليارات دولار خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى ديسمبر/ كانون الأول 2024. وتأمل الحكومة أن تساهم الصناعة في خفض العجز في الميزان التجاري الخارجي. يشير مؤشر جامعة هارفارد للاقتصاديات الدول إلى أن القيود البيروقراطية والعراقيل التي تضعها الجهات الحكومية تؤدي إلى عدم القدرة على زيادة عوائد السياحة بنحو 506 ملايين دولار سنوياً. 

المساهمون