بينما تحقق حملات المقاطعة لسلع الدول الداعمة لإسرائيل نجاحاً ملحوظاً في صنعاء ومختلف المدن اليمنية، يواصل الحوثيون تنفيذ قرارهم في منع السفن الإسرائيلية من عبور البحر الأحمر وباب المندب، ردا على ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من قتل وتدمير وحصار للشهر الثالث على التوالي، حسب بيانات رسمية صدرت مؤخرا.
يأتي ذلك مع الاستمرار في تنفيذ حملات التوعية لمقاطعة المنتجات والبضائع الأميركية والإسرائيلية، وتوزيع وتركيب اللوحات والملصقات التوعوية في الشوارع والمولات والمحال التجارية.
وترصد "العربي الجديد"، تجاوبا كبيرا مع حملات المقاطعة للسلع والبضائع الأميركية بأسواق صنعاء ومدن يمنية أخرى، حيث يلاحظ اختفاء السلع المقاطعة من المتاجر التي لم تعد تعرضها على رفوفها، وقامت بوضعها في مخازنها تجاوباً مع حملات المقاطعة والتجاوب الشعبي معها.
المواطن هاشم عباس، من سكان صنعاء، يقول لـ"العربي الجديد"، إن المقاطعة للسلع الأميركية والإسرائيلية أقل واجب بالإمكان القيام به والتفاعل معه من قبل الشعوب العربية تجاه ما يحدث من جرائم في غزة، حيث يعتبر شراء سلعهم ومنتجاتهم بمثابة دعم مالي ومساندة لهذه الدول التي تعتبر مشاركة في جرائم إسرائيل المتواصلة على قطاع غزة.
ويؤكد تجار وباعة في متاجر البيع بالتجزئة أنهم توقفوا عن جلب السلع المقاطعة من تجار الجملة إلى متاجرهم للكساد الذي تواجهه بسبب رفض المستهلكين الملتزمين بمقاطعتها.
وكانت "العربي الجديد"، قد قامت برصد قائمة البضائع التي تشملها حملات المقاطعة في اليمن، إذ تم تحديد ما يقارب 220 سلعة من المنتجات، منها نحو 35 منتجا من المشروبات والعصائر والألبان ومشتقاتها لشركات دول داعمة لإسرائيل مثل أميركا، حيث تنفذ الجهات المعنية في اليمن حملات واسعة لمقاطعتها في إطار التضامن الرسمي والشعبي والتجاري والاقتصادي مع الشعب الفلسطيني.
ويتوقع التجار في جميع أنحاء اليمن مع كل أزمة طارئة سواءً كانت داخلية أو خارجية، أن يكون هناك نقص في الإمدادات، ومن ثم اتباع سياسة تحوطية للتعامل مع تبعات الأزمة الطارئة تنعكس على الأسواق المحلية، ومستوى المعروض من السلع الأساسية والغذائية.
من جانبه، يوضح المواطن كمال الشعوبي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه توقف عن شراء السلع المقاطعة بحسب القائمة التي أعلنت عنها وزارة التجارة والصناعة في صنعاء، بالرغم من تعوده على شراء بعضها، خصوصاً الغذائية والدوائية والتكنولوجية والكهربائية، حيث اتجه وغيره من المستهلكين لاقتناء سلع أخرى بديلة.
وتمر الأسواق المحلية في اليمن بحالة ترقب وحذر شديد مع تصاعد الأحداث وتبعاتها على القطاع التجاري في اليمن، وذلك بالرغم من الركود الحاصل في الأسواق مع تراجع القدرات الشرائية وبقاء أسعار السلع والمواد الأساسية عند مستويات مرتفعة.
كانت سلطة صنعاء قد أعلنت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عن قائمة بالسلع والمنتجات الأميركية والشركات المطلوب مقاطعتها، إما لارتباطها بدولة الاحتلال الإسرائيلي أو لدعمها له، إلى جانب إلغاء كل الوكالات التجارية المرتبطة بتلك الشركات، والتي قوبلت بتأييد وترحيب رسمي وشعبي واسع من كل أطياف المجتمع اليمني.
من جانب ثان، كررت القوات البحرية في القوات المسلحة اليمنية التابعة للحوثيين دعوتها كافة السفن المتجهة إلى كافة الموانئ حول العالم، عدا الموانئ الإسرائيلية، إلى الإبقاء على جهاز التعارف مفتوحاً حتى لا يصيبها أي ضرر.
وأشارت في بيان صادر الجمعة 15 ديسمبر/ كانون الأول إلى تنفيذ عملية عسكرية ضد سفينتي حاويات (إم إس سي ألانيا) و(إم إس سي بالاتيوم) كانتا متجهتين إلى إسرائيل، وقد تم استهدافهما بصاروخين بحريين مناسبين بعد رفض طاقميهما الاستجابة لنداءات القوات البحرية اليمنية وكذلك الرسائل التحذيرية النارية.
وتؤكد جماعة الحوثي استمرارها في منع كافة السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية من الملاحة في البحرين العربي والأحمر، حتى إدخال ما يحتاجه قطاع غزة من غذاء ودواء.
ويشرح المحلل الاقتصادي علي الحيفي، لـ"العربي الجديد"، أن ما يجري في البحر الأحمر وباب المندب سيكون له أثر بالغ في الإضرار بالاقتصاد الإسرائيلي، والدول والشركات الداعمة والمتعاونة معها، بطريقة موجعة قد تدفعها لتغيير مواقفها وعدوانها على غزة.
ووفق الحيفي فإن إسرائيل لن تستطيع تحمل خسائر الحرب وانهيار تجارتها الخارجية، وتعطيل موانئها التي بدأت تعاني من تبعات منع مرور السفن المتجهة إليها من العبور في البحر الأحمر وباب المندب.
ويشير إلى عدم جدوى البدائل التي تعرضها مع الأسف دول عربية على إسرائيل لاتباعها في مرور سفنها التجارية بعيداً عن باب المندب والبحر الأحمر، لأنها مكلفة على كافة المستويات من حيث رسوم التأمين وتكاليف الشحن التجاري، والمسافة المتباعدة التي ستضيف أعباء وتكاليف مالية لا تستطيع شركات الشحن التجاري تحملها.