اتفاق الساعات الأخيرة... أميركا تتجنّب بصعوبة إغلاقاً حكومياً

02 أكتوبر 2023
الجمهوريون المتشددون يهددون بإقالة كيفن مكارثي من رئاسة مجلس النواب ()
+ الخط -

تجنّبت الولايات المتحدة الأميركية بصعوبة إغلاقاً جزئياً للحكومة، بعد أن أقر الكونغرس تشريعاً يتيح مواصلة تمويل الإدارة الفيدرالية مؤقتاً حتى 17 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، ما يمنح الديمقراطيين والجمهوريين الوقت للتفاوض على تمويل طويل الأجل، ويتنفس مئات آلاف الموظفين الصعداء بعدما سيطرت المخاوف عليهم من توقف رواتبهم، وتعطل الكثير من الخدمات، وتضرر الأسواق والاقتصاد بشكل عام.

وقبل ثلاث ساعات فقط من حصول الإغلاق الحكومي، اعتباراً من أمس الأحد، أقر مجلس النواب، مساء السبت، نصاً توافقياً في محاولة أخيرة لتجنّب الشلل، قبل أن تجري الموافقة عليه من جانب 88 عضواً في مجلس الشيوخ مقابل رفض 9 أعضاء، ليوقع بعدها الرئيس الأميركي جو بايدن على التشريع، متوجاً بذلك يوماً استثنائياً في العاصمة واشنطن.

وقال بايدن في بيان: "الليلة صوتت الأغلبية من الحزبين في مجلسي النواب والشيوخ على إبقاء الحكومة مفتوحة، ما يمنع حدوث أزمة غير ضرورية، من شأنها أن تسبب معاناة لا داعي لها لملايين الأميركيين الذين يعملون بجد".

وجاء تمرير التشريع في إجراء سريع وغير اعتادي في مبنى الكونغرس، الذي عادة ما تكون الإجراءات فيه بطيئة، وذلك بعد أن تضاءلت الآمال في الأيام الماضية في التوصل إلى حل وسط بين الجمهوريين والديمقراطيين بشأن مشاريع قوانين الإنفاق للعام المالي المقبل، الذي يحل في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول.

وانصبت أنظار الأميركيين والمستثمرين حول العالم إلى واشنطن خلال الأيام الأخيرة، في ظل المخاوف التي سادت بشأن الإغلاق الحكومي. فحتى توفير التمويل قصير الأمد، كان من شأنه أن يعطّل العديد من أنشطة الهيئات والمؤسسات الفيدرالية، ويقطع الرواتب عن الكثيرين، في حين كان الاقتصاديون يتوقعون أن يؤدي الإغلاق طويل الأجل إلى عرقلة جهود مجلس الاحتياط الفيدرالي لكبح التضخم، من دون خسارة الوظائف على نطاق واسع. كما أن أسواق المال أبدت مخاوفها من تداعيات الإغلاق.

وأبقى التشريع الإنفاق الفيدرالي عند المستويات الحالية، لكنه لا يشمل تمويلاً جديداً لأوكرانيا، على الأقل في الوقت الراهن، ما يمثل وفق تقرير لوكالة بلومبيرغ الأميركية، ضربة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي التقى بايدن والمشرعين، قبل نحو 10 أيام، ودعا لتزويد بلاده بأنظمة أسلحة جديدة، بما في ذلك الطائرات المقاتلة من طراز "إف 16" وصواريخ "أتاكمز" بعيدة المدى.

وسعى بايدن وغيره من المشرعين إلى طمأنة أوكرانيا بأن الولايات المتحدة تظل ملتزمة بالمجهود الحربي. وقدّمت الولايات المتحدة إلى أوكرانيا 44 مليار دولار منذ بداية الغزو الروسي نهاية فبراير/ شباط من العام الماضي، وطلب الرئيس الأميركي مبلغاً إضافياً قدره 24 مليار دولار لضخها في الحسابات التي يقول البنتاغون إنها على وشك النفاد.

وقال بايدن: "لا يمكننا تحت أي ظرف من الظروف أن نسمح بانقطاع الدعم الأميركي عن أوكرانيا"، مضيفاً أن كيفن مكارثي رئيس مجلس النواب (جمهوري) التزم بإقرار حزمة مساعدات منفصلة لأوكرانيا. ويتعين على المشرعين الآن النظر في مشروع قانون منفصل يتعلق بالمساعدات العسكرية والإنسانية لأوكرانيا. وقد يجرى تصويت أوائل الأسبوع المقبل، وفقاً لوسائل إعلام أميركية.

وقد يؤدي اتفاق، السبت، إلى خسارة مكارثي منصبه، بعدما هدد المتشددون في حزبه بإقالته من رئاسة مجلس النواب إذا جرى تمرير الإجراء الموقت، لتجنب الإغلاق الحكومي الذي عارضوه. ورفضت لورين بويبرت، وهي من المتشددين، أن تعطي رأيها بعد التصويت حول ما إذا كانت المجموعة ستحاول إجبار مكارثي على التنحي، لكن من الواضح أنها لم تكن راضية.

بينما هدد الخصم السياسي الأكثر صخباً لمكارثي، النائب مات جايتز (جمهوري من فلوريدا)، مراراً بمحاولة الإطاحة به من منصب رئيس مجلس النواب، وفق ما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية. في حين رفض مكارثي التهديدات قائلاً: "إذا أراد شخص ما تقديم اقتراح ضدي، فليحضره". وأضاف بعد التصويت على اتفاق استمرار عمل الحكومة: "يجب أن يكون هناك شخص بالغ في الغرفة".

وأبدى مكارثي، بعد التصويت، مرونة تجاه الجمهوريين المتشددين، كما أبدى ثقته في احتمالات التوصل إلى اتفاق نهائي بحلول منتصف الشهر المقبل. وقال "في غضون 45 يوماً يجب أن ننجز كلّ عملنا".

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وقال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر (ديمقراطي من نيويورك) إن الشعب الأميركي "يمكنه أن يتنفس الصعداء". لكن الجمهورية لورين بويبرت، قالت للصحافيين: "هناك الكثير من الأعضاء هنا يشعرون بالارتياح للقيام بالأشياء بالطريقة نفسها منذ منتصف التسعينيات.. وهذا هو سبب ديوننا البالغة 33 تريليون دولار".

وكثيراً ما يستغل الديمقراطيون والجمهوريون الملفات المالية والاقتصادية الحساسة أوراق ضغط متبادلة، واستثمارها بشكل أكبر قرب كل انتخابات تشهدها البلاد.

وكانت هناك 20 حالة إغلاق منذ السبعينيات، وفقاً لخدمة أبحاث الكونغرس، آخرها في عهد الرئيس السابق ترامب، وتعد الأطول حيث استمرت 35 يوماً بين ديسمبر/ كانون الأول 2018 ويناير/ كانون الثاني 2019.

وجاءت أزمة الميزانية الأخيرة، بعد بضعة أشهر فقط من تمكن الكونغرس والبيت الأبيض من تجنب عجز أكثر تدميراً عن سداد ديون الولايات المتحدة، حيث توصل بايدن ومكارثي إلى اتفاق لرفع سقف الدين في اللحظات الأخيرة.

المساهمون