وقعت كل من إيران وأذربيجان وتركمانستان، اتفاقية ثلاثية لتصدير الغاز من تركمانستان إلى جمهورية أذربيجان عبر الأراضي الإيرانية، في خطوة تجعل إيران ممراً لنقل الغاز من آسيا الوسطى إلى جنوب القوقاز، فضلا عن أنها تعود على اقتصادها بمنافع كبيرة ومن شأنها أن تعوض جزءاً كبيراً من شح الغاز فيها خلال فصل الشتاء.
ووقعت الدول الثلاث الاتفاقية على هامش مؤتمر منظمة التعاون الاقتصادي "إيكو" بحضور رؤسائها ووزراء النفط والطاقة، أمس الأحد.
وتنص الاتفاقية على موافقة إيران على نقل نحو ملياري متر مكعب سنوياً من الغاز التركمانستاني إلى أذربيجان عبر أراضيها، أي بمعدل يومي يبلغ 5 إلى 6 ملايين متر مكعب.
الاتفاقية تشكل حلاً مناسبا لتعويض عجز الغاز المتوقع في إيران خلال المرحلة المقبلة، حيث ثمة توقعات بانقطاع التيار الكهربائي خلال الشتاء
من المقرر أن تستلم إيران هذه الكمية يومياً على الحدود الشرقية مع تركمانستان، على أن تسلم نفس الكمية من غازها إلى جمهورية أذربيجان الواقعة شمال غربي إيران.
ومقابل ذلك، تحصل إيران على جزء من هذا الغاز بما يكفي لتأمين الغاز المستهلك لخمس محافظات إيرانية. لكن ليس واضحاً بعد الكمية التي ستستهلكها إيران من الغاز المنقول إلى أذربيجان من داخل البلاد. ويبدو أن هذا الأمر متروك لحاجاتها من الإمدادات والتي يتوقع أن تواجه نقصاً خلال الشتاء المقبل. وتدخل الاتفاقية الثلاثية حيز التنفيذ بعد نحو شهر من دون أن يكون لها سقف زمني محدد، إذ تبقى آجالها مفتوحة.
وتعليقا على الاتفاقية، قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي بهادري جهرمي، في تغريدة، إنها "نتيجة رؤية متوازنة للحكومة في السياسة الخارجية لتوظيف جميع الفرص"، مؤكدا أن الاتفاقية تومن ما يعادل الغاز المستهلك في خمس محافظات إيرانية.
كما قال وزير النفط الإيراني، جواد أوجي، للتلفزيون الإيراني، إن بلاده ستستلم بموجب الاتفاقية ما يقارب 1.5 إلى ملياري متر مكعب من الغاز سنوياً من تركمانستان في منطقة سرخس الإيرانية شرقي البلاد، على أن تسلمها عبر الحدود في منطقة "أستارا" لأذربيجان.
وأشار أوجي إلى أن بلاده توصلت إلى "حلول جيدة" لدفع الديون التركمانستانية لقاء استيراد الغاز منها سابقا، قائلا إن أول دفعة من هذه الديون سيتم تسديدها قريباً.
وكانت إيران قد عقدت صفقة مع تركمنستان عام 1997 لاستيراد ما بين 8 إلى 10 مليارات متر مكعب من الغاز سنويا لمدة 25 عاما، لكنها خلال السنوات الأخيرة بسبب العقوبات الأميركية لم تتمكن من دفع المستحقات فقررت تركمانستان بعد ذلك وقف تصدير الغاز إليها ورفع شكوى لدى محكمة العدل الدولية التي أصدرت حكما العام الماضي ضد إيران بدفع ملياري دولار كغرامة مالية.
من شأن اتفاقية الغاز الثلاثية أن تشكل حلاً مناسبا لتعويض عجز الغاز المتوقع في إيران خلال المرحلة المقبلة، حيث ثمة توقعات بانقطاع التيار الكهربائي في إيران خلال الشتاء المقبل بشكل أقسى من الربيع والصيف الماضيين، بسبب عجز متوقع للغاز خلال الشتاء، ما يسبب مشاكل في توفير الغاز للاستهلاك المنزلي للإيرانيين وكذلك تراجع الطاقة الإنتاجية الكهربائية في المحطات التي تعمل بالغاز.
الاتفاقية تنص على موافقة إيران على نقل نحو ملياري متر مكعب سنوياً من الغاز التركمانستاني إلى أذربيجان عبر أراضيها
وسبق أن تحدث وزير النفط قبل فترة عن عجز متوقع للغاز، بمقدار 200 مليون متر مكعب يومياً خلال الشتاء المقبل. وتعمل الكثير من الصناعات الإيرانية، منها محطات إنتاج الكهرباء بالغاز، ولذلك فإن تراجع إنتاجه يرتد سلباً على نشاط هذه الصناعات.
ووفق تصريحات سابقة لوزير النفط الإيراني، فإن التقديرات تشير إلى حاجة البلاد إلى نحو 22 مليار دولار للاستثمار في الحقول الغازية خلال السنوات الستة والثمانية المقبلة بسبب تراجع الضغط في هذه الحقول وللحفاظ على الطاقة الإنتاجية الحالية.
وحذر خبراء النفط والغاز أن الميزان الغازي لإيران قد يصبح سالباً خلال السنوات الخمس المقبلة، ما يحولها من مصدّر للغاز إلى مستورد له، وذلك نتيجة تراجع الإنتاج في حقول "جنوب بارس" المشتركة مع قطر، وتراجع إنتاج الغاز المرافق للنفط واستمرار العقوبات وعدم إمكانية استقطاب الاستثمارات والتقنيات الجديدة، تمتلك الدولة ثاني أكبر احتياطيات الغاز بعد روسيا تصل إلى 34 تريليون متر مكعب.
وأصبحت صناعات إيران في حقول النفط والغاز، تدخل طور التهالك منذ سنوات، فتحتاج هذه الصناعات إلى تحديثها للحفاظ على قدراتها الإنتاجية ورفع مستواها، لكن البلاد تواجه مشاكل كبيرة في تمويل عملية تحديث هذه الصناعات واستقدام التقنيات الحديثة، بسبب العقوبات الأميركية وهو ما دفع السلطات الإيرانية إلى البحث عن حلول عاجلة للاستثمار في القطاعين النفطي والغازي وتقديم عروض مقايضة النفط والمكثفات الغازية بالاستثمار في هذه القطاعات لقاء تمويلها خلال الفترة الأخيرة.