اتفاقات نفط ويورانيوم طويلة الأجل بين الهند وروسيا

13 يوليو 2024
مودي وبوتين في موسكو/ 9 يوليو 2024 (سيفا كاراكان/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- أبرمت الهند وروسيا اتفاقات استراتيجية تشمل استيراد النفط الروسي بالروبية الهندية وتوريد اليورانيوم لإنشاء محطة نووية في تاميل نادو، ومنح الرئيس بوتين مودي وسام القديس أندرو الرسول.
- أثارت الاتفاقات قلق واشنطن، حيث تعتبر الهند جزءاً من استراتيجيتها لاحتواء الصين، وقد تضعف تحالف "بكين ـ موسكو" وتهدد صادرات النفط العربي والبترودولار.
- من المتوقع أن تقود الهند النمو الاقتصادي العالمي بفضل نموها السكاني والاقتصادي السريع، مع زيادة الاعتماد على النفط والغاز الطبيعي.

أبرمت الهند وروسيا اتفاقات نفط ويورانيوم خلال الزيارة الرسمية التي يقوم بها رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى موسكو، حيث منحه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلى وسام مدني في روسيا، وهو وسام القديس أندرو الرسول. ووفق المعلومات التي رشحت من زيارة مودي، فإنها تناولت اتفاقات طويلة في مجال اليورانيوم  والنفط. وتناقش المصافي الهندية اتفاقية طويلة الأجل في مجال استيراد النفط الروسي عبر تسديد الفاتورة بالروبية الهندية.

ويقول تحليل بمجلة "فورن بوليسي"، إن الاتفاق الاستراتيجي بين موسكو ونيودلهي يقلق واشنطن التي تدخر الهند لاستراتيجية احتواء الصين في المستقبل، كما أن الاتفاق قد يضعف تحالف "بكين ـ موسكو". ولكن من المؤكد، وفق التحليل نفسه، أن اتفاقات الطاقة بين روسيا والهند، خاصة اتفاقية النفط ستهدد صادرات النفط العربي وستؤثر سلباً  على "البترودولار"، أي عمليات بيع النفط بالدولار في المستقبل، لأنها ببساطة تُسوى بالعملات الوطنية لكل من روسيا والهند. ورغم العقوبات الغربية على الطاقة الروسية، حصلت الهند بالفعل على موافقة على استيراد النفط والغاز من روسيا، ولن يكون أمام واشنطن خيار سوى قبول الأمر نفسه بالنسبة لليورانيوم الروسي.

ويرى تحليل بنشرة "أويل برايس" أن الهند مرشحة لقيادة النمو الاقتصادي العالمي خلال العقود المقبلة، بما لها من نمو اقتصادي سريع ونمو سكاني كبير مقارنة بالتراجع الصيني. ويقدرعدد سكان الهند بأكثر من 1.41 مليار نسمة، كما أن الاقتصاد الهندي نما من 2.6 تريليون دولار إلى 3.76 ترليونات دولار خلال ثلاث سنوات بين العام 2021 و2024، وفق البيانات الرسمية. ووفق أويل برايس، فقد رجح مسؤولون كبار مطلعون على الأمر أن يتفق الحليفان على اتفاقية طويلة الأجل لتوريد اليورانيوم الروسي لإنشاء محطة للطاقة النووية في ولاية تاميل نادو. وحتى الآن، لا يندرج التعاون في المجال النووي المدني تحت نظام العقوبات الذي تفرضه الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون على روسيا بسبب حربها على أوكرانيا. وقامت شركة روساتوم النووية الحكومية الروسية في السابق بتزويد الوقود النووي لمحطة كودانكولام النووية الهندية في عامي 2022 و2023. وفي هذا الإطار، قال وزير الخارجية الهندي فيناي كواترا يوم الجمعة إن "الوحدتين 1 و2 في محطة كودانكولام للطاقة النووية بدأتا العمل بالفعل، والعمل يتقدم في الوحدتين 3 و6"، مضيفًا أن موسكو "تظل شريكاً مهماً لأمن الطاقة والدفاع في الهند". 

وتحصل الهند حاليا على الجزء الأكبر من احتياجاتها من اليورانيوم من مناجم في ولاية جهارخاند الشمالية. ولكن احتياطيات اليورانيوم هذه في الولاية تستنزف بسرعة، في حين فشلت الجهود المبذولة لاستغلال الاحتياطات في ولايات أخرى مثل أندرا براديش وميغالايا في تلبية التوقعات، مما أجبر البلاد على الاعتماد بشكل متزايد على الواردات. وتعتمد الهند حالياً على الصفقات الفورية لشراء الوقود مع دول من بينها كازاخستان وفرنسا وروسيا وكندا وأوزبكستان.

على الصعيد النفطي، يتوقع محللون أن تتزايد احتياجات الهند من النفط خلال السنوات المقبلة، ويرى تقرير "أويل برايس" أن الهند ستحل تدريجياً محل الصين في نمو الطلب العالمي على النفط بفضل الاقتصاد الذي حافظ على معدل نمو قوي لفترة طويلة. ونما الاقتصاد الصيني بمعدل 10% سنوياً في المتوسط منذ شرعت بكين في الإصلاحات الاقتصادية في العام 1978، مما رفع الناتج المحلي الإجمالي من 1.2 تريليون دولار في عام 2000 إلى ما يقرب من 18.5 تريليون دولار في عام 2024. لكن الصين باتت تواجه أزمات اقتصادية، إذ يتوقع خبراء اقتصاديون أن يتباطأ معدل النمو الاقتصادي في الصين إلى ما يتراوح بين 2 و5 في المائة في السنوات المقبلة بسبب انخفاض عدد السكان وتباطؤ الإنتاجية. ويرى الخبراء أنفسهم أن الهند ستحل محل الصين قريبا كمحرك رئيسي لنمو الطلب العالمي على النفط. وعلى مدى العقد الماضي، شكلت منطقة آسيا والمحيط الهادئ 79% من نمو الطلب العالمي على النفط، حيث استحوذت الصين وحدها على 58%.

وقالت إيما ريتشاردز، كبيرة المحللين في شركة فيتش سولويشنز المحدودة ومقرها لندن، لصحيفة "تايمز أوف إنديا"، إن "دور الصين كمحرك لنمو الطلب العالمي على النفط يتلاشى بسرعة". وأضافت أنه على مدى العقد المقبل، ستنخفض حصة الصين من نمو الطلب على النفط في الأسواق الناشئة من حوالي 50% إلى 15% فقط بينما ستتضاعف حصة الهند إلى 24%.

ومن المتوقع أن يكون النمو السكاني السريع في الهند، والذي من المرجح أن يفوق نظيره في الصين، المحرك الرئيسي لاتجاهات الاستهلاك في الهند. ووفق بيانات "أويل برايس"، فقد زاد استهلاك الهند من النفط بمقدار 3.7 ملايين طن (4.8%) في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024 مقارنة بالفترة المقابلة من عام 2023، حيث قاد المستهلكون، وليس الصناعة، النمو.
ومن ناحية أخرى، من المتوقع أن يتخلف انتقال الهند من وسائل النقل التقليدية التي تعمل بالبنزين والديزل عن مناطق أخرى، خاصة  الصين التي باتت تعتمد أكثر على السيارات الكهربائية والطاقة النظيفة. وقال بارسلي أونج، رئيس أبحاث الطاقة والمواد الكيميائية في آسيا ببنك "جي بي مورغان تشيس" الأميركي، إن "الهند ستتفوق اقتصادياً على  الصين وستصبح محرك نمو الطلب العالمي، ويرجع ذلك أساساً إلى العوامل الديموغرافية مثل النمو السكاني". وتعمل الهند على التخلص من الفحم  تدريجياً، وهو ما يعني الاعتماد على النفط والغاز الطبيعي.

المساهمون