ذكرت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية الإسرائيلية في عددها الصادر اليوم الخميس أن كلا من مصر والسلطة الفلسطينية وإسرائيل تجري اتصالات تهدف إلى بحث سبل استغلال حقل "مارين"، الذي يتواجد قبالة ساحل غزة.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الاتصالات تجرى بوساطة كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وحسب الصحيفة نفسها، فإن مصر تقف وراء المبادرة بإجراء الاتصالات وأن إسرائيل تظهر موقفا "إيجابيا" تجاهها من منطلق الرغبة في المساعدة بإمداد محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة بالغاز وزيادة إيرادات السلطة الفلسطينية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول مصري قوله: "نظرا لأن مصر تعد مركزاً إقليمياً لإنتاج الغاز، وتعمل وسيطا بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية و"حماس"، فإنها ترى في تطوير حقل مارين تطوراً إيجابياً"، مشيرا إلى أن مثل هذه الخطوة ستقلل من اعتماد الغزيين على الديزل الذي يتم شراؤه من الخارج، وستوفر آلاف فرص العمل لسكان القطاع.
واكتشف حقل مارين، الواقع على بعد 36 كيلومتراً من شواطئ قطاع غزة، في سبتمبر/ أيلول 2000 من قبل شركة "بريتش غاز" ثم نُقل امتياز استغلاله لاحقاً إلى شركة "شل" الهولندية التي اشترت "بريتش غاز"، لكنها تنازلت عن حقوقها في إنتاج الغاز من "مارين" بسبب الأوضاع الأمنية.
ووفقاً للتقديرات، يحتوي "مارين" على حوالي 30 مليار متر مكعب من الغاز، أي أن إيراداته المحتملة يمكن أن تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات، في حين تقدر تكلفة الإنتاج بأكثر من مليار دولار.
تطوير الحقل
ولفتت الصحيفة إلى أن السلطة الفلسطينية وقعت في فبراير/شباط 2021 مع مصر على مذكرة تفاهم لتطوير مارين. وفي جزء من الاتفاقية، ستتعاون الشركة المصرية القابضة للغاز الطبيعي والسلطة الفلسطينية في تطوير حقل الغاز ونقله إلى قطاع غزة ومنشآت الإسالة في مصر.
ولفتت إلى أن منظمة التحرير الفلسطينية تجري الاتصالات مع جهاز المخابرات المصرية، بوصفها الجهة التي تدير الاتصالات مع الأطراف الفلسطينية، لافتة إلى أن إسرائيل استجابت لجهود مصر للسماح بإنتاج الغاز من حقل مارين.
واستدركت الصحيفة أن حكومة تصريف الأعمال في تل أبيب برئاسة يئير لبيد رغم حماسها لهذه الخطوة إلا أنها معنية حاليا بعدم إثارتها عشية الانتخابات المبكرة التي ستنظم مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني القادم.
وأعادت الصحيفة التذكير بأن إسرائيل لم تتنازل رسميا عن حقل "مارين"، لكن رئيس الوزراء السابق إيهود باراك منح في عام 2000 الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الحق في حفرها واستغلال عائداتها.
وحسب مسؤول إسرائيلي تحدثت إليه الصحيفة، فإن "تطوير حقل مارين قد يقلص من دوافع المنظمات الفلسطينية، وعلى رأسها حماس، لاستئناف إطلاق الصواريخ بشكل عام، لتهديد منشآت الغاز الإسرائيلية بشكل خاص”.
وأضاف المسؤول: "تطوير مارين، على غرار الاتفاق مع لبنان (ترسيم الحدود البحرية)، يخلق معادلة جديدة سيكون لدى حماس فيها الكثير لتخسره إذا استأنفت إطلاق النار"، لافتاً إلى أن "استغلال حقل غاز فلسطيني سيزيد من أدوات الضغط على حماس عدة مرات".
وتابع أنه في حال حدث تحرك فعلي بشأن حقل مارين فلن يحدث قبل عام 2024، مشددا على أن كلا من إسرائيل والولايات المتحدة ترفضان أي دور لحركة حماس في إدارة الحقل.
تفاهمات أولية
وأوضح أن كلا من واشنطن وتل أبيب معنيتان بعدم تمكين حماس من إدارة مشاريع دولية كبيرة في قطاع غزة وتصران على أن تكون السلطة الفلسطينية الجهة الوحيدة التي تملك الحق في منح امتيازات الحفر والإنتاج في مارين، على افتراض أن كميات الغاز وظروف التضاريس تسمح بذلك.
واقتبست الصحيفة عن مسؤول في السلطة الفلسطينية تأكيده أن السلطة تجري بالفعل مفاوضات مع شركات عالمية، منها شركة "إنيرجيان" التي تملك حق استخراج الغاز من حقل "كاريش" وشركة "توتال" الفرنسية التي حازت على حق التنقيب في حقل "قانا"، مشددا على أن أزمة الطاقة في أوروبا سرعت من وتيرة الاتصالات بهذا الشأن.
وأضاف المسؤول أن المسؤولين الأوروبيين يحرصون على طرح هذه القضية عندما يزورون السلطة الفلسطينية، مشيرا إلى أن رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي، أورسولا فون ديرلاين، بحثت الأمر في زيارتها رام الله في يونيو/ حزيران الماضي.
وقال المسؤول نفسه إنه في إطار التفاهمات (الأولية) التي تم التوصل إليها، فستتولى مصر وإسرائيل الإشراف على الإنتاج، وسيتم تصدير جزء من الغاز إلى منشآت الإسالة في مصر ومن هناك يتم تصديره إلى أوروبا، في حين سيتم استخدام الجزء الآخر في تشغيل محطة توليد الكهرباء في قطاع غزة، التي سيتم تحويلها لتعمل بالغاز.