إيران تحكم قبضتها على الاقتصاد السوري: مصرف مشترك وسيطرة بالنفط

05 مارس 2024
توقع المزيد من الضغوط على الليرة السورية (Getty)
+ الخط -

وافقت حكومة رئيس النظام السوري بشار الأسد على افتتاح شركة تأمين ومصرف مشترك مع إيران واعدة خلال اجتماع الهيئة المشتركة لغرف التجارة أخيراً، بتفعيل الاتفاقات الموقعة بما فيها مشروعات الطاقة واستثمار الفوسفات. 

ويكشف مصدر رفيع من دمشق لـ"العربي الجديد" أن معظم المشروعات التي اتُفق عليها خلال زيارة الرئيس الإيراني إلى دمشق في مايو/أيار العام الماضي "لم تلق طريقاً للتطبيق" إذ لم يتم تصفير الرسوم كاملة ولا إقامة المشروعات، ولا حتى التزام طهران بتنفيذ مشروعات الطاقة أو حتى المساعدة في هذا القطاع. 

ويضيف المصدر الذي طلب عدم كشف اسمه، أن الاتفاقيات الإحدى عشرة الموقعة بين البلدين، لم تلق طريقها للتنفيذ عدا ما يسمى السياحة الدينية، إذ لم يتم انشاء مناطق تجارية إيرانية في سورية، ولم تقدم إيران على استثمارات في قطاع النفط أو الفوسفات، في حين أن الحديث عن إكمال خط سكك الحديد وتفعيل مصنع السيارات "سيامكو"، لا يزال ضمن  الوعود، الأمر الذي "أحرج دمشق" بعد استحواذ أسماء الأسد على مشغل الخليوي الثاني ورفض المشغل الإيراني الدخول في الصفقة. 

ويصف المسؤول السوري السابق خلال تواصله مع "العربي الجديد" أن العلاقة بين دمشق وطهران "مد وجزر، وتحكمها السياسة والوجود الإيراني على الأرض" مستدلاً بتراجع حجم التبادل التجاري وعدم تنفيذ الاتفاقات.

واستثمرت طهران في أربعة مشاريع منذ 1991 إلى 2005، بتكلفة 5 مليارات ليرة سورية، ومن ثم سبعة مشاريع بين أعوام 2006 و2010 بكلفة 20 مليار ليرة، في حين أن المشروعات والاتفاقات بعد ذلك "بعد الثورة السورية" كانت معظمها نظرية وعلى الورق، مع الإشارة لتراجع حجم التبادل التجاري بعد عام 2011، فالصادرات الإيرانية تراجعت من مليارين و476 مليوناً و608 آلاف دولار بين 2001 و2011، إلى مليار و881 مليوناً و588 ألف دولار بين عامي 2011 و2022. 

ولكن، يختم المصدر الخاص، أن "سورية ممسوكة من النفط الإيراني" بعد تراجع الإنتاج من 380 ألف برميل عام 2011 إلى نحو 20 ألف برميل اليوم، إذ إن الحاجة الداخلية لنحو 200 ألف برميل، تأتي معظمها من طهران عبر خطوط الائتمان، ومقابل "مشروعات خاصة". 

موافقة إيران على إنشاء المصرف

ويقول أمين سر الغرفة التجارية السورية الإيرانية، مصان نحاس، إن البنك المركزي الإيراني أصدر الموافقة النهائية على إنشاء بنك مشترك مع سورية، مضيفاً أنه لا يزال حتى اللحظة قيد التأسيس. 

وتوقع نحاس خلال تصريحات أمس، أن يبدأ البنك العمل خلال شهر، مشيراً إلى أهمية هذا البنك لناحية تسهيل عمليات الدفع، لافتا إلى أن سورية وإيران اعتمدتا العملة المحلية لكل بلد في ما يخص التبادل التجاري، بمعنى أن الراغب باستيراد البضائع من إيران يدفع بالليرة السورية، بينما من يرغب باستيراد البضائع من سورية إلى إيران سيدفع بالتومان الإيراني. 

ويضيف أمين سر الغرفة التجارية السورية الإيرانية إن البنك سيتدخل في عمليات “التقاص التجارية” بين البلدين، بمعنى مبادلة البضائع ودفع الفوارق النقدية عبر البنك أيضاً، مشدداً على أهمية هذه الخطوة. 

في المقابل، يقول المالي السوري، نوار طالب لـ "العربي الجديد" إن افتتاح المصرف بدمشق، مطلب مشترك للبلدين المعاقَبين، فهو أحد طرق الالتفاف والتهرب من العقوبات والرقابة، كما سيمنح الأعمال الإيرانية في سورية "المشروعة وغير المشروعة" استقلالية مالية عن مؤسسات الدولة السورية "صراحة تهرّب نظام الأسد من المصرف المشترك الذي طلب منه منذ عام 2019". 

وحول الفائدة على الاقتصاد السوري، يضيف طالب إنه سيكون عاملاً إضافياً لتدهور الليرة، إذ ستزيد طهران من طرح العملة السورية والإيرانية وتجمع الدولار واليورو، فضلاً عن التوسع اللاحق عبر فروع أو مؤسسات مالية "أعلنوا عن فتتاح فرعين لمصارف خاصة إضافة للمصرف المشترك"، ما سيزيد من النشاط الإيراني، بما فيه المخدرات وإقامة المزارات الدينية والمراكز الثقافية المتزايدة لتحقيق الهدف الاستراتيجي لطهران، وهو السيطرة على سورية، من بوابة القروض والاقتصاد والهيمنة العسكرية، كما فعلت مع لبنان واليمن والعراق. 

وترمي إيران، وفق ما يراه محللون سوريون، إلى أن تنصب فخاخاً، لتتمكن من الاقتصاد، سواء عبر زيادة ديون تصدير النفط أو مشاريع الطاقة، وذلك عبر إغراء الاستثمارات أو رفد السوق السورية بالسلع والمنتجات، والتي تعاني أصلاً من تراجع المعروض وارتفاع الأسعار. 

المساهمون