تنحو الصين باتجاه إلزام شركاتها التي تعتزم تنفيذ اكتتابات عامة خارج البلاد بالحصول على موافقة مسبقة، في تحرك يرى فيه مراقبون إشارة "النهاية" لاكتتابات في السوق الأميركية بلغت قيمتها تريليونَي دولار، علماً أنّ عدد الشركات الصينية المدرجة في الولايات المتحدة تجاوز الـ400 حتى الآن.
فعلى مدى 20 عاماً، توافدت شركات التكنولوجيا الصينية على بورصات الولايات المتحدة، مدفوعة ببيئة تنظيمية ودية ومجموعة كبيرة من الرساميل الحريصة على الاستثمار في أحد أسرع اقتصادات العالم نموا.
لكن الآن، يبدو أنّ القوة الطاغية وراء مئات الشركات، البالغة قيمتها تريليونَي دولار، قد أوقفت مسارها.
إعلان بكين في 10 يوليو/تموز 2021، أنّ جميع الشركات (تقريباً) التي تحاول طرح أسهمها للاكتتاب العام في بلد آخر سوف تحتاج موافقة من دائرة تنظيم الأمن السيبراني التي مُنحت الصلاحيات في الآونة الأخيرة، أتى بمثابة "ناقوس الموت" بالنسبة للاكتتابات العامة الأولية الصينية في الولايات المتحدة، وفقاً لما نقلت "بلومبيرغ" عن مراقبين يتابعون القضية منذ فترة طويلة.
الأستاذ في "كلية غوانهوا للإدارة" بجامعة "بكين" بول جيليس استبعد أن تكون هناك أيّ شركات صينية مدرجة في الولايات المتحدة خلال 5 إلى 10 سنوات مقبلة، باستثناء ربما القليل من الشركات الكبيرة ذات القوائم الثانوية.
ومن شأن الحملة الصينية،التي دفع باتجاهها قرار شركة "ديدي غلوبال" Didi Global Inc للمضي قُدماً في الإدراج في بورصة نيويورك رغم اعتراض الجهات التنظيمية، أن ترسل في الواقع موجات صادمة في الأسواق.
فقد انخفضت، في الآونة الأخيرة، أسهم مجموعة من الشركات الصينية المتداولة في الولايات المتحدة بنسب وصلت إلى 30% تقريباً من أعلى مستوياتها على الإطلاق.
وبالنسبة إلى المستثمرين في الشركات التي لم تُدرَج بعد، ثمة حالة متزايدة من عدم اليقين بشأن متى يمكنهم استرداد أموالهم.
وبينما تستعد شركات وول ستريت لتجفيف رسوم الاكتتابات المربحة، تتهيأ هونغ كونغ للاستفادة من بحث الشركات الصينية عن أسواق استثمارية بديلة وأكثر أماناً من الناحية السياسية وأقرب إلى الوطن.
إنّما من الصعب المبالغة بأهمية الشركات الصينية في الأسواق الأميركية، علماً أنّ الموجة الأولى من بيع إيصالات الإيداع الأميركية كانت قد بدأت سنة 1999. ومذاك، اختارت أكثر من 400 شركة صينية البورصات الأميركية، جامعة أكثر من 100 مليار دولار.