إسرائيل تقترض 6 مليارات دولار بفوائد مرتفعة لتمويل العدوان على غزة

18 نوفمبر 2023
تدفع إسرائيل فائدة بنسبة 6.25% و6.5% على السندات (أسوشييتدبرس)
+ الخط -

اقترضت إسرائيل مليارات الدولارات في الأسابيع الأخيرة من خلال صفقات جرى التفاوض عليها بشكل خاص للمساعدة في تمويل عدوانها على غزة، لكنها اضطرت إلى دفع فوائد مرتفعة بشكل غير عادي لإنجاز الصفقات. 

ومنذ إطلاق المقاومة الفلسطينية عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، جمعت إسرائيل أكثر من 6 مليارات دولار من مستثمري الديون الدوليين. 

وشمل ذلك وفقاً لصحيفة "فاينانشيال تايمز" اليوم السبت، 5.1 مليارات دولار عبر 3 إصدارات سندات جديدة و6 زيادات للسندات الحالية المقومة بالدولار واليورو، وأكثر من مليار دولار من جمع الأموال من خلال كيان أميركي إسرائيلي هو "سندات إسرائيل". 

وقال المستثمرون إن السندات الأخيرة أُصدِرَت في ما يسمى الاكتتابات الخاصة، وهي عملية لا تُعرَض من خلالها الأوراق المالية في السوق العامة، بل تُباع بدلاً من ذلك لمستثمرين مختارين.

ولم يُكشَف عن الأسعار النهائية للصفقات، لكن مصرفيين قالوا إنهم حددوا الأسعار بما يتماشى مع ما يتوقعونه من صفقة عامة. 

ومن بين السندات الدولارية الصادرة في نوفمبر/تشرين الثاني، تدفع إسرائيل فائدة بنسبة 6.25% و6.5% على السندات المستحقة خلال 4 و8 سنوات. 

وهذا أعلى بكثير من عوائد سندات الخزانة الأميركية القياسية، التي راوحت بين 4.5 و4.7% عند إصدار السندات. 

وجرى ترتيب الصفقات من قبل بنكي "غولدمان ساكس" و"بنك أوف أميركا" على التوالي.

في المقابل، أصدرت إسرائيل سندات دولارية في يناير/كانون الثاني 2033 بعائدات بلغت 4.5%، وهو هامش أصغر بكثير -أو فجوة- فوق عوائد سندات الخزانة، التي كانت 3.6% في ذلك الوقت. 

يُنظر إلى إصدارات السندات الإسرائيلية للمساعدة في تمويل الحرب على أنها مثيرة للجدل في بعض أجزاء سوق الديون. وفي حين أن بعض المستثمرين، على سبيل المثال في الولايات المتحدة، كانوا حرصاء على إقراض الاحتلال في أعقاب هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، ينظر آخرون إلى جمع الأموال باعتباره لعنة، نظراً للتكلفة الإنسانية للعدوان الإسرائيلي على غزة.

وأشار المستثمرون والمحللون إلى أن الإصدار الكبير حصل من خلال الاكتتابات الخاصة، وليس من خلال القروض المشتركة المفتوحة والحملات الترويجية، التي تُنفَّذ عادة عند إطلاق سندات جديدة.

وقالوا إن السبب في ذلك قد يكون جمع الأموال للمجهود الحربي بسرعة أو دون جذب اهتمام غير مرغوب فيه، ويمكن أن يكون علامة على مدى القلق الذي أصبح عليه بعض المستثمرين بشأن شراء ديون إسرائيل. 

وقال محافظ ديون الأسواق الناشئة في مجموعة "Ninety One" ثيس لو: "الحقيقة أنه بالنسبة إلى كثير من المستثمرين، تحمل إسرائيل في الوقت الحالي الكثير من المخاطر البيئية والاجتماعية والحوكمة، خصوصاً بالنسبة إلى بعض المستثمرين في الأسواق الناشئة حيث تتجاوز إسرائيل المعيار". 

وينعكس الحذر بشأن ديون إسرائيل في الارتفاع الكبير في تكلفة التأمين ضد التخلف عن سداد سنداتها. وقد اتسع الفارق في مقايضات العجز الائتماني لمدة خمس سنوات من أقل من 60 نقطة أساس في أوائل أكتوبر إلى حوالى 125 نقطة أساس أمس الجمعة.

ويقارن ذلك بفارق يبلغ حوالى 55 نقطة أساس لمقايضات العجز الائتماني لمدة خمس سنوات في السعودية، التي تتمتع بتصنيف ائتماني أقل من "ستاندرد آند بورز". 

وقال خبير استراتيجي في أحد أكبر البنوك الاستثمارية في العالم، طلب عدم ذكر اسمه نظراً لحساسية الموضوع: "لا تزال السوق تضع علاوة مرتفعة للغاية على ديون إسرائيل الدولية، بالنظر إلى أن الحرب مستمرة". 

وأضاف أنه "على وجه الخصوص، تشعر السوق بالقلق بشأن كيفية تأثير الحرب في نمو إسرائيل ومستويات الدين العام، والتصنيفات السيادية اللاحقة".

ونادراً ما واجهت إسرائيل صعوبات في العثور على مشترين لديونها في الماضي، وذلك بسبب مواردها المالية العامة القوية والاهتمام من جانب المستثمرين المتخصصين في الأسواق الناشئة والمتقدمة. لكن آفاقها الاقتصادية تتدهور. 

وقال بنك "جيه بي مورغان" هذا الأسبوع إنه يتوقع أن تسجل إسرائيل عجزاً في الميزانية بنسبة 4.5% العام المقبل، ارتفاعاً من توقعات سابقة بلغت 2.9%. 

وقال البنك إن ذلك قد يرفع نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 63% بحلول نهاية العام المقبل مقارنة بـ 57.4% قبل الحرب.

وقد خفض بنك إسرائيل المركزي بالفعل توقعاته للنمو الاقتصادي هذا العام من 3% إلى 2.3%، ولا تزال تكلفة الحرب غير مؤكدة إلى حد كبير. 

وهذه ليست المرة الأولى التي تطرح فيها إسرائيل سندات بشكل خاص، كما فعلت خلال جائحة كوفيد-19، لجمع الأموال بشكل عاجل.

ويشير المستثمرون إلى أن ديون إسرائيل، التي لديها تصنيف ائتماني مزدوج (A-) من وكالة "ستاندرد آند بورز"، يجري تداولها بخصم كبير مقارنة بالدول ذات التصنيف الائتماني المماثل مثل كوريا الجنوبية، التي لديها سندات دولارية تستحق خلال خمس سنوات بعائد حالي يبلغ 4.8%.

وقال المدير الرئيسي لإستراتيجيات ديون الأسواق الناشئة في مجموعة "GAM" بول ماكنمارا، إن "سندات إسرائيل تبدو رخيصة للغاية". 

وأصدرت البرازيل، التي لديها تصنيف ائتماني B ناقص من وكالة "ستاندرد آند بورز"، أي أقل بست درجات من إسرائيل، سندات دولارية لأجل 7 سنوات هذا الأسبوع، بعائد يبلغ 6.5%.

ولجأت إسرائيل أيضًا إلى الأفراد والبلديات لجمع الديون، حيث باعت شركة "سندات إسرائيل"، المسجلة في الولايات المتحدة ولكنها تابعة لوزارة المالية الإسرائيلية، أكثر من مليار دولار من السندات منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر)، أي ما يقرب من ضعف المبلغ الذي جمعته لهذا العام. 

وقال داني نافيه، الرئيس التنفيذي لسندات إسرائيل، لصحيفة "فايننشيال تايمز" إن معظم الاستثمارات جاءت من الولايات المتحدة وأوروبا، وهي مقسمة بالتساوي تقريباً بين مستثمري القطاع الخاص والمؤسسات، التي تمثلها الحكومات المحلية بشكل رئيسي. 

وتقدم "سندات إسرائيل" في الوقت الحاضر مدة 5 سنوات بمعدل فائدة 5.44% ومدة 10 سنوات بمعدل فائدة 5.6%.

واستثمرت أكثر من 15 ولاية أميركية في "سندات إسرائيل" منذ اندلاع الحرب، بما في ذلك فلوريدا ونيويورك وتكساس وألاباما وأريزونا وأوهايو. 

وقال نافيه: "لم نواجه قط مثل هذا الدعم الضخم، من حيث أعداد أو نطاق الاستثمارات، من قبل هذا العدد الكبير من الناس". 

وأضاف أن ذلك "يسمح لوزارة المالية في إسرائيل بجمع مليارات الدولارات من الديون الإضافية للوفاء بجميع مهامها الخاصة بعد الحرب".

المساهمون