إسرائيل تثبت سعر الفائدة لحماية الشيكل مع ارتفاع نفقات الحرب

08 ابريل 2024
المقر الرئيسي لبنك إسرائيل في القدس، 23 أغسطس 2022 (أحمد غرابلي/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- بنك إسرائيل المركزي يحافظ على سعر الفائدة الرئيسي عند 4.5% رغم التوقعات المتباينة، في ظل الظروف الجيوسياسية المتقلبة والعدوان على غزة، مما يعكس تقييم البنك للتضخم والتأثيرات الاقتصادية للنزاع.
- الشيكل الإسرائيلي يشهد ارتفاعاً بنسبة 2.4% مقابل الدولار بعد القرار، متأثراً بالنهج الحذر للبنك المركزي الذي يركز على مراقبة التضخم والتطورات الجيوسياسية.
- البنك المركزي يظل متحفظاً بشأن مستقبل السياسة النقدية، موازناً بين دعم الاقتصاد ومواجهة التضخم المتزايد، مع الأخذ في الاعتبار التأثيرات المالية للعدوان على غزة والتوترات الإقليمية.

بعد انقسام ساد أوساط المحللين بين من يتوقع خفضاً لتعزيز الاقتصاد الذي دمرته الحرب، ومن يرى أن السلطات النقدية تبقي سعر الفائدة ثابتا لحماية الشيكل المتدهور، امتنع بنك إسرائيل المركزي عن خفض سعر الفائدة اليوم الاثنين، مع تركيزه على زيادة توقعات التضخم في الوقت الذي يهز العدوان المستمر على غزة اقتصاد الاحتلال الآخذ إنفاقه الدفاعي بالتفاقم.

ووفقاً لتقرير أوردته وكالة بلومبيرغ الأميركية، أبقت لجنة السياسة النقدية في بنك إسرائيل على سعر الفائدة الرئيسي عند 4.5% للاجتماع الثاني على التوالي، فيما توقعت أغلبية ضئيلة فقط من المحللين هذه الخطوة، بينما توقع الآخرون خفضاً قدره 25 نقطة أساس.

وواصل الشيكل مكاسبه بعد القرار، فارتفع 2.4% إلى 3.68 شواكل للدولار عند الساعة 4:20 عصراً في تل أبيب، متجهاً نحو أفضل أداء يومي له هذا العام. وقد عكس جميع الخسائر التي تكبدها الأسبوع الماضي عندما أثار تهديد إيران بالانتقام من إسرائيل بسبب الهجوم على قنصليتها في سورية قلق الأسواق.

وقال محافظ بنك إسرائيل أمير يارون في بيان: "في ضوء التطورات الأخيرة، التي تشير إلى زيادة كبيرة في حالة عدم اليقين الجيوسياسي، قررت اللجنة النقدية اتخاذ الحيطة والحذر وأبقت سعر الفائدة دون تغيير". وذلك بعدما كانت الأصول الإسرائيلية قد ارتفعت بالفعل اليوم، بما يرجع جزئياً إلى التفاؤل بشأن اتفاق وقف إطلاق النار المحتمل مع حماس والذي قد يتضمن إطلاق سراح الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين.

ورغم انخفاض التضخم داخل دولة الاحتلال إلى 2.5% على أساس سنوي، ضمن نطاقه المستهدف الذي يتراوح بين 1% إلى 3%، فقد درس البنك المركزي مدى عدم اليقين بشأن موعد انتهاء العدوان في غزة، وكيف ستنتهي التوترات مع إيران وحزب الله.

وسبق القرار أن قالت أغلبية ضئيلة (تسعة من أصل 17) من اقتصاديين شملهم استطلاع نشرته شبكة بلومبيرغ الأميركية اليوم، إن البنك المركزي سيبقي سعر الفائدة الأساسي عند 4.5% للاجتماع الثاني على التوالي للجنة السياسة النقدية.

ومن بين هذه الشركات سيتي غروب وجي بي مورغان تشيس وشركاه. بينما تعتقد البنوك الثمانية الأخرى، بما في ذلك مجموعة غولدمان ساكس، قيام لجنة السياسة النقدية بتخفيض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 4.25%.

وتحوّل الإجماع نحو ثبات سعر الفائدة على الشيكل الأسبوع الماضي بعد أن تعهدت إيران بالانتقام من إسرائيل بسبب هجومها الجوي على قنصلية طهران في دمشق، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 13 شخصاً بينهم جنرالان كبيران، فيما وضعت إسرائيل قواتها في حالة تأهب قصوى، لتنخفض الأسهم الإسرائيلية ويعاني الشيكل من ثاني أسوأ أسبوع له هذا العام.

ضغوط كبيرة على العملة الإسرائيلية

ورغم الضغوط، ارتفع الشيكل 1.1% إلى 3.72 شواكل مقابل الدولار عند من الساعة 9:40 صباحاً في تل أبيب اليوم الاثنين، بما يرجع جزئياً إلى أن إيران لم تنتقم خلال عطلة نهاية الأسبوع.

وساهمت التوترات المتزايدة في تفاقم توقعات التضخم في إسرائيل في الأيام الأخيرة، مقاسة بمعدلات التعادل. وارتفعت نسبة التعادل لمدة عامين إلى 3.17%، أي أعلى من النطاق المستهدف للبنك المركزي والذي يتراوح بين 1% إلى 3%.

وفي هذا الصدد، قال كبير الاقتصاديين في بيت الاستثمار "أي بي أي" IBI العبري، مقره تل أبيب، رافائيل غوزلان، إن "الزيادة في علاوة المخاطر لجميع الأصول الإسرائيلية، إلى جانب ارتفاع توقعات التضخم، ستضع على الأرجح بنك إسرائيل في موقف حذر سيؤدي إلى تأجيل تخفيضات أسعار الفائدة".

وخفض البنك المركزي أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ ذروة جائحة كورونا في يناير/كانون الثاني، لكنه في أواخر فبراير/شباط تركها من دون تغيير بسبب القلق من أن التضخم قد يتسارع مع استمرار العدوان على غزة وزيادة الحكومة الإنفاق على الدفاع وتمويل العدوان على غزة.

وفي الوقت الراهن، لا يزال التضخم منخفضاً، حيث تراجع المعدل على أساس سنوي إلى 2.5% الشهر الماضي من 4.1% في أغسطس/آب 2023.

وقال كبير الاقتصاديين في بنك ليئومي، أكبر بنك إسرائيلي من حيث تقييم السوق، جيل بوفمان: "قلصت الأسواق احتمال الخفض إلى 30%، لكننا نعتقد أن الفرص أعلى لأن التضخم ترسخ ضمن نطاقه المستهدف. وقد يسمح هذا للبنك بالحفاظ على سعر الفائدة الحقيقي عند أكثر من 1% حتى مع خفض طفيف"، في إشارة إلى المعدلات المعدلة حسب التضخم.

وأحد المخاوف بالنسبة للأسواق هو التأثير المالي للعدوان على غزة. إذ تتوقع موازنة العام 2024 عجزاً نسبته 6.6% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو العجز الذي سيكون من بين الأكبر بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي في هذا القرن. وقد يتبيّن أن الأمر سيكون أوسع نطاقاً إذا طال أمد العدوان على غزة أو تفاقمت التوترات مع إيران وحزب الله.

التضخم الحالي في إسرائيل قد يكون مضللاً

وقد أعرب محافظ بنك إسرائيل أمير يارون مراراً وتكراراً عن قلقه بشأن السياسة المالية وأنها ستكون عاملاً مهماً في تحديد السياسة النقدية.

وقال كبير الاقتصاديين في بنك هبوعليم، ثاني أكبر بنك إسرائيلي، فيكتور بهار، إن معدل التضخم الحالي في إسرائيل "قد يكون مضللاً، ولا يشير بالضرورة إلى ما يخبئه المستقبل".

ومن المقرر أن يصدر البنك المركزي توقعات جديدة للاقتصاد الكلي بعد قرار سعر الفائدة. حيث يقول الخبير الاستراتيجي في شركة ليدر كابيتال ماركت، جوناثان كاتز، إن البنك ربما "يشدد على قلقه بشأن سياسة مالية أكثر توسعية". وهو يتوقع أن ترتفع توقعات البنك المركزي للتضخم لهذا العام نحو 3%، صعوداً من 2.4% في يناير/كانون الثاني. كما يرى أن توقعات أسعار الفائدة ترتفع إلى هامش 4%-4.25% من 3.75%-4%.

وسيحتاج البنك المركزي إلى الموازنة بين توقعات التضخم المتزايدة والانتعاش الاقتصادي غير المتكافئ منذ الأسابيع القليلة الأولى من العدوان، فيما لا تزال العديد من القطاعات، بما في ذلك البناء والسياحة، تعاني حتى مع انتعاش الإنفاق على بطاقات الائتمان.

وفي هذا الإطار، قال كبير الاقتصاديين في شركة "ميتاف دي إس إنفستمنتس" Meitav DS Investments أليكس زابيزينسكي إن "الاقتصاد بعيد عن العودة إلى إمكانات النمو الكاملة، وإبقاء أسعار الفائدة عند مستوى مرتفع قد يقلل من تقلبات السوق على المدى القصير، لكنه يزيد من المخاطر على الاقتصاد واستقرار السوق في المستقبل".

المساهمون