أوروبا تبحث خفض "السقف السعري" للنفط الروسي وسط معارضة أميركية قوية

20 مارس 2023
عجز كبير للميزانية الروسية في يناير (Getty)
+ الخط -

تناقش دول المجموعة الأوروبية يوم الجمعة المقبل، مقترحاً لتشديد العقوبات الغربية على النفط الروسي تخطط بموجبها لخفض السقف السعري من مستواه الحالي البالغ 60 دولاراً لسعر البرميل المسموح به في الأسواق العالمية كحد أقصى إلى 51.45 دولاراً.

لكنّ خبراء يرون أنّ المقترح يواجه اعتراضات داخل دول المجموعة الأوروبية، وكذلك داخل مجموعة السبع، وبالتالي قد لا يحظى بالقبول ليصبح قانوناً ساري المفعول، واقترحت خطة خفض السقف السعري بعض دول المجموعة الأوروبية، وهي كل من إستونيا وليتوانيا وبولندا، حسب ما ذكرت مفوضية المجموعة الأوروبية في بروكسل.

ويأتي المقترح من هذه الدول القريبة من روسيا لتخوفها من أن تطاولها الحرب، وربما تتعرض لمخاطر استراتيجية من التوسع الروسي في حال نجحت موسكو في حربها الحالية وضمت أجزاء من أوكرانيا إلى أراضيها، بخاصة أنّ هذه الدول كانت في السابق جزءاً من الاتحاد السوفييتي قبل انهياره وتفككه عام 1991، أو من حلف وارسو.

في الصدد ذاته، يرى محللون أن عقوبات السقف السعري لم تؤد غرضها في تجفيف دخل النفط الروسي ومشتقاته بالخزينة الروسية، وبالتالي تحقيق هدف إجبار موسكو على وقف الغزو الروسي لأوكرانيا والخضوع للضغوط الغربية.

لكنّ ما حدث حتى الآن أنّ الحرب تتواصل في أوكرانيا. وصممت عقوبات "السقف السعري" على أن تقلل دخل موسكو من مبيعات النفط ومشتقاته من دون أن تقود إلى أزمة نقص في الإمدادات النفطية بالعالم.

وقالت مصادر لصحيفة وول ستريت جورنال، أمس الأحد، إنّ مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى ترغب في الإبقاء على سقف سعر الخام الروسي عند 60 دولاراً للبرميل، مما يحبط الآمال في بعض العواصم الأوروبية، ويستبعد تشديد العقوبات الغربية على روسيا هذا الشهر.

وكانت مجموعة السبع قد وافقت سابقاً على مراجعة عقوبات السقف السعري في مارس/آذار الجاري.

ومجموعة الدول السبع، هي منظمة تضم الاقتصادات السبعة الأكثر "تقدماً" في العالم، وتهيمن على التجارة العالمية والنظام المالي الدولي. وتضم المجموعة كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

ويرى محللون أنّ الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية غير متحمسة لخفض "السقف السعري"، لأنّه قد يؤثر على مستوى إمدادات النفط ومشتقاته إلى الأسواق الغربية خلال الصيف المقبل الذي يرتفع فيه الطلب على النفط ومشتقاته، بسبب زيادة حركة السفر الداخلي وحركة الطيران.

وبالتالي ربما تتعرض هذه الدول لأزمة جديدة ترفع أسعار الغازولين والبنزين، وتعرقل خطة خفض معدل التضخم في الدول الرأسمالية.

وتقدر شركة رايستاد النرويجية لأبحاث الطاقة كلفة إنتاج برميل النفط الروسي بين 20 و50 دولاراً وفقاً لموقع آبار النفط، إذ ترتفع كلفة إنتاج النفط الروسي. وبالتالي، فإنّ "السقف السعري" لا يزال يتيح للشركات الروسية تصدير النفط وتحقيق أرباح.

وفي الصدد ذاته، حذر مسؤولو المفوضية الأوروبية الدول الأعضاء في الكتلة التي اقترحت خفض السعر النفطي، من موقف مجموعة الدول السبع، قائلين إنّ الرئيس الأميركي جو بايدن أبلغ رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، الأسبوع الماضي، بأنه لا توجد رغبة في واشنطن لتعديل العقوبات المفروضة على النفط.

ومما يرفع من احتمالات إبقاء "سقف السعر" الحالي على حاله دون تغيير أنّ وزارة المالية الروسية قالت في وقت سابق إن دخل النفط تراجع بمعدلات كبيرة في شهري يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط الماضيين.

وحسب ما ذكرت نشرة ماركت بليس الأميركية فقد انخفض عائد الدخل الضريبي بنسبة 50% خلال الشهرين الأولين من العام الجاري، مقارنة بما كان عليه في العام الماضي 2022.

من جانبها، قالت وكالة الطاقة الدولية، يوم الأربعاء، إن دخل الصادرات الروسية من النفط تراجع بنحو 2.7 مليار دولار إلى 11.6 مليار دولار في شهر فبراير/ شباط الماضي عن مستويات شهر يناير/ كانون الثاني.

وقال دبلوماسيون من بولندا ودول البلطيق يوم الأربعاء، إنه من غير المؤكد كيف سيواصلون العمل في ضوء معارضة مجموعة السبع خفض الحد الأقصى. وقالوا إن هذه القضية ستناقش مرة أخرى من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة.

ونفى متحدث باسم المفوضية الأوروبية أن يكون قد قيل أي شيء في اجتماع الاتحاد الأوروبي يوم الأربعاء بشأن موقف بايدن من المقترح.

ويتطلب تمرير مقترح خفض "السقف السعري" موافقة جميع الدول الغربية الكبرى. ويرى مسؤولون أميركيون أن "السقف السعري" أضعف فعلاً الدخل الروسي الذي يغذي الحرب في أوكرانيا.

كما أن إدارة الرئيس جو بايدن قالت إنها ستستخدم الاحتياط النفطي في الصيف المقبل لسد أي نقص يطرأ في السوق.

 

ولكن رغم ذلك حذر بعض الخبراء من أن روسيا ستضعف حتماً فعالية سقف الأسعار بمرور الوقت، إذ تبني موسكو سلسلة إمداد شاملة لبيع نفطها باستخدام ناقلات وخدمات غير غربية، وهذا هو الوقت المناسب الآن للضغط على دخلها من الطاقة.

في هذا الصدد، قال الباحث بمركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا الأميركية، إيدي فيشمان: "تعتمد آلية الحد الأقصى للسعر الحالية على استخدام روسيا خدمات مجموعة السبع، لذا فإنّ النفوذ الذي تمتلكه الولايات المتحدة ومجموعة الدول السبع لن يستمر إلى الأبد".

وتعتمد روسيا في مبيعات نفطها على السوق الآسيوية، بخاصة الصين والهند، وهما أكبر سوقين للواردات النفطية في العالم، بعد أن خسرت الشركات الروسية الأسواق الأوروبية.

وتطالب الشركات الآسيوية بخفض كبير في سعر البرميل الروسي وصل إلى 38 دولاراً على برميل خام الأورال في بعض اللحظات، كما ذكرت بعض المصادر الغربية.

المساهمون