أنباء عن خلوّ البلوك 9 من الغاز واتهامات بتعرّض لبنان للضغط

13 أكتوبر 2023
"هاليبرتون" المتعهّدة لدى "توتال" أوقفت الحفر على عمق 3900 متر (فرانس برس)
+ الخط -

تتناقل وسائل إعلام لبنانية منذ يوم أمس الخميس، أخباراً مفادها توقّف شركة "توتال إنرجيز" الفرنسية عن عملية الحفر في البلوك رقم 9 على عمق 3900 متر بعدما تبيّن لها عدم وجود كميات تجارية في مكمن "قانا"، في مشهدٍ يذكّر بإغلاق البلوك رقم 4 قبل أعوامٍ لخلوّه من الغاز.

وحتى كتابة هذا التقرير، لم تصدر وزارة الطاقة والمياه اللبنانية أي توضيح رسمي بشأن هذه المعلومات، وكذلك الشركة الفرنسية المعنية، فيما أشارت مواقف مقرّبة من حزب الله وحلفه السياسي إلى وجود مؤامرة على لبنان خصوصاً أميركية من جراء المواجهات الحاصلة بين "حزب الله" والعدو الإسرائيلي على الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة ربطاً بعملية "طوفان الأقصى".

وقال مصدرٌ في وزارة الطاقة والمياه لـ"العربي الجديد"، إن "عمليات الحفر أنجزت ولكن لم تصدر النتائج النهائية بعد حول ما إذا كان المكمن تجاري ويحتوي على كميات من الغاز أم لا، والمسألة تتطلب أياماً عدّة بعد".

وكان وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض كشف قبل نحو أسبوعين أنه خلال 30 يوماً قد نصل إلى اكتشاف بترولي في الرقعة 9 بالمياه الإقليمية اللبنانية، وعبّرت مواقف المسؤولين اللبنانيين عن تفاؤل كبير بأن تحوي البئر كميات تجارية من الغاز.

وفي معرض تعليقه على الموضوع، قال عضو كتلة "التنمية والتحرير" (برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري) النائب قاسم هاشم، في منشور عبر منصّة "إكس"، إن "ما أثير حول البلوك 9 يبدو في إطار الضغط على لبنان والتهويل النفسي خاصة وأن الشركة أميركية (أي هاليبرتون المتعهدة لدى توتال)، وقبل الوصول للعمق المتفق عليه كانت الإشارة السلبية"، مشيراً، إلى أن "المطلوب حفر بئر استكشاف أخرى بالبلوك ذاته وأكثر من ذلك ما دام الإسرائيلي وصل للغاز في البلوك المحاذي فإن منطق الأمور يفترض أن يحتوي البلوك 9 على غاز".

وتوقف خبراء في الاقتصاد والطاقة أمام هذه الأنباء، مستغربين توقيت بثها، وما إذا كانت متصلة بالتطورات على الساحة الفلسطينية وضمنها أيضاً اللبنانية.

وقد تساءل بعض الخبراء عمّا إذا كان هناك ضغطٌ ولا سيما أميركي على لبنان من بوابة هذا الملف ربطاً بمشاركة حزب الله بالأحداث، وفتحه جبهة الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة باشتباكات لا تزال حتى اللحظة متقطعة ومتفرقة بينه والعدو الإسرائيلي ولكن احتمالات توسّعها تبقى قائمة تبعاً لتصريحات مسؤولي الحزب بأنّ كل السيناريوهات متاحة والجبهات قد تفتح جميعها حسب التطورات الميدانية الفلسطينية.

وتلقى لبنان رسائل دبلوماسية خارجية وخصوصاً أميركية وفرنسية بحسب معلومات "العربي الجديد" تنبّه من خطورة المشاركة في الصراع الدائر، وضرورة تحييد لبنان ونأيه عمّا يحصل من أحداثٍ، وبالتالي ردع حزب الله عن القيام بعمليات قد تفتح جبهة لبنان وتوسّع رقعة الاشتباك وتأخذ البلاد إلى حرب لن تكون تداعياتها سهلة.

وقال الخبير الاقتصادي زياد ناصرالدين في منشور عبر منصّة "إكس"، إن "لبنان يتعرّض في البلوك 9 لخديعة كبيرة إذ قامت شركة هاليبرتون الأميركية، المتعهّدة لدى توتال، بوقف الحفر على عمق 3900 متر خلافاً للاتفاق الذي يقضي بأن يكون الحفر على عمق 4400 متر، والحجج التي يتذرّع بها لا تقنع أحداً".

وأشار ناصرالدين إلى أن "استخدام الغاز اللبناني كوسيلة ضغط لإنقاذ العدو الإسرائيلي ممنوعٌ، وتوتال معنية بالتوضيح وعدم المشاركة في المؤامرة، خاصة وأن المنطقة على حافة حرب ولبنان غير معنيّ بتوقّف العمل في حقل كاريش"، مضيفاً: "الخديعة واضحة ومش مسموح تقطع".

من جانبها، قالت لوري هايتيان، مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في منشور عبر "إكس"، "بانتظار التصريح الرسمي من شركة توتال إنرجيز ووزارة الطاقة، يبقى السؤالان في حال لم يكن هناك غاز في البلوك رقم 9، ما مستقبل قطاع النفط والغاز في لبنان؟ وهل النتيجة السلبية قد تؤدي إلى الاستسهال بإعلان حرب والتصعيد الكامل"؟".

وفي 20 سبتمبر/أيلول الماضي، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، نجيب ميقاتي، في كلمته بالدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، في نيويورك: "اسمحوا لي أن أسجّل ارتياح لبنان لبدء عملية التنقيب عن النفط والغاز في مياهه الإقليمية، ورغبته في لعب دورٍ بنّاءٍ مستقبلاً في مجالات الطاقة في حوض المتوسط".

وفي منتصف أغسطس/آب الماضي، أعلن وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني علي حمية وصول باخرة التنقيب عن النفط والغاز في البلوك رقم 9، جنوب لبنان.

وقالت شركة "توتال إنرجيز" الفرنسية، إن "البئر الاستكشافية ستسمح لنا بتقييم الموارد الهيدروكربونية، وإمكانات الإنتاج في هذه المنطقة"، مبدية تفاؤلها من وجود ثروات في حقل قانا في البلوك رقم 9. 

وتعدّ الشركة الفرنسية هي المشغّل للرقعة رقم 9 في المياه اللبنانية مع حصّة 35%، إلى جانب شريكيها "إيني" الإيطالية، 35%، وقطر للطاقة 30%.

وكانت الحكومة اللبنانية وقّعت عام 2018 عقوداً مع تحالف شركة "توتال" و"إيني" الإيطالية، و"نوفاتيك" الروسية، للتنقيب عن النفط في الرقعتين 4 و9، وذلك قبل أن تنسحب الأخيرة بفعل عقوبات أميركية وأوروبية على قطاع الطاقة الروسي، وتنضم إلى الكونسورتيوم، "قطر للطاقة" في 29 يناير/كانون الثاني عام 2023.

وتبيّن نتيجة أعمال حفر الآباء الاستكشافية أن الرقعة 4 جافّة، وتوقفت الأعمال فيها، في حين أرجئت الأعمال في الرقعة رقم 9 نتيجة النزاع اللبناني الإسرائيلي، قبل أن يبدأ مسار الحفر من جديد بعد توقيع لبنان وإسرائيل بوساطة أميركية في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2022 اتفاق ترسيم الحدود البحرية.

المساهمون