أمن مصر القومي (1)

04 سبتمبر 2014
الاضطرابات الليبية تلحق اضراراً بالغة بالاقتصاد المصري
+ الخط -

يتصور كثيرون أن أمن مصر القومي يقف عند حدود البلاد الخارجية، ويتوسع بعضهم في الحديث عن مقومات هذا الأمن بإضافة ملفات أخرى، منها القضية الفلسطينية ومقاومة الإرهاب الذي يقوده تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، ومن على شاكلته، والحفاظ كذلك على أمن مصر المائي في القارة الأفريقية، والدفاع عن الأمن القومي العربي، وفي مقدمته أمن الخليج.

ومنذ سنوات، مثّلت مواجهة المد الشيعي في المنطقة العربية أحد أبرز أركان الأمن القومي المصري، ومن هنا ساندت مصر العراق في حربها الطويلة مع إيران، ودخلت في خلافات مع حزب الله اللبناني، حتى أثناء حربه مع الكيان الصهيوني في صيف عام 2008.

ولكن في رأيي، فإن هذا المفهوم لأمن مصر القومي بات قاصراً، ويحتاج إلى إعادة نظر، في ظل التطورات السريعة التي تموج بها المنطقة، ولم يعد الأمن القومي مقتصراً على الملفات السياسية والحدودية والمخابراتية التقليدية، رغم أهميتها في حماية الدولة من المخاطر، بل إن ملفات اقتصادية مهمة على رأسها أمن الطاقة والغذاء والبطالة وتفاقم الدين والعمالة في الخارج، البالغ عددها 10 ملايين مصري، يجب أن تشكل أولويات الأمن القومي المصري المستقبلية.

كما أن قضايا من عينة استقرار ليبيا داخلياً باتت أحد أركان أمن مصر القومي، وهنا لا أتحدث عن ضبط الحدود بين مصر وليبيا لمنع تهريب السلاح والإرهاب، ولكنني أتحدث عن دعم مصر لاستقرار ليبيا الداخلي، وليس مساندة طرف على حساب آخر، فاستقرار ليبيا يمكن أن يحل معظم مشاكل مصر الاقتصادية التي تهدد أمنها القومي.

ففي حال استقرار الجارة الغربية، فإنها ستدعم استقرار أمن مصر القومي، عبر الحفاظ على نحو 1.5 مليون مصري يعملون على أراضيها، كما أن الأسواق الليبية يمكن أن تكون مصدراً مهماً للنقد الأجنبي لمصر، وزيادة التحويلات وإنقاذ الاحتياطي لدى البنك المركزي، الذي فقد نحو 50% من قيمته منذ قيام ثورة 25 يناير.

وليبيا التي ساندت مصر إبان حكم الدكتور محمد مرسي، عن طريق منحها وديعة بملياري دولار، وأبقت على الاستثمارات الليبية، رغم عدم تسليم القاهرة رموز نظام معمر القذافي، وهو مطلب محوري للثورة الليبية، يمكن أن تكرر هذا الدور، وأن تعوض ليبيا الاستثمارات الأجنبية التي هربت عقب ثورة 25 يناير.

المساهمون