أماني الخياط وخلط الاقتصاد بالدين والسياسة

26 ديسمبر 2016
المذيعة تراهن على أن ذاكرة المصريين ضعيفة(تويتر)
+ الخط -


عندما تهدد المذيعة أماني الخياط المصريين، حتى من مجرد الاعتراض على أوضاعهم المعيشية والاقتصادية، وتحذرهم من مجرد الشكوى من ارتفاع الأسعار لأنها "اختبار من الله"، فإنها بذلك تخلط الاقتصاد بالدين، وكذا تخلط الاقتصاد بالسياسة.

وعندما تزعم أن ما يحدث من قفزات مستمرة في أسعار السلع هو "اختبار من ربنا لكي نرجع لإيماننا ونثبت أننا مؤمنين" فإنها بذلك تتحول من مجرد إعلامية إلى واعظ ورجل دين يعتلي المنبر مخاطباً جمعاً من المصلين السذج، أو أنها تحولت وبشكل مفاجئ لأستاذ جامعة يتحدث لطلابه عن أحدث نظريات التضخم المالي والاقتصاد الإسلامي، أو مصرفي يسرد على عملاء البنوك أحدث منتجات الصيرفة الإسلامية بهدف تسويقها لهم واقناعهم بها. 

وعندما تهاجم المذيعة، المصريين لمجرد أنهم يطمحون لمجرد تناول ثلاث وجبات في اليوم، فهذا يعني أنها لم تعرف الجوع في يوم ما، وأنه لا يربطها برجل الشارع سوى نص مكتوب أو "الاسكريبت" الذي يضعه المعد التلفزيزني أمامها لتقرأه على المشاهدين.

وعندما تبرر ارتفاع الأسعار والأزمات المعيشية المتلاحقة التي يمر بها المصريون، وتربط ذلك بالمشيئة الإلهية: "ده اختبار من ربنا علشان ما حدش ينفع يعترض" فإنها بذلك تؤكد أنها لا تعيش في مصر، أو على الأقل لا تتسوق من المحال التجارية المجاورة لمسكنها لأنها لا تشعر بالأسعار التي تطحن غالبية المصريين.

المذيعة ألقت أمس من خلال برنامجها التلفزيوني عظة دينية اقتصادية سياسية تحاول من خلالها إثبات أن السلطة الحاكمة ليست مسؤولة عن ارتفاعات الأسعار المتلاحقة، وأن ما يحدث للفقراء هو ابتلاء من الله، وأن عليهم أن يصبروا ويتحملوا لأن الجوع اختبار إلهي رباني لا علاقة للنظام والحكومة به.

المذيعة هنا تراهن على أن ذاكرة المصريين ضعيفة، وأنهم نسوا تحريضها لمدة عام على حكم د. محمد مرسي بدعوى أن جماعة الإخوان "تتاجر بالدين"، أو لأن الدولار ارتفع نصف قرش في البنوك وشركات الصرافة، وأن البنزين والسولار اختفيا من إحدى محطات الوقود النائية الموجودة بالقرب من الحدود المصرية السودانية.

أماني الخياط وغيرها من الإعلاميين يدركون تماما وأكثر من غيرهم أن هناك فشلاً ذريعاً في إدارة الملف الاقتصادي، وأننا ما وصلنا إلى الحال المتردي الذي وصلنا إليه لولا حالة القلق السياسي التي شهدتها البلاد طوال السنوات القليلة الماضية، وما تبعها من انهيارات متلاحقة في سعر الجنية مقابل الدولار وتراجع الإنتاج، والأهم تهاوي أنشطة مهمة مثل السياحة والصادرات والاستثمارات الأجنبية، إضافة لسوء استغلال موارد البلاد المحدودة وتوجيه السيولة القليلة المتاحة لمشروعات "قومية" كبرى لسنا في حاجة إليها مثل تفريعة قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة وغيرها.

أماني الخياط تدرك أيضاً أن محاولاتها وغيرها من الإعلاميين تخدير المصريين وتنويمهم لن تجدي، فعملية غسل العقول قد تجدي سياسياً بعض الوقت خاصة مع التكرار وتوحيد الخطاب الإعلامي، لكنها لن تجدي اقتصادياً، لأنه لا يمكن إقناع المواطن بأنه شبعان وهو في حالة جوع، أو أن الأسعار منخفضة وعندما يذهب المواطن للمحال التجارية والأسواق يجدها مرتفعة، أو أن الدولار يتراجع وهو يراه يحلّق على شاشات البنوك والصرافات.

أماني تدرك كل شيء لكنها تكابر.


المساهمون