أطماع ترامب في 2025... هذه هي عوائد أميركا من امتلاك كندا وغرينلاند وقناة بنما

03 يناير 2025
تربط قناة بنما بين المحيطين الهادئ والأطلسي (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أطلق ترامب تهديدات اقتصادية تجاه كندا وغرينلاند وبنما، بهدف تحقيق منافع اقتصادية للولايات المتحدة من خلال سياسات توسعية وابتزاز اقتصادي، متناقضة مع سياسة "أميركا أولاً".
- سعى ترامب لخفض رسوم العبور للسفن الأميركية في قناة بنما، التي تُعتبر من الأصول الحيوية للولايات المتحدة، رغم التوترات التاريخية وعدم إمكانية استعادة السيطرة عليها قانونيًا.
- أبدى ترامب اهتمامًا بشراء غرينلاند وضم كندا كولاية أميركية، لتحقيق مكاسب اقتصادية وتخفيف عبء الإنفاق الدفاعي في المناطق الاستراتيجية.

قبل أن يؤدي اليمين الدستورية لفترة ولايته الثانية يوم 20 يناير المقبل، هدد الرئيس المنتخب دونالد ترامب بحروب تجارية مع أقرب جيران الولايات المتحدة. تحدث عن الاستيلاء على جزيرة غرينلاند التابعة للدنمارك، وتبجح بإعادة قناة بنما إلى السيطرة الأميركية، واقترح جعل كندا الولاية الأميركية رقم 51، وسط توقعات اقتصادية أنه ينوي تشديد السياسات الحمائية.

تصريحات وتهديدات ترامب، بشأن توسيع أحلامه لكندا وغرينلاند وبنما، كانت ذات أبعاد اقتصادية أكثر منها سياسية، رغم طابعها التهديدي الاستعماري، وكان هدفها هو البحث عن منافع وأرباح اقتصادية لبلاده، وفق تقديرات صحافية أميركية.

ووفق هذه التقديرات، تستهدف خطة ترامب العامة الأوسع "أميركا أولا"، التربح اقتصاديا من وراء سياساته التوسعية، وتشير لعملية ابتزاز اقتصادي أكثر من كونها تهديدا سياسيا، لكل من بنما وكندا وغرينلاند. حيث تتناقض هذه التصريحات مع سياسات "أميركا أولاً" التي يتبناها ترامب منذ فترة طويلة، والتي تسعى إلى إعطاء الأولوية للسياسة المحلية بدلاً من التوسع أو الوجود الأميركي في الخارج، وفق شبكة "فوكس نيوز" 26 ديسمبر.

وذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" 20 ديسمبر، أنه ضمن هذه السياسات ذات الطابع الاقتصادي، رغم شكلها السياسي والعسكري، مطالبة ممثلي ترامب للدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، بزيادة الإنفاق الدفاعي من 2% حاليا إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة. إذ لا تنفق 23 دولة من أصل 32 من أعضاء الناتو حاليا سوى 2%، وأكثرهم بولندا (تنفق أكثر من 4%)، فيما تنفق الولايات المتحدة، 3.1% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، وتعتبر أنها تدفع بذلك أكثر من حلفائها لحمايتهم.

وستؤدي التخفيضات الضريبية التي اقترحها ترامب إلى تضخم العجز الفيدرالي الأميركي وتقليل شهية الكونغرس لزيادة الإنفاق الدفاعي بمقدار 300 مليار دولار أخرى سنويًا .أيضا ذكرت "فاينانشال تايمز" 21 ديسمبر، أن ترامب يخطط لانسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية في أول يوم له في منصبه، لتوفير ما يقرب من 16% من تمويل أميركا للمنظمة (أكبر مساهم). 

ماذا يريد من بنما؟

عكس ما أظهره ترامب، من تهديد سياسي لبنما، بادعاء أنها تقوم بفرض "أسعار باهظة ومعدلات مرور" على البحرية الأميركية والسفن التجارية، وبالتالي "لا تحترم شروط معاهدة عام 1977 بشأن الوضع القانوني للممر المائي، ما يعطي الولايات المتحدة الحق باستعادة القناة، وفق موقع "بوليتيكو" 22 ديسمبر، كشفت هيئة تحرير صحيفة "وول ستريت جورنال" 24 ديسمبر، أن هدف ترامب "اقتصادي" وليس سياسيا، فهو ابتزاز بنما كي تخفض للسفن الأميركية، دون غيرها، رسوم العبور.

قالت "إن ادعاء ترامب بأن بنما تستغل الأميركيين لا أساس له من الصحة، فكل سفينة، أميركية أو غيرها، تدفع نفس الرسوم وفقا للوزن والنوع، وسفن الحاويات، التي تحمل سلعا تامة الصنع، تدفع أكثر من سفن الشحن، ونحو 75% من السعر الإجمالي عبارة عن رسوم مرور و25% مقابل خدمات مثل القاطرات أو مرافقة القاطرات".

وتدير القناة وكالة حكومية بنمية مستقلة، وهي هيئة قناة بنما، وتدير شركة مقرها هونغ كونغ الميناءين على طرفي القناة، ولكن "لا يوجد أي كيان تجاري أو حكومي صيني يلعب أي دور مباشر في إدارة تدفق السفن عبر الممر المائي الحيوي". كما لم تقم الصين بأي إشارات علنية نحو شراء القناة أو زيادة وجودها في البلاد خلال الأشهر الأخيرة، وفق موقع "بوليتيكو".

ووصف ترامب قناة بنما بأنها تعتبر من "الأصول الوطنية الحيوية للولايات المتحدة، بسبب دورها الحاسم في الاقتصاد الأميركي، والأمن القومي"، وأشار إلى أن الولايات المتحدة هي المستخدم الأول للقناة، إذ تتجه أكثر من 70% من عمليات العبور من الموانئ الأميركية أو إليها، وتم بناؤها بتكلفة ضخمة على الولايات المتحدة.

وفي 1903 دعمت الولايات المتحدة استقلال بنما، بغرض توقيع اتفاقية تمنح الولايات المتحدة حقوق بناء قناة (بنما) عبر البرزخ، تربط بين المحيطين الهادئ والأطلسي، وإدارتها إلى أجل غير ‏مسمى، ودفعت الولايات المتحدة لبنما 10 ملايين دولار ثم 250 ألف دولار سنويا مقابل تلك الحقوق. في المقابل، تضمن الولايات المتحدة حياد القناة وتسيطر على الأراضي على جانبي الممر المائي من قبل الحكومة البنمية وكان القانون الأميركي ينطبق على سكان المنطقة.

ولكن بعد عقود من التوترات حول القناة، وقعت إدارة الرئيس الأسبق جيمي كارتر معاهدتين في عام 1977 مع حاكم بنما العسكري حينئذ "عمر توريخوس" لنقل السيطرة على ممر الشحن الحيوي إلى بنما. وبموجب شروط هاتين المعاهدتين، اكتسبت بنما السيطرة على القناة بحلول عام 1999 واحتفظت الولايات المتحدة بالحق في الدفاع عن القناة ضد أي تهديد لحيادها، لكن المحللين لا يعتقدون أن هذه الأحكام في المعاهدة ستسمح للولايات المتحدة باستعادة السيطرة على القناة بشكل قانوني أو تجاري.

وتربط القناة بين المحيطين الهادئ والأطلسي عبر بنما، ما يوفر للسفن ‏آلاف الأميال والسفر لأسابيع حول الطرف الجنوبي لأميركا الجنوبية، والرحلة التي تقطعها السفن المتجهة من لوس أنجليس إلى نيويورك عبر القناة أقصر بنحو ثمانية آلاف ميل (أو ما ‏يعادل 22 يوما) مقارنة بالسفر عبر مضيق ماجلان. 

فائدة غرينلاند اقتصادياً

تثير الموارد الطبيعية التي تزخر بها غرينلاند، التابعة للدنمارك، وتتمتع بحكم ذاتي منذ 1979، من نفط وغاز وذهب وألماس ويورانيوم وزنك ورصاص، مطامع الولايات ‏المتحدة، بجانب الصين وروسيا، كما أن أرضها تشكل مطمعا لشركات ترامب وأنصاره العقارية.

ويفتح الاحترار المناخي مسالك بحرية جديدة في المنطقة، يتوقع أن ترد أرباحا خيالية مستقبلا، ما يزيد من التنافس بين الدول الكبرى، بما فيها روسيا والصين، على موارد الجزيرة، ذات الأهمية الجغرافية أيضا. وحين تحدث ترامب عن أن امتلاك غرينلاند "ضرورة مطلقة" أعاد ذلك التذكير بما قاله عام 2019 خلال ولايته الرئاسية الأولى بشأن قيام ‏بلاده بشراء هذا الإقليم الغني بالمواد الطبيعية، وكيف يشكل "صفقة عقارية" كبيرة ذات أهمية استراتيجية.

لذا علق محللون أميركيون، على سعى ترامب بنشاط لشراء غرينلاند منذ عام 2019 وتجديد الفكرة عام 2024، بأن محور تفكيره هو "الربح العقاري"، الذي هو مجال عمله. ودللوا على ذلك بأن ترامب حين فكر في شراء غرينلاند لأول مرة عام 2019، طلب من كبار مساعديه النظر في عملية الاستحواذ على أكبر جزيرة في العالم، وما إذا كان شراؤها سيكون قانونيًا؟ ومن أين قد تأتي الأموال لشراء الكتلة الأرضية الجليدية الشاسعة؟

وعين ترامب حينها، صديقه، رجل الأعمال، رونالد لودر، وريث ثروة مستحضرات التجميل Estée Lauder، الذي طرح عليه الخطة في بداية ولايته الأولى، كي يبحث الفكرة وكيفية تنفيذها وعوائدها الاقتصادية، حسبما توضح صحيفة "واشنطن بوست" 24 ديسمبر. وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" ذكرت لأول مرة في أغسطس 2019 أن ترامب طلب مرارا من مساعديه متابعة موضوع شراء غرينلاند.

وكان الهدف من وراء ذلك "جزئيا" استغلال الموارد الطبيعية الوفيرة في تلك المنطقة الضخمة. وكان مستشارو ترامب متشككين للغاية من الفكرة، لكنهم وافقوا على دراسة الأمر، وفقا للصحيفة. وهناك جانب آخر، ذو طابع اقتصادي، لتصريحات ترامب حول شراء غرينلاند، هو "تخفيف عبء الإنفاق الدفاعي الأميركي في هذه المنطقة"، والتي تحاول روسيا فرض سيادتها على مناطق منها، تمتد حتى المياه الاقتصادية لغرينلاند، بحسب موقع "أكسيوس" الأميركي 25 ديسمبر.

وأكد الخبير العسكري ستين كييرغارد من الأكاديمية الدفاعية الدنماركية، لهيئة الإذاعة البريطانية 25 ديسمبر، أن تصريحات ترامب قد تكون بمثابة "ضغط على الحكومة الدنماركية لتعزيز قدراتها العسكرية في القطب الشمالي". وقال: "ترامب ذكي .. يدفع الدنمارك إلى إعطاء الأولوية للدفاعات العسكرية في المنطقة".

وأشار لهذا وزير الدفاع الدنماركي ترويلس لوند بولسن الذي أكد أن بلاده لم تستثمر بشكل كافٍ في القطب الشمالي لسنوات. وأعلن، خطة لزيادة الإنفاق الدفاعي في غرينلاند بما يصل إلى "عشرات المليارات" من الكرونة الدنماركية، أي ما لا يقل عن 1.5 مليار دولار، لـ "تعزيز الحضور الدنماركي في منطقة القطب الشمالي"، بعد تصريحات ترامب.

وتمتلك الولايات المتحدة قاعدة "بيتوفيك" الفضائية في غرينلاند، التي تضم رادار إنذار مبكر يُستخدم لاكتشاف الصواريخ الروسية، وتاريخيًا، شهدت الجزيرة مشاريع أميركية سرية خلال الحرب الباردة، من بينها "مدينة الجليد"، التي هدفت إلى إنشاء مفاعل نووي تحت الجليد. وسبق في عام 1946، أن عرض المسؤولون الأميركيون على الدنمارك 100 مليون دولار على شكل سبائك ذهبية مقابل شراء أكبر جزيرة في العالم (غرينلاند). وكان المسؤولون الأميركيون آنذاك يعتبرون غرينلاند ضرورة عسكرية. 

تخفيض ضرائب كندا

كانت حجة ترامب لضم كندا الضرائب، وهي أهداف ليست سياسية، حيث زعم أنه في حال أصبحت كندا "ولايتنا الرقم 51، فإن ضرائبها سوف تنخفض بأكثر من 60%"، و"سوف تتضاعف أعمال البزنس فيها على الفور".

كما استغل ترامب مشكلة المخدرات، والمهاجرين غير الشرعيين، التي يتم تهريبها عبر حدود كندا لأميركا، وتوعدها بفرض رسوم بنسبة 25% على السلع التي يتم تصديرها إلى بلاده، ما دفع كندا لإعلان أنها ستنفق 900 مليون دولار أميركي، على مدى ست سنوات لضبط الأمن على الحدود.

المساهمون