أضرار يتكبدها اقتصاد إسرائيل جراء الحرب على غزة: 8 أسئلة وأجوبة

31 ديسمبر 2023
التداعيات الاقتصادية للحرب ستكون أسوأ من عام الجائحة (أسوشييتد برس)
+ الخط -

قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، في تقرير لها اليوم الأحد، إن تصاعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ستكون له تكاليفه الضخمة على الاقتصاد الإسرائيلي والفلسطينيين، والمنطقة بأكملها.

وأضافت "واشنطن بوست" أنه رغم سوء الحديث عن التكاليف الاقتصادية للحرب، بينما لا تزال القنابل تتساقط على القطاع المحاصر، حيث يموت مئات الفلسطينيين يومياً، إلى جانب أعداد أصغر من جنود الاحتلال، لكنها تاريخية بالنسبة للإسرائيليين، فإن العوامل والتداعيات الاقتصادية ليست بعيدة عن أسباب الحرب ونتائجها.

وأشارت الصحيفة إلى التكلفة التي ستتكبدها غزة المدمرة بشكل واضح، جراء الهجوم الوحشي من جيش الاحتلال الذي يستهدف المدنيين والبنية التحتية، والتي لم يُشرع بعد في حسابها.

وتضرر أو دُمر حوالي نصف المباني وثلثي المنازل في القطاع، وجرى تهجير 1.8 مليون شخص، ومقتل أكثر من 21 ألف شخص، بحسب وزارة الصحة في غزة.

وتضرر الاقتصاد الإسرائيلي أيضاً، حيث يقارن بعض الاقتصاديين الصدمة التي تعرض لها بما جرى خلال جائحة فيروس كورونا في عام 2020، ويقول آخرون إن الأمر قد يكون أسوأ.

ومنذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، ارتفع الإنفاق الحكومي والاقتراض، وانخفضت عائدات الضرائب، وقد تتأثر التصنيفات الائتمانية لدولة الاحتلال. كما سينخفض الناتج المحلي الإجمالي من توقعات النمو بنسبة 3% في عام 2023 إلى 1% في عام 2024، وفقاً لبنك إسرائيل، بل يتوقع بعض الاقتصاديين الانكماش.

وأشارت الصحيفة ذاتها إلى أن التأثير على قطاع التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل الذي يعدّ بمثابة محرك الاقتصاد "مثير للقلق".

ويعمل العديد من جنود الاحتياط في جيش الدفاع الإسرائيلي في قطاع التكنولوجيا. ويكافح أصحاب العمل لمواصلة الاستثمار في البحث والتطوير والحفاظ على حصتهم في السوق.

وقالت "واشنطن بوست" إن صناع القرار وقادة الرأي يتساءلون: "كيف ستؤثر تكلفة الحرب في مدتها؟ متى ستقرر الحكومة وقف الحرب ووقف النزيف المالي واستئناف جهود تنمية الاقتصاد؟".

إليك بعض الأسئلة والإجابات التي أوردتها "واشنطن بوست": 

  • ما القطاعات الأكثر تضرراً من الحرب؟

تنفق إسرائيل أموالاً طائلة على نشر أكثر من 220 ألف جندي احتياطي في المعركة في المتوسط خلال الأشهر الثلاثة الماضية ودعم رواتبهم.

والعديد من هؤلاء الاحتياط هم عمال في مجال التكنولوجيا الفائقة في مجالات الإنترنت والزراعة والتمويل والملاحة والذكاء الاصطناعي والأدوية والحلول المناخية. 

ويعتمد قطاع التكنولوجيا في إسرائيل على الاستثمار الأجنبي. لكن ذلك كان يتضاءل حتى قبل الحرب، ويرجع ذلك جزئياً إلى القلق بشأن عدم الاستقرار الذي يعتقد المستثمرون أن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية قبل الحرب جلبته إلى إسرائيل.

ويأتي ذلك على الرغم من إعلان "إنتل" الأخير المضي قدماً في إنشاء مصنع للرقائق بقيمة 25 مليار دولار، في جنوب إسرائيل، وهو أكبر استثمار على الإطلاق لشركة في إسرائيل.

ويتعين على إسرائيل أن تدفع تكاليف قوات الاحتياط والقنابل والرصاص، ولكنها تدعم أيضاً 200 ألف من الأشخاص الذين جرى إجلاؤهم من القرى الإسرائيلية على طول حدود غزة والحدود الشمالية مع لبنان، والتي يقصفها "حزب الله" يومياً. ويجري إيواء العديد من هؤلاء الأشخاص وإطعامهم في فنادق في الشمال والجنوب، على نفقة الحكومة، إضافة إلى أن كثيرين مصابون بصدمات نفسية، فضلاً عن عطالة كثير منهم.

كما توقفت السياحة، حيث باتت شواطئ تل أبيب والبلدة القديمة في القدس خالية من الأجانب، وألغيت احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية المحتلة هذا العام. 

وتوقفت أعمال البناء التي تعتمد عادة على العمالة الفلسطينية من الضفة الغربية. فمنذ أن شنت إسرائيل هجومها للقضاء على قطاع غزة، علّقت تصاريح العمل لأكثر من 100 ألف فلسطيني. كما انخفضت الصادرات في جميع المجالات، وأوقف الإنتاج من حقول الغاز الإسرائيلية في البحر الأبيض المتوسط في وقت مبكر من الحرب، ولكنه الآن يعمل جزئياً.

  • ما تكلفة الحرب على إسرائيل حتى الآن؟ 

يقدر الاقتصاديون الذين أجرت صحيفة "واشنطن بوست" مقابلات معهم أن الحرب كلفت الحكومة حوالي 18 مليار دولار، أو 220 مليون دولار في اليوم.

وقال زفي إيكشتاين، نائب محافظ بنك إسرائيل السابق والخبير الاقتصادي في جامعة رايخمان، في تقرير مع زملائه، إن التأثير على ميزانية الحكومة -بما في ذلك انخفاض عائدات الضرائب- للربع الرابع من عام 2023 بلغ 19 مليار دولار، ومن المحتمل أن يصل إلى 20 مليار دولار في الربع الأول من عام 2024، وذلك على افتراض أن الحرب لن تمتد إلى لبنان. لكن ماذا سيحدث إذا اندلعت حرب أوسع مع "حزب الله"؟، "الإجابة: سوف ترتفع التكاليف بشكل كبير".

  • ما التكلفة الإجمالية للحرب على غزة؟ 

يمكن أن تكلف الحرب على غزة لو استمرت من 5 إلى 10 أشهر أخرى اقتصاد إسرائيل ما يصل إلى 50 مليار دولار، وفقاً لصحيفة "كالكاليست" المالية. وهذا يعادل 10% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. 

وتتوقع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أن تتحول إسرائيل في العام الجديد من القصف المكثف وقتال الشوارع العنيف إلى هجمات أكثر استهدافاً. لكن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قال الأسبوع الماضي إن الحرب "ليست قريبة من الانتهاء"، وقال للإسرائيليين: "ستكون هذه معركة طويلة". 

ويقول يارون زليخة، الأستاذ في كلية أونو الأكاديمية، وهو خبير اقتصادي سابق في وزارة المالية الإسرائيلية، إنه من المهم فهم الآثار المترتبة على الحرب، فهناك تكلفة شنّ الحرب، والانخفاض الحاد في النشاط الاقتصادي، وما نتج عنه من انخفاض في الإيرادات.

وينتج عن العجز في الإنفاق تكاليف الاقتراض، والتي سوف تؤثر في الميزانية لفترة طويلة بعد توقف إطلاق النار.

  • كيف يمكن مقارنة حرب غزة هذه بالصراعات الماضية؟ 

ويتحدث الاقتصاديون عن الاقتصاد الإسرائيلي الحديث باعتباره مرناً بشكل ملحوظ، حيث خاضت البلاد حروباً إقليمية في عامي 1967 و1973، وحروباً في لبنان في عامي 1982 و2006، ومعركة استمرت 50 يوماً في غزة في عام 2014، وانتفاضتين في الضفة الغربية المحتلة. 

وقال زليخة: "في الانتفاضة الثانية، كان جزء كبير من الضرر ناجماً عن الإدارة الاقتصادية المضللة"، و"كان هناك إسراف حكومي كبير في الإنفاق وزيادة ضريبية متزامنة". وأضاف أن "الفرق الرئيسي بين ذلك الحين واليوم هو أنه في ذلك الوقت، بلغ الدين الحكومي 100% من الناتج المحلي الإجمالي، وليس 60% كما هو الحال اليوم. وضعنا الحالي أفضل بكثير". 

  • ما رأي الإسرائيليين العاديين؟ 

يقول اقتصاديون للصحيفة إن هجمات "حماس" في السابع من أكتوبر كانت كارثة، حيث أدت إلى تآكل ثقة المواطنين والشركات والمستثمرين في الحكومة والجيش. سوف تستغرق هذه الثقة وقتاً لاستعادتها. 
وأظهر استطلاع للرأي أجرته مجموعة "لاتيت" الخيرية أن 45% من الإسرائيليين يعترفون بشعورهم بالقلق من أن الحرب ستجلب لهم صعوبات اقتصادية. 
  • ما التكلفة التي يتحمّلها العمال؟ 

أدت عمليات استدعاء الاحتياط والتهجير من الأماكن القريبة من غزة وجنوب لبنان، والآثار غير المباشرة للحرب، إلى تعطيل ما يصل إلى 20% من العمال الإسرائيليين. 

وقال ميشال دان هاريل، المدير الإداري لشركة "Manpower Israel"، وهي أكبر وكالة توظيف في البلاد، إن "الاقتصاد الإسرائيلي شهد موجة صدمة مماثلة لذروة جائحة كوفيد-19".

وأضاف هاريل أن "أجزاء كبيرة من الاقتصاد توقفت لمدة أسبوعين تقريباً، حيث كان الناس في حالة صدمة، وكل يوم يكشف حجم الأزمة، وأصبحت المناقشات حول الحياة الطبيعية، مثل العمل أو كسب العيش، غير شرعية تقريباً". وأشار إلى أن تأثير عمليات نشر جنود الاحتياط "كان دراماتيكياً بشكل خاص"، لأنه "يجري استدعاء الأفراد دون معرفة متى سيعودون إلى العمل، ولم يتوقع أحد أن يجري تجنيد الأشخاص لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر". 

  • هل يتمتّع الاقتصاد بالمرونة الكافية لتحمل الحرب؟ 

يقول إيريل مارغاليت، رجل الأعمال في مجال التكنولوجيا الفائقة، متحدثاً عن الحروب والانتفاضات السابقة: "على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، كانت إسرائيل تصعد الجبل بأثقال على ساقيها".  

وعن التحديات الأخيرة، أكد مارغاليت، العضو السابق في الكنيست الإسرائيلي، أن "محاولة حكومة نتنياهو قبل الحرب الحد من سلطة القضاء، والتي أثارت احتجاجات ضخمة استمرت لعدة أشهر، أضرت بالاستثمار الدولي". وأضاف أن "الحرب تشكل ضربة إضافية".

  • ما مدى أهمية المساعدات الأميركية للاقتصاد الإسرائيلي؟ 

تقدم الولايات المتحدة لإسرائيل دعماً عسكرياً بقيمة 3.8 مليارات دولار سنوياً. وتتقاسم الدولتان التكنولوجيا الدفاعية لمنح إسرائيل ميزة استراتيجية في المنطقة، كما تبيع الولايات المتحدة إسرائيل قنابل وصواريخ وقذائف بمئات الملايين من الدولارات. 

بعد 7 أكتوبر، دفع البيت الأبيض بمشروع قانون تمويل إضافي يتضمن 14 مليار دولار مساعدة لإسرائيل في أوائل عام 2024.

ووصف إيتاي أتير، الخبير الاقتصادي في جامعة تل أبيب والزميل البارز في معهد الديمقراطية الإسرائيلي، التمويل الأميركي بأنه "حاسم". وقال: "نحن نتحدث عن حوالي 50 مليار شيكل (13.8 مليار دولار)"، مضيفاً أنه "إذا وصل الإنفاق على الحرب إلى نحو 150 إلى 200 مليار شيكل، فإن الدعم الأميركي سيشكل ربع تكاليف الحرب. وهذا مبلغ كبير للغاية، ويوفر أيضاً للحكومة الأميركية خيار ممارسة الضغط الدبلوماسي علينا، وهو أمر جيد بالنظر إلى حكومتنا".

أما زليخة فأكد أنه "إذا اضطررنا إلى تمويل ذلك الإنفاق على الحرب بأنفسنا، فسيشكل مشكلة أكبر، كما أن مجرد تلقي المساعدات يعطي إشارة للأسواق المالية بأن لدينا دعماً اقتصادياً، وهو ما يطمئنها". وقال: "نحن بحاجة إلى إرسال شكر جزيل للرئيس بايدن على هذه المساعدة".

المساهمون