يواجه أرباب العمل في الدنمارك مشكلة في انخفاض أعداد الأوروبيين الراغبين في العمل لديهم. ويناشد هؤلاء في أحدث تقاريرهم، حكومة كوبنهاغن، للموافقة على فتح الأبواب "لاستقبال موظفين من خارج الاتحاد الأوروبي إذا أردنا مواجهة التحدي الكبير في نقص العمالة".
وفي المناشدات التي تطلقها منظمة أرباب العمل الدنماركية، "دي إيه"، خلال الأيام الأخيرة لحكومة يسار الوسط الرافضة للفكرة يفيد هؤلاء أن نقصا تاريخيا في اليد العاملة يواجه شركاتهم. وتعاني العديد من الصناعات الدنماركية نقصا في العمالة وتراجع مواطني الاتحاد الأوروبي الراغبين في الانتقال للعمل في الدنمارك، رغم ما تقدمه من أجور عالية ورفاهية.
وتقدر منظمة أرباب العمل أن صناعات مختلفة تواجه خطر توقف النمو فيها بسبب عدم قدرتها على جذب أكثر من بضعة آلاف من مواطني المعسكر الأوروبي، حيث تفيد دراسة تحليلية للمنظمة أن المعالجات الحالية للنقص لا تكفي على الإطلاق.
وأكد اليوم الأربعاء الرئيس التنفيذي للمنظمة، ياكوب هولبراد، أن "النقص الحالي الهائل في الموظفين هو التحدي الأكبر الذي نواجهه الآن، وذلك يساهم في تراجع النمو ويؤدي إلى فشل مجتمع الرفاهية الذي نريد الحفاظ عليه".
وبينت الوكالة الوطنية الدنماركية لسوق العمل والتوظيف في سبتمبر/أيلول الماضي أنها تواجه الفشل الأكبر منذ 2008 في إيجاد عمال مستعدين للوظائف الشاغرة. وتبين الأرقام أن 60 ألف وظيفة شاغرة منذ ربيع العام الحالي لم يتم شغلها حتى الآن، وأن 50 ألف وظيفة أخرى جرى شغلها بأشخاص دون المؤهلات المطلوبة.
وأشارت الوكالة إلى أن 44 في المائة من الشركات الدنماركية عانت من خسائر في الإنتاج بسبب نقص الموظفين. ومن بين أهم القطاعات التي تعاني نقص اليد العاملة يأتي من بين أمور أخرى قطاع الزراعة والمطاعم والتنظيف والبناء.
وعادة ما يثور جدل داخلي عن استيراد الدنمارك للعمالة من الخارج فيما نسبة لا بأس فيها من المهاجرين واللاجئين يصنفون بـ"عاطلين من العمل". ورغم ذلك تذكر الشركات أن حاجتها تكون للعمالة الماهرة، واستعداد لدى فئتي المهاجرين واللاجئين القبول بما هو معروض عليهم من وظائف قد لا تتناسب ورغباتهم.
ومحاولة أرباب العمل الضغط على الحكومة الدنماركية لتليين موقفها المتصلب والمعارض استقبال العمالة من خارج السوق الأوروبي الموحد تصطدم بقوانين دنماركية جرى تعديلها في منتصف السبعينيات وأوقفت استقبال العمالة المهاجرة من خارج أوروبا، بعد أن استقبلت منذ الستينيات عشرات الآلاف منهم.
وتعزو الدراسات الاقتصادية لأرباب العمل قلة توجه مواطني الاتحاد الأوروبي إلى بلدهم، رغم وجود نحو 145 مليون عاطل من العمل، إلى طبيعة القوانين الدنماركية المتشددة في مجال مساواة في الأجور للحصول على تصريح إقامة عمل.
ويتطلب من الأوروبي أن يثبت أن راتبه الشهري يتراوح بين 30 و37 ألف كرونه دنماركية للحصول على إقامة عمل في البلد، وذلك بعد سنوات من إغراق السوق الدنماركي، وخصوصا سوق البناء، بعمال من شرق أوروبا يتلقون رواتب أقل من الدنماركيين، ما دفع بمنظمات عمالية للضغط لأجل وقف عملية الإغراق، ما أنتج قوانين صارمة وغير جاذبة.
ويخشى السياسيون في اليسار ويسار الوسط أن فتح المجال لاستقبال أشخاص بأجور أقل سيؤدي في نهاية المطاف إلى ضغط على الأجور للدنماركيين، وبالتالي يصبح متوسط الدخل الشهري لموظفي بعض القطاعات فرضا بسقف 37 ألف كرونه بما يشمل الراتب وتكاليف أخرى على صاحب العمل.
وتدخل أوروبا منذ أسابيع في نقاش برلماني محتدم حول أسواق العمل في الاتحاد الأوروبي، خاصة حول استقبال اليد العاملة من خارج معسكره (أي من دول غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي). ويتعارض معسكران بشان تخفيف القوانين الصارمة التي تحد من إمكانية استقبال الشركات الأوروبية لليد العاملة من خارج حدوده، ويستمر الجدل خلال الأسابيع القادمة بين الكتل البرلمانية والسياسية الأوروبية لتحديد مصير بدائل النقص في اليد العاملة.