تعتبر مدينة إدلب من أكثر المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري شمال غربي البلاد كثافة، وهذا جعل أسواقها مقصداً لجميع سكان المنطقة، الذين قصدوها منذ منتصف شهر رمضان، وازداد هذا الإقبال في الأيام القليلة التي تسبق عيد الفطر، وكان أكثر الطلب على كسوة العيد وجاءت الحلويات في المرتبة الثانية، لكن أعين مرتادي أسواق المدينة كانت دائماً تراقب السماء بسبب كثافة تحليق طيران الاستطلاع التابع للنظام وروسيا الذي لم يفارق أجواء المدينة.
وبالرغم من الخوف من القصف وانتشار فيروس كورونا الجديد، كانت الحركة استثنائية هذا العام بسبب توقّف القصف، ما سمح للنازحين الذين جاؤوا من مختلف المدن السورية بعرض بضائعهم، وباتت منتوجات جميع تلك المحافظات في متناول السكان، وفي مكان واحد.
عبد الملك الشيخ صاحب وكالة لبيع الألبسة التركية في مدينة إدلب يقول لـ"العربي الجديد" إن الحركة التجارية في مدينة إدلب جيدة جداً نظراً للوضع الاقتصادي للسكان، مشيراً إلى أن "أسعار الألبسة كانت سابقاً مرتفعة أكثر من الآن لأنها كانت تأتي من مناطق سيطرة النظام، لصعوبة تأمينها ونقلها، أما الآن مصدر جميع بضائع السوق من تركيا عن طريق معبر باب الهوى الحدودي وجودتها عالية، وتصلنا بأسعار مناسبة لسهولة تأمينها".
أما محمد السيد علي صاحب محل ألبسة في سوق مدينة إدلب، فيقول إن حركة البيع والشراء في مدينة إدلب تشهد انتعاشاً مقارنة بمعدل نسبة البطالة وارتفاع الأسعار.
ويضيف في حديث مع "العربي الجديد": "لدي زبائن لا يسألون عن الأسعار أبداً ويشترون من بضاعتي فقط، وآخرون يبحثون عن القطعة الأقل سعراً، وبالرغم من الحركة التجارية الجيدة إلا أن الناس هنا لديهم مخاوف من خرق الهدنة كما حصل في مدينة الأتارب بريف حلب منذ بضعة أيام".
ولعيد الفطر وقع خاص لدى السوريين بالرغم من الآلام التي خلفتها الحرب، وخاصة المهجرين منهم، كالشاب مهند ابن مدينة حمص الذي هجِّر منها منذ أربع سنوات، والذي يقول لـ"العربي الجديد" إن "هذا هو عيد الفطر الرابع لي بعيداً عن مدينتي، لكنّ أجواء العيد وبهجته جيدة هنا في مدينة إدلب".
وأشار مهند إلى أن الأجواء لن تكون أفضل من العيد الذي كان يقضيه في حمص بين الأهل والأصحاب، مضيفاً "أحن إلى حلويات العيد التي كانت أمي تعدها بيديها قبل أيام من العيد، أما الآن فأشتري الحلويات جاهزة من السوق".
ويبلغ عدد سكان محافظة إدلب الواقعة شمال غربي البلاد نحو أربعة ملايين نسمة، معظمهم من النازحين الذين هجّروا من مدنهم وبلداتهم على يد قوات النظام برعاية روسية، يعيش كثيرون منهم في مخيمات بدائية، تفتقر إلى أدنى الاحتياجات الصحية والخدمية.
وبلغ عدد المخيمات الكلي في إدلب وحدها نحو 1293 مخيماً تتوزّع على شكل شريط قرب الحدود السورية-التركية، من بينها 393 مخيماً عشوائياً، يقطنها مليون و43 ألفاً و689 شخصاً.