استمع إلى الملخص
- **أسباب اقتصادية وراء التراجع**: يعود التراجع لأسباب اقتصادية، حيث تفرض تركيا حظراً لحماية مزارعيها، وتبحث مصر عن الأسعار التنافسية. أوكرانيا حافظت على حصتها بالسوق العالمية رغم انهيار "صفقة الحبوب".
- **تنويع الصادرات وزيادة الحصص في أسواق جديدة**: ارتفعت حصص مستوردين آخرين مثل بنغلادش وكينيا وإندونيسيا، مع زيادة الإمدادات إلى بلدان شمال أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا وجنوب شرقها.
سجلت الحصة المشتركة لتركيا ومصر في صادرات القمح الروسي البالغة سابقاً 40% تراجعاً كبيراً لصالح الإمدادات إلى جنوب شرق آسيا وأفريقيا. وتظهر بيانات مركز مؤشرات الأسعار التابع لمصرف "غازبروم بنك" أوردتها صحيفة كوميرسانت الروسية في عددها الصادر أمس الجمعة، أن حصة تركيا ومصر تراجعت في هيكل الإمدادات في العام الزراعي 2023 - 2024 بـ10 نقاط مئوية إلى 30%، مع استمرار التوجه ذاته في الموسم الحالي.
وتشير بيانات شركة "روس أغرو ترانس" المعنية بنقل الحبوب بواسطة السكك الحديدية هي الأخرى إلى أن حصة تركيا ومصر في الإمدادات الخارجية في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب الماضيين، بلغت 22% مقابل 27% خلال الفترة نفسها من عام 2023. ويؤدي تراجع صادرات القمح الروسي إلى مصر وتركيا إلى زيادة النفقات اللوجستية للمصدرين الروس، التي تبلغ حالياً نحو 7% من قيمة الحبوب للإمدادات إلى البلدين، بينما ترتفع إلى نحو 22% إلى بنغلادش وغيرها من دول جنوب شرق آسيا.
من جهته، دعا مدير مكتب التحليل في مركز "سونار-2050" لدراسات قضايا تكامل الدول الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، إيفان ليزان، إلى عدم البحث عن أي أبعاد سياسية لتراجع الحصة التركية المصرية في صادرات القمح الروسي، معتبراً أن المسألة اقتصادية وظرفية بامتياز.
ويقول ليزان في حديث لـ"العربي الجديد": "تفرض تركيا بين الحين والآخر حظراً على استيراد الحبوب من دول بعينها لحماية المزارعين المحليين من المنافسة، وسترفعه بعد انتهاء موسم جني المحصول لتوفير الإمدادات لمطاحنها المتطورة. أما مصر، فلكونها أكبر مستورد للقمح على مستوى العالم، تنطلق من اعتبارات اقتصادية بحتة، وتعتمد السعر الأكثر تنافسية كالمعيار الوحيد لاختيار مورد القمح بصرف النظر عما إذا كان روسياً أو أوكرانياً، مثلاً".
ويلفت إلى أن أوكرانيا تمكنت من الحفاظ على حصتها بالسوق العالمية حتى بعد انهيار "صفقة الحبوب" في العام الماضي، مضيفاً: "تقوم أوكرانيا بشحن السفن في الموانئ المطلة على البحر الأسود في أوديسا ومحيطها، فتبحر عبر المياه الإقليمية الأوكرانية والبلغارية والرومانية. باستثناء حوادث عرضية نادرة تمتنع روسيا عن استهدافها مثلما كفّت أوكرانيا عن إرسال مسيرات بحرية صوب موانئ روسية، ويبدو أنهما توصلتا إلى نوع من الاتفاق، ربما بوساطة دولة محايدة مثل قطر أو الإمارات، على وضع الملاحة التجارية خارج أقواس النزاع".
وفي تلك الأثناء، تظهر بيانات مركز مؤشرات الأسعار ارتفاعاً لحصص مستوردين آخرين للقمح الروسي، بما في ذلك حصة بنغلادش التي ارتفعت من 4 إلى 6%، وكينيا من 2.7 إلى 4%، وإندونيسيا من 0.4 إلى 3.3%. وأشارت كبيرة محللي المركز، يكاتيرينا زاخاروفا، وفق ما نقلته عنها "كوميرسانت"، إلى أن هذه الأرقام تعكس تنويع الصادرات، متوقعة أن تكون بلدان شمال أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا وجنوب شرقها هي الوجهات الرئيسية في الموسم الحالي، إذ سجل أول شهرين من الموسم زيادة في الإمدادات إلى المغرب وتونس وأنغولا والإمارات على أساس سنوي.
في السياق ذاته، تظهر بيانات "روس أغرو ترانس" أن صادرات القمح الروسي إلى فيتنام ازدادت في شهري يوليو وأغسطس بنسبة 24.2% على أساس سنوي إلى 246 ألف طن. وبلغت الإمدادات إلى نيجيريا خلال الفترة من يوليو إلى بداية سبتمبر/أيلول 435 ألف طن مقابل 564 ألفاً عن الموسم الزراعي الماضي بأسره.
ويعلق ليزان على تزايد حصة البلدان الآسيوية، قائلاً: "هذا الوضع طبيعي، لأن آسيا سوق ضخمة تضم دولاً مكتظة بالسكان لم تنضم إلى القيود التجارية بحق روسيا". وكان نائب رئيس الوزراء الروسي، دميتري باتروشيف، قد أعلن في وقت سابق من الشهر الجاري، أن قيمة الصادرات الزراعية الروسية بلغت في العام الماضي 43.5 مليار دولار، مشيراً إلى أن جغرافية الإمدادات اتسعت لتشمل 160 بلداً رغم إغلاق أوروبا بشكل شبه كامل.