أزمة عقارات إسرائيل... مدن تُمحى من خريطة الطلب بسبب الحرب

29 ابريل 2024
مطور عقاري يتفقد أعمال البناء في أحد المشروعات بمدينة نتانيا، 20 مارس 2014 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والاشتباكات مع حزب الله أثرت سلباً على السوق العقارية في إسرائيل، مما أدى إلى تجنب الشراء في المناطق القريبة من الحدود وهضبة الجولان.
- تقارير "madlan" تظهر انخفاضاً حاداً في الصفقات العقارية بالمناطق الشمالية والجنوبية، مع تسجيل انخفاضات كبيرة في عدد الصفقات في مدن مثل كريات شمونة وعسقلان.
- بالرغم من الركود، بعض المطورين مثل "إيفي كابيتال" ومطورين في ديمونة يشهدون زيادة في الاهتمام والمبيعات، مما يعكس تفاؤل بإمكانية التعافي والازدهار في السوق العقارية بعد الحرب.

محت الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ نحو سبعة أشهر وكذلك الاشتباكات مع حزب الله اللبناني، مدناً ومناطق بأكملها من خريطة الطلب على الشراء في السوق العقارية الإسرائيلية، إذ يعزف الإسرائيليون عن المناطق المحيطة بقطاع غزة جنوباً والبلدات الشمالية على الحدود مع لبنان وكذلك مستوطنات هضبة الجولان المحتلة في سورية، وذلك على الرغم من محاولات شركات التطوير العقاري إغراءهم بالشراء وتطمينات المسؤولين في حكومة الاحتلال حيال الوضع في هذه المناطق.

وأظهر تحليل أجرته شركة "madlan" المتخصصة في المحتوى العقاري داخل إسرائيل، ركوداً في الطلب على العقارات في المناطق الجنوبية والشمالية، لكنه بدا أكثر حدة في الشمال، ما دعا تال كوبل، الرئيس التنفيذي لشركة إلى القول في تصريحات لموقع يديعوت أحرونوت، أمس الأحد، إن "الحرب أدت إلى وضع غير مسبوق، إذ جرى محو مدن بأكملها من خريطة الطلب"، موضحاً أنه "كلما اقتربت المستوطنة من السياج الحدودي زاد التهديد وعدم اليقين بشأن المستقبل، الأمر الذي بات يؤثر ليس على حجم المعاملات فقط، وإنما أيضاً على قيمة العقارات".

وبحسب التحليل الذي أجرته "madlan" لمصلحة الصحيفة الإسرائيلية، فإن المناطق الشمالية سجلت تنفيذ 58 صفقة عقارية في الربع الأخير من العام الماضي مقارنة بـ 441 صفقة في الفترة نفسها من عام 2022، بهبوط بلغت نسبته 55.9%. وفي مستوطنة كريات شمونة في المناطق الشمالية من الأراضي الفلسطينية المحتلة قرب الحدود مع لبنان، جرى تسجيل صفقتين فقط خلال الربع الأخير من العام الماضي بانخفاض نسبته 97.7% عن الفترة نفسها من العام السابق. وفي مستوطنة شلومي (شمال)، تم تسجيل صفقتين فقط مقابل 24 صفقة في الربع الأخير من 2022 بهبوط نسبته 91.6%.

وفي مدينة صفد في منطقة الجليل شمالاً، سُجلت 29 معاملة في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، مقارنة بـ 222 معاملة في الفترة المقابلة من 2022، بتراجع بلغت نسبته 86.9%. كما لم تسجل مستوطنة كتسرين جنوب الجولان سوى معاملة واحدة فقط في الربع الأخير من عام 2023، مقارنة بـ 49 معاملة في الربع الأخير من 2022، بانخفاض قدره 97.9%.

وفي المناطق الجنوبية في نطاق ما يعرف بغلاف قطاع غزة، جرى تنفيذ 287 صفقة في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2023، مقابل 1342 صفقة. وعلى سبيل المثال جرى تسجيل 11 صفقة في "سديروت" شمال القطاع، مقارنة بـ 143 صفقة في الفترة المناظرة من 2022، بانخفاض نسبته 92.3%، وفق التحليل.

وفي عسقلان، جرى تسجيل 195 معاملة مقارنة بـ 839 معاملة في الربع الأخير من 2022 بتراجع نسبته 76.7%. وسجلت مستوطنة "أوفاكيم" في صحراء النقب 68 صفقة مقارنة بـ 173 صفقة بهبوط قدره 60.6%. وفي مستوطنة "نتيفوت" شرق قطاع غزة جرى تسجيل 74 صفقة مقابل 171 صفقة بانخفاض 56.7%.

حالة عدم يقين بسبب استمرار الحرب الإسرائيلية

وفي ظل حالة عدم اليقين الكبيرة بشأن الوضع الأمني فإن سوق العقارات تعرضت لأضرار جسيمة، ولا سيما في مناطق الشمال، حيث جرى إخلاء مدن حدودية من سكانها وتحولت إلى مدن أشباح، من دون تحديد موعد نهائي في الأفق لانتهاء هذا الوضع وفق ما نقلت يديعوت أحرونوت.

وعزز مسح أجراه معهد الأبحاث "Geocartography" الذي يقدم المشورة للشركات في العديد من التخصصات، نتائج تحليل "madlan" وفق الصحيفة، مشيراً إلى أن حجم المعاملات العقارية في منطقة الشمال هوى بنسبة 57% على أساس سنوي في الربع الأخير من العام الماضي، أما مناطق الجنوب فسجلت هبوطاً بنحو 45%. وفي المجمل، شهد عام 2023 انخفاضاً بنسبة 41% تقريباً في حجم المعاملات في مناطق الشمال والجنوب، مقارنة بانخفاض قدره 39% تقريباً في عموم إسرائيل.

وقال ياريف دروري، مثمن عقاري إن "مستوى عدم اليقين الأكبر يظهر في المستوطنات المجاورة للسياج على الحدود الشمالية.. وفي رأينا يكمن السبب في صدمة 7 أكتوبر/ تشرين الأول"، في إشارة إلى عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها المقاومة الفلسطينية. وأضاف دروري :" كلما اقتربت المستوطنة من السياج الحدودي، ارتفعت درجة المخاطرة من هجوم يشمل الاختراق والاستيلاء".

وكان مسح صادر عن وزارة المالية الإسرائيلية في فبراير/ شباط الماضي، أظهر أن مبيعات العقارات المسجلة في 2023، تعتبر الأسوأ منذ نحو عقدين. وذكر المسح الذي أعده مكتب كبير الاقتصاديين في الوزارة شموئيل أبرامسون، أن العام الماضي شهد بيع قرابة 70 ألف شقة في عموم إسرائيل، وهو أدنى مستوى في نحو 22 عاماً. وتدهورت صناعة العقارات في إسرائيل، بالتزامن مع استمرار الحرب على غزة، وتراجع عمليات البناء لعدم توفر الأيدي العاملة الفلسطينية، التي كانت تشكل عصب الصناعة (90 ألف عامل)، وارتفاع أسعار الفائدة على الشيكل.

ورغم الصورة القاتمة التي تعكسها نتائج شركات الأبحاث المتخصصة، يروج مطورون ومسوقون عقاريون إلى انتعاش المبيعات. وأشار إيناف كوهين، نائب رئيس التسويق والمبيعات في شركة "إيفي كابيتال" التي تبني أكثر من ألف شقة في مستوطنة "أوفاكيم"، إلى انتعاش الطلب في الجنوب.

وأضاف :" يتصل بنا العديد من الأزواج الشباب والمستثمرين بانتظام.. في الشهرين الماضيين قمنا ببيع 75 شقة، وهذا معدل مبيعات مطابق تقريباً للأرقام القياسية التي عرفناها بعد فترة كورونا".

كما قال جلعاد مور، مطور عقاري تقوم شركته ببناء مشروع يضم أكثر من 200 شقة في منطقة ديمونة (جنوب) إن الشركة وقعت بالفعل 170 عقداً، مضيفاً: "بعد الحرب تبدأ فترة من التجديد والازدهار، في الاقتصاد عامة وفي قطاع العقارات خاصة".

المساهمون