أزمة الغذاء تتفاقم والأنظار تتجه إلى الهند

22 ابريل 2022
اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن (Getty)
+ الخط -

مع تصاعد أزمة نقص وارتفاع أسعار المحاصيل الزراعية، في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، وتراجع صادرات الحبوب من البلدين اللذين كانا حتى أسابيع قليلة مضت يعدان "سلة الغذاء في العالم"، طغت التحذيرات المتكررة من حدوث أزمة غذائية واسعة النطاق على الأخبار الصادرة عن اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، ولم نسمع بغيرها، رغم تعدد اللقاءات وكثرة الندوات.

وتتجه الأنظار خلال الفترة الحالية إلى الهند، التي يرى البعض أنها يمكن أن تصبح السلة الجديدة لغذاء دول العالم، كونها ثاني أكبر منتج للقمح في العالم بعد الصين، مع تميزها عن الأخيرة في السنوات الست الأخيرة، بتحقيقها فائضاً كبيراً كان متاحاً للتصدير.

ومنذ عام 2019، نجحت الهند في الدخول ضمن قائمة أكبر عشر دول منتجة للغذاء في العالم، وأصبحت أكبر منتج للألبان في العالم، كما صدرت العام الماضي أكثر من 22 مليون طن من الأرز، تمثل نحو 45% من إجمالي صادرات الأرز العالمية.

وطورت الهند قدرات موانئ التصدير لديها خلال الفترة الأخيرة، ونجحت في تصدير محاصيل بقيمة تجاوزت ثمانية مليارات دولار خلال العام الماضي، وأصبحت تصدر منتجات زراعية ومعالجة لأكثر من مائة دولة حول العالم.

وتحظى الهند بدعم منظمة التجارة العالمية، وأميركا، في اكتساب أراض جديدة في سوق تصدير الغذاء، خاصة مع فرض العقوبات الاقتصادية الشاملة على روسيا، ووجود الهند كإحدى أهم الدول التي تحاول روسيا اختراق العقوبات المفروضة عليها من خلالها.

وقبل أسبوعين، عرض الرئيس الأميركي جو بايدن على الهند مساعدتها في تنويع مصادر الطاقة والسلاح، التي كانت تاريخياً تعتمد على الجارة الروسية في الوفاء باحتياجاتها منها. وتعد الهند ثالث أكبر مستورد للنفط في العالم.

ويوم الأربعاء، طالب ديفيد مالباس، رئيس البنك الدولي بالإفراج عن كميات من المواد الغذائية من المخزونات العالمية المتاحة لدى الدول الكبرى، من أجل المساعدة في معالجة أزمة انعدام الأمن الغذائي المشتعلة، والتي أدت إلى تفاقم ارتفاع الأسعار في الأسابيع الأخيرة، مشيراً إلى احتمالية استمرار الأزمة حتى العام القادم. ورحب بالخطوة التي اتخذتها الهند بالإفراج عن كميات من الحبوب من مخزوناتها، ودعا الدول الأخرى للاحتذاء بها.

وفي مقابلة مع محطة بي بي سي الإخبارية على هامش اجتماعات الربيع، حذر مالباس، الذي تعد المؤسسة التي يرأسها مسؤولة عن التخفيف من حدة الفقر على الصعيد العالمي، من أن "الارتفاع القياسي في أسعار المواد الغذائية سيدفع بمئات الملايين من الناس إلى الفقر ويقلل التغذية، إذا استمرت الأزمة".

وأضاف "إنها كارثة إنسانية، وهذا يعني أن التغذية تنخفض. ولكن بعد ذلك يصبح أيضًا تحدياً سياسياً للحكومات التي لا تستطيع فعل أي شيء حيال ذلك، ولم تتسبب في ذلك، وترى الأسعار ترتفع".

وقدر البنك الدولي ارتفاع أسعار المواد الغذائية خلال الأسابيع الماضية بنسبة 37%، واعتبر أن تأثيراتها السلبية تتضاعف بالنسبة للفقراء، الذين "سيأكلون أقل، وستكون لديهم أموال أقل لأي شيء آخر مثل التعليم"، مؤكداً أنها أزمة من النوع غير العادل، "حيث تضرب أفقر الناس بشدة"، وهو ما حدث أيضاً في حالة وباء كورونا.

وتسببت حرب روسيا على أوكرانيا في ارتفاع أسعار الحاصلات الزراعية بعد الأنباء التي تواترت عن حرق المحاصيل وتدمير الصوامع في أوكرانيا، أكبر مصدر للقمح ولبعض الحبوب الأخرى في العالم، كما منع الشاحنات فيها من الوصول إلى موانئ البحر الأسود للتصدير، بالإضافة إلى القرار الذي اتخذته الحكومة الأوكرانية بالإبقاء على كميات كبيرة من تلك المحاصيل للاستخدام المحلي، تحسباً لامتداد الحرب لأسابيع أخرى، وربما شهور.

وفي ثالث أيام اجتماعات الربيع، طالب صندوق النقد الدولي الحكومات بـ "توجيه الدعم المالي إلى الفئات السكانية الضعيفة الأكثر تضرراً من ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، والتي تواجه الآن انعدام الأمن الغذائي المتزايد نتيجة للحرب الروسية في أوكرانيا".

وفي أحدث تقاريره عن التطورات المالية العالمية، في التقرير المعروف باسم "الراصد المالي"، قال الصندوق إن "ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة زاد من مخاطر الاضطرابات الاجتماعية، لا سيما في البلدان منخفضة الدخل التي تكافح بالفعل مع مستويات الديون المرتفعة بعد جائحة كوفيد -19 وتواجه الآن تكاليف اقتراض أعلى وسط ارتفاع أسعار الفائدة".

وقال فيتور كاسبار، مسؤول الشؤون المالية لدى الصندوق "تقوم الحكومات بدورها الخاص لحماية المستضعفين عندما تنهار الأشياء بشكل كبير للحفاظ على التماسك الاجتماعي"، مؤكداً أن "هناك أدلة كثيرة على أن الأزمات المالية والأوبئة وتقلب الأسعار أو ارتفاعها يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الانقسامات والصراعات، وهو ما يجعل للسياسة المالية دورا مهما في معالجة مثل هذه المخاوف".

وأضاف كاسبار "من الضروري للغاية أن توفر السياسات العامة في كل مكان الأمن الغذائي للجميع"، داعياً إلى اتخاذ تدابير مستهدفة مؤقتة "مثل التحويلات النقدية بدلاً من الإعانات العامة الموسعة التي يمكن أن تكون مكلفة". وأكد أن الغذاء يستحوذ على 60% من ميزانية الأسر الفقيرة، بينما لا تتجاوز تلك النسبة للأسرة المتوسطة في الاقتصادات المتقدمة 10%.

وتراجعت القدرة الشرائية لدى العديد من الدول في أعقاب ظهور وانتشار فيروس كوفيد- 19، واضطرار الحكومات إلى تحمل نفقات غير مسبوقة للتيسير على المواطنين، تم تمويل أغلبها بقروض إضافية، حتى وصل الدين العالمي إلى 226 تريليون دولار للمرة الأولى في تاريخه، بالإضافة إلى طباعة كميات غير مسبوقة من النقود، وهو ما أدى إلى ارتفاع معدل التضخم في تلك البلدان بصور واضحة.

المساهمون