أزمة البنوك تضرب الشركات الصغيرة.. ومخاوف من "جفاف" السيولة

29 مارس 2023
بنك سيغنيتشر.. آحدث إغلاق بين البنوك الأميركية حتى الآن (Getty)
+ الخط -

على الرغم من الهدوء النسبي للأزمة التي ضربت البنوك الإقليمية الأميركية، في أعقاب انهيار بنكي سيليكون فالي وسيغنتشر، يندر وجود من يثق في انتهاء الأزمة تماماً، خاصة مع وجود علامات على امتدادها لبعض الأسواق الأخرى، وكان آخرها قطاع الشركات الصغيرة.

وفي حين تعتمد أغلب البنوك الإقليمية والمجتمعية والاتحادات الائتمانية في الولايات المتحدة على الشركات الصغيرة، التي يقل عدد العاملين فيها عن مائة موظف، في تكوين النسبة الكبرى من قاعدة عملائها، وجدت هذه الشركات نفسها خلال الأزمة الأخيرة معرضة لتوقف خطوط تمويلها، وخاصة مع سعي الإدارة الأميركية لتشديد ضوابط الإقراض لدى تلك البنوك.

وحذر مجلس الاحتياط الفيدرالي، والعديد من خبراء وول ستريت، من أن معايير الإقراض قد تصبح أكثر تشددًا بشكل كبير، خلال الأشهر القادمة، في ظل التوتر المستمر داخل النظام المالي، والذي ظهر مع الانهيار المفاجئ للبنكين.

وخلال فترات الركود الائتماني، ترفع البنوك معايير الإقراض بشكل كبير، مما يجعل من الصعب على الشركات أو الأسر الحصول على القروض. وقد يتعين على المقترضين الاتفاق على شروط أكثر صرامة، تشمل رفع معدلات الفائدة، حيث تحاول البنوك الحصول على مقابل مادي لارتفاع مخاطر الإقراض لديها.

ويدعم جيفري روتش من "إل بي إل فايننشال" لإدارة الاستثمارات هذا التوجه، مؤكدًا أن "البنوك ستشدد شروط الإقراض، ومن ثم فإن توافر الائتمان سيتقلص"، مضيفاً أن هذا سيؤثر على الشركات الصغيرة تحديداً، التي تحصل على أغلب تسهيلاتها من البنوك الإقليمية.

وقدر روتش قيمة الارتفاع في تكلفة التمويل بسبب الأزمة الحالية بما يعادل 50 نقطة أساس، يرى أنه "من العدل إضافتها إلى سعر الفائدة المطبق على قروض الشركات".

وشددت البنوك بالفعل معايير الإقراض قبل أن تبدأ الأزمة، وأظهر مسح ربع سنوي لمسؤولي الإقراض، نشره بنك الاحتياط الفيدرالي، أن "عددًا متزايدًا من البنوك شدد معايير الإقراض، مما أدى إلى الانخفاض في الطلب على التسهيلات خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2022".

وأشار التقرير إلى أن السياسة التشديدية للبنك الفيدرالي، بهدف القضاء على أعلى تضخم في البلاد في أكثر من أربعة عقود، كانت العامل الرئيسي وراء ذلك.

وقال البنك إن "التضخم لا يزال أعلى بثلاث مرات من متوسط مستواه قبل الجائحة".

لكن المخاوف من حدوث أزمة مالية أوسع أدت إلى تعقيد جهود الفيدرالي، إذ لعب الارتفاع السريع في أسعار الفائدة دورًا مباشرًا في فشل بنك سيلكون فالي، كما تهدد أسعار الفائدة المتزايدة بتفاقم أزمة الائتمان داخل النظام المالي.

وأقر رئيس مجلس إدارة البنك الفيدرالي جيروم باول، خلال اجتماع المجلس الذي استمر يومين الأسبوع الماضي، بأن الاضطرابات في القطاع المصرفي يمكن أن تشدد الأوضاع على الشركات والأسر الأميركية.

وأكد أن معايير الإقراض الأكثر صرامة، الناجمة عن الأزمة، يمكن أن يكون لها نفس الأثر الذي يرغب في إحداثه البنك الفيدرالي، من خلال رفعه لسعر الفائدة.

وقال باول: "مثل هذا التشديد في الأوضاع المالية سيعمل في نفس اتجاه تشديد سعر الفائدة، ويمكنك التفكير في الأمر على أنه يعادل رفعا لسعر الفائدة أو ربما أكثر من ذلك".

وجاءت تعليقاته بعد فترة وجيزة من قيام صناع السياسة برفع سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، مما رفع معدل الأموال القياسي إلى نطاق 4.75% - 5%، وهو أعلى معدل للفائدة الفيدرالية منذ عام 2007.

وكانت هذه الزيادة هي التاسعة على التوالي، وفي أقل من عام.

و

مع تشديد السياسة النقدية، لم تعد الأموال الرخيصة متوفرة بالقدر الكافي، الأمر الذي زاد من توقعات دخول الاقتصاد الأميركي في ركود.

وقال البنك الفيدرالي إنه يتابع تطورات النشاط الاقتصادي، لمعرفة مدى خطورة هذا الأمر، وإذا ما كان سيستمر، من أجل تعديل السياسات.

وكان بنك سيلكون فالي يلبي احتياجات شركات التكنولوجيا وشركات رأس المال الاستثماري، قبل أن تبدأ موجات سحب سريعة للودائع، منتصف العام الماضي، تسبب فيها ارتفاع معدلات الفائدة، حيث فضلت الشركات استثمار فوائضها في سندات الخزانة مرتفعة العائد، مقارنة بعائد قليل تحصل عليه في البنك.

واضطر البنك للإعلان عن بيع أسهم بهدف جمع ما يقرب من ملياري دولار، إلا أن عملية البيع لم يكتب لها النجاح.

وأعلن البنك أنه خسر نحو ملياري دولار من بيع سندات خزانة كانت بحوزته، وهنا أصيب المودعون بالذعر، وتبع ذلك تدافع لسحب المزيد من الودائع، قبل أن تتخذ السلطات قراراً بإغلاقه.

وفي غضون أيام، اتخذ المنظمون الأميركيون خطوات غير عادية لاحتواء تداعيات انهيار البنك ودعم الثقة المتراجعة في النظام المصرفي، بما في ذلك حماية جميع الودائع في البنكين المنهارين، حتى التي تتجاوز مبلغ التأمين.

وأطلق بنك الاحتياط الفيدرالي أيضًا دعمًا طارئًا جديدًا للمقرضين، لمساعدتهم على تلبية عمليات سحب الودائع، بشروط مواتية.

المساهمون