أزمة الاقتصاد تجمع مصر وتركيا بعد قطيعة 10 سنوات

05 يوليو 2023
الرئيسان رجب طيب أردوغان وعبدالفتاح السيسي في الدوحة (الأناضول)
+ الخط -

جاء تعيين السفيرين المصري والتركي، الثلاثاء، في وقت متزامن، عقب مشاورات استمرت عدة أشهر، وتوجه نحو تطبيع العلاقات بين البلدين.

ساهمت العلاقات الاقتصادية المتينة والمتصاعدة، في فتح قنوات اتصال دبلوماسي، تعطلت لمدة 10 سنوات، مهدت لأرضية مشتركة، بين بلدين يشتركان في ارتفاع هائل بمعدلات التضخم، وتدهور بقيمة العملة، وتجمعهما مصالح مشتركة، رفعت حجم التبادل التجاري إلى معدلات قياسية بلغت 10 مليارات دولار.

يميل الميزان التجاري لصالح مصر، متجاوزاً 600 مليون دولار، في ظاهرة يصعب تحقيقها مع أسواق أخرى، وتأتي تركيا متنفساً للصادرات المصرية الزراعية والأسمدة والغاز، بينما تبحث مصر عن سوق واردات أقل كلفة من الصين وأوروبا والولايات المتحدة، للصناعات الهندسية، والسيارات، والكمبيوتر، ومعدات المصانع، وتعتبر تركيا القاهرة بوابة لأفريقيا والدول العربية.

وأعلنت مصر عن عودة العلاقات مع تركيا، ورفع العلاقات الدبلوماسية لمستوى السفراء، اعتباراً من الثلاثاء. ورشحت الخارجية المصرية السفير عمرو الحمامي، سفيراً للقاهرة في أنقرة، بينما رشحت تركيا السفير صالح موتلو شن سفيراً لها بالقاهرة. وتهدف الخطوة إلى عودة العلاقات الطبيعية بين البلدين، وتعزيز التعاون الاقتصادي الذي شهد تصاعداً مستمراً خلال السنوات الماضية. وقد نشطت أعمال جمعيات رجال الأعمال التركية - المصرية، فور إعلان القرار، لجني ثمار عودة العلاقات.

ناقش أعضاء مجلس الأعمال المصري التركي، الذي توقفت أعماله خلال فترة القطيعة السياسية، تحريك خط ائتمان قيمته مليار دولار، كقرض نقدي للمستثمرين المصريين الذين يشاركون بمشروعات تركية، جاهز للتنفيذ تعطل منذ عام 2013. سيمول القرض 85% من قيمة أي مشروع صناعي مشترك بين مصريين وأتراك، بفائدة مخفضة عن 9%، خاصة المشروعات الإنتاجية، تمثل أكثر من 50% من قيمة الفائدة السائدة بالبنوك المصرية.

نائب رئيس المجلس حمادة العجواني، أشار لـ"العربي الجديد" إلى زيادة الصادرات بين البلدين، من 3 مليارات دولار عام 2013 إلى 9.7 مليارات دولار عام 2022، بنحو 50% لكل طرف، وزيادتها في الآونة الأخيرة لصالح مصر، بنحو 600 مليون دولار، مع ارتفاع الصادرات من الغاز الطبيعي.

ويدرس المجلس مطالبة حكومتي البلدين إعادة تشغيل خط الغاز العربي الذي بدأ تنفيذه عام 2007، والرابط بين مصر والأردن وسوريا ولبنان، لإعادة إصلاح ما أفسدته الحرب في سوريا، ومده بامتداد 120 كيلومتراً ليصل إلى الحدود التركية، ليكون مصدراً مهماً لتصدير الغاز المصري.

ولفت العجواني إلى زيادة صادرات الأسمدة إلى الأسواق التركية، مبيناً أن التوسعات الصناعية الضخمة في تركيا ستجعلها مستورداً دائماً للغاز المسال من مصنعي دمياط وأدكو شمال دلتا نهر النيل.

وكان رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأتراك نهاد أكينجي قد صرح لـ"العربي الجديد" سابقاً، بأن الفترة القادمة ستشهد إقبالاً كبيراً من رجال الأعمال الأتراك على إقامة مشروعات صناعية، وخاصة تلك المرتبطة بصناعة النسيج والملابس الجاهزة، في ظل الزيادة الكبيرة بأسعار العمالة والكهرباء والغاز والتشغيل في تركيا، مع انخفاض نظيرتها بمصر.

وأوضح أن وفداً من رجال الأعمال الأتراك سيزور القاهرة في يوليو/تموز الجاري، لمناقشة الفرص الاستثمارية الجديدة، ومقابلة المستثمرين الأتراك أصحاب الخبرات السابقة، للتعرف عن قرب على فرص الاستثمار، واستكمال ما بدأته الدولتان من تعاون اقتصادي، وتوقف خلال السنوات الماضية.

ويبحث المجلس إعادة إحياء مبادرات الاستثمار بين البلدين، في ظل توقع طفرة نمو للعلاقات السياسية والاقتصادية، وزيادة عدد السائحين، تشمل إعادة تدوير القمامة والمخلفات الصلبة لإنتاج الكهرباء والأسمدة العضوية، وتطوير المناطق العشوائية، عبر شركات مقاولات خاصة، تتحمل عبء الاستثمار، نيابة عن الدولة، مقابل الانتفاع بجزء من الأراضي لإقامة مشروعات تجارية، وتطوير صناعة النسيج كثيفة العمالة.

كما ناقش إمكانية عودة اتفاقية المرور الحر للمنتجات التصديرية بين تركيا ومصر بحراً وبراً، لتنقل إلى الخليج العربي، التي توقفت عام 2014، وانتقلت إلى إسرائيل، مع تطوير الاتفاقية بحيث تصبح مصر دولة عبور للنقالات في رحلة الذهاب، وتعود لتركيا محملة بالبضائع المصرية.

واتفق الرئيسان التركي والمصري خلال اتصال هاتفي بينهما، على عودة فورية للعلاقات بين البلدين، ورفع مستوى العلاقات الدبلوماسية إلى مستوى السفراء، عقب فوز أردوغان بالانتخابات الرئاسية مايو/ أيار الماضي، بعد توتر دام 10 سنوات، إثر الإطاحة بالرئيس المدني المنتخب محمد مرسي، في يوليو 2013. ويحاول البلدان القفز على المواقف المتباينة بينهما، بشأن ترسيم الحدود البحرية في منطقة شرق البحر المتوسط الغنية بالغاز.

المساهمون